كيف تحاول روسيا استغلال الاتفاق النووي الإيراني لصالحها؟

آية سيد
روسيا تحاول استغلال محادثات إيران النووية

يتحدث المحللون عن فشل بوتين الاستخباراتي في أوكرانيا ومحاولة روسيا استغلال الاتفاق النووي الإيراني للتهرب من العقوبات.


دخلت الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثالث ويراقب المحللون والباحثون تطوراتها على الأرض وتأثيرها في العلاقات الدولية.

وفي جولة سريعة في المراكز البحثية نتعرف كيف تؤثر الحرب في الاتفاق النووي الإيراني، وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي تقليل اعتماده على الغاز الروسي، في ضوء العقوبات الاقتصادية على روسيا من أوروبا وأمريكا من جراء حربها مع أوكرانيا.

هل فشل بوتين استخباراتيًّا؟

مراسل الإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر” في موسكو، لوسيان كيم، رأى في تحليله المنشور على موقع مركز ويلسون الدولي في 11 مارس الحالي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل فشلًا استخباراتيًّا كبيرًا في أوكرانيا، وأن حجم حساباته الخاطئة سيبدأ في التكشف. وقال “كلما طالت الحرب في أوكرانيا ستفرض المزيد من المخاطر الجديدة على روسيا وعلى بقاء نظام بوتين”.

وأضاف كيم أن بوتين نجح في خداع شعبه بشأن الحرب، فأقنع نفسه بأن القوات الروسية ستخلع الحكومة الأوكرانية وتنصب نظامًا عميلًا. لكن الأمور لا تسير وفقًا للخطة، وهذا يدل على أن بوتين يصدق دعايته حول أوكرانيا، أو أن أجهزة استخباراته تفتقر إلى الكفاءة لدرجة جعلتها تستخف بالروح القتالية للأوكرانيين، أو أن جنرالات بوتين يعلمون الوضع الحقيقي على الأرض لكن لا يملكون الجرأة لإخباره.

هزيمة محققة

ذكر كيم أن الهزيمة ليست خيارًا لدى بوتين، لأنه يصوّر معركة أوكرانيا قتالًا وجوديًّا لإبعادها عن حلف الناتو. ولفت الكاتب إلى أنه حتى قبل ضم القرم رأى الكثير من الأوكرانيين الناتو تهديدًا أكثر من كونه حماية، وكان القانون الأوكراني ينص على عدم الانحياز. وأفاد أن الفشل الاستخباراتي لبوتين يكمن في عجزه عن فهم الدولة التي أصبحت عليها أوكرانيا بعد 30 عامًا من الاستقلال.

وأوضح “لقد صنع الشعب الأوكراني هوية مدنية مميزة، والثلاث ثورات الشعبية التي شهدتها أوكرانيا “حركة الاستقلال 1991 والثورة البرتقالية 2004-2005 وثورة الكرامة 2013-2014” علَّمت الأوكرانيين أن يدافعوا عن حقوقهم ويتولوا مصيرهم بأنفسهم. واختتم كيم بأن إساءة فهم بوتين للأوكرانيين ستؤدي إلى الهزيمة، وأنه خسر الحرب أخلاقيًّا والهزيمة في ميدان المعركة ستكون باهظة التكلفة.

هل تؤدي الشراكة الروسية الصينية إلى حرب باردة جديدة؟

رأى أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني بواشنطن والزميل بمركز تحليل السياسات الأوروبية، أندرو نوفو، في تحليل له في 11 مارس الحالي أن الناتو وشركاءه يخشون من التصعيد النووي. وقال إنه في ظل غياب خيار التدخل العسكري سيصارع صنّاع السياسة الغربيون لإيجاد طرق تلغي مكاسب بوتين على الأرض، وأن الضغط الاقتصادي والسياسي سيكون له تأثير محدود بسبب الشراكة بين الصين وروسيا.

وذكر الكاتب أنه في حالة دخول حرب باردة جديدة سيواجه الغرب روسيا والصين، لكن الصين ستكون الشريك الأكبر. وفي حين أنها التزمت الحياد تجاه الحرب لم تفرض الصين عقوبات اقتصادية على روسيا مثل الحكومات الغربية. ذلك أن الصين وروسيا أعلنتا عن صفقات نفط وغاز بقيمة 117.5 مليار دولار في 4 فبراير الماضي. فالتجارة مع الصين توفر لروسيا شريان حياة اقتصادي مهمًّا يسمح لها بتحمل العقوبات الغربية.

لماذا تربط روسيا عقوبات أوكرانيا بالاتفاق النووي الإيراني؟

قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة هيرتيج الأمريكية، جيمس فيليبس، في تحليل بتاريخ 9 مارس الحالي: “روسيا تحاول استغلال محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لتقويض العقوبات التي فرضتها أمريكا على روسيا. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد طلب يوم السبت 5 مارس ضمانات بأن هذه العقوبات لن تؤثر في العلاقات التجارية والاقتصادية في الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني”.

وأضاف فيليبس أن هذه المطالب تهدف إلى خلق باب خلفي دبلوماسي لتمكين موسكو من التهرب من العقوبات. فبموجب بنود الاتفاق النووي 2015 تحصنت روسيا من العقوبات الأمريكية على إيران، لكي تزيل اليورانيوم المخصب من إيران وتدعم العمليات في محطات الطاقة النووية المدنية في إيران. ويسعى لافروف إلى كسب مزيد من الضمانات التي ستفتح ثغرات كبيرة في العقوبات الغربية ضد روسيا.

قلق إيراني من المطالب الروسية

ذكر فيليبس أن المسؤولين الإيرانيين أعربوا عن قلقهم من المطالب الروسية، وقال مسؤول إيراني رفيع المستوى: “هذه الخطوة ليست بناءة لمحادثات فيينا”. وأشار فيليبس إلى أن قلق طهران من هذه الخطوة الانتهازية الروسية يعكس أن إيران تُثمّن بشدة فوائد الاتفاق النووي الذي ينطوي على فرض قيود مؤقتة على تخصيب اليورانيوم مقابل الرفع الدائم للعقوبات.

وأوضح الكاتب أنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها رفض محاولة روسيا اختطاف مفاوضات إيران من أجل دفع أجندة بوتين العدائية، وإذا استمرت موسكو في جهود الابتزاز الدبلوماسي يتعين على واشنطن الانسحاب من محادثات فيينا النووية. ولفت الكاتب إلى أن هذه الخطوة ستمنع بوتين من الاستفادة من رفع العقوبات، وستُجنّب واشنطن الوقوع في فخ دخول اتفاق نووي آخر معيب وخطير مع إيران.

البحث عن بدائل للغاز الروسي

أفاد تحليل لمؤسسة جيمس تاون فاونديشين الأمريكية في 9 مارس الحالي، أن أوروبا لديها خيارات يمكنها تعويضها عن الغاز الروسي، وهي أولًا أمريكا التي بلغت صادراتها إلى أوروبا في 2021 الماضي 22 مليار متر مكعب. ثانيًا قطر، ووفقًا لمصادر غير رسمية فإنها مستعدة لزيادة الصادرات إلى أوروبا إذا حققت بروكسل دخول الاتحاد الأوروبي في عقود طويلة الأمد وإسقاط بروكسل للتحقيق حول مزاعم احتكار بحق شركة “قطر إنرجي”، والذي توقف فعليًّا في منتصف فبراير الماضي.

ثالثًا أستراليا التي أعربت عن استعدادها للبدء في التصدير إلى أوروبا في حالة وجود مشكلات في الإمدادات الروسية. رابعًا تستطيع  أوروبا التوجه إلى قارة إفريقيا ومنها الجزائر وأنجولا وتنزانيا ونيجيريا وموزمبيق. خامسًا منطقة شرق المتوسط وأفضل الخيارات إسرائيل ولبنان وقبرص.

 

ربما يعجبك أيضا