كيف تتفكك وحدة أوروبا؟ مؤشرات من «زيارة القادة الثلاثة» لأوكرانيا

أحمد ليثي

لم ينتقد أي من قادة الاتحاد الأوروبي أو دبلوماسييه زيارة رؤساء وزراء بولندا وسلوفينيا والتشيك لكييف علنًا، لأنها حظيت بشعبية واسعة في جميع أنحاء أوكرانيا.. لكن ما حقيقة تقبل الاتحاد للأمر؟


عاد، أمس الجمعة، رؤساء وزراء بولندا وسلوفينيا والتشيك، من زيارتهم للرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في كييف منذ الثلاثاء الماضي.

يقول موقع وورلد بوليتيكس ريفيو الأمريكي، في تقريره المنشور، أول من أمس: “ذهاب القادة الثلاثة إلى أوكرانيا بمبادرة أحادية من جانبهم مثلت أنباء مقلقة للوحدة القارية التي تظهر داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي منذ الحرب الروسية الأوكرانية”.

هل كان القادة الثلاثة يمثلون الاتحاد الأوروبي؟

صرح القادة الثلاثة بزيارتهم علنًا في أثناء عبورهم إلى أوكرانيا بالسكك الحديدية، لكن هذه الأنباء مثلت صدمة للعديد من الدبلوماسيين في بروكسل، الذين لم يعلموا بالزيارة، تخوفًا من احتمال محاصرتهم في مدينة كييف التي تطوقها القوات الروسية، وهي خطوة وصفتها قناة “سي إن إن بالساذجة”، في حين انتقدهم الرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية الأوكرانية عندما أعلنوا رحلتهم.

من جهتهم، أعلن القادة الثلاثة أنهم يمثلون الاتحاد الأوروبي، وقالوا لوسائل إعلام محلية إن زيارتهم حظيت بتأييد زعماء الاتحاد الأوروبي. فيما أوضح المتحدث باسم المفوضية أن رئيس الوزراء البولندي أبلغ بصفة خاصة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، تشارلز ميشيل، بشأن “زيارة محتملة إلى كييف”.

هل عرف الاتحاد الأوروبي سفر القادة الثلاثة؟

أبلغ رؤساء الوزراء الثلاثة رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لين، بخطط رحلتهم في الليلة التي سبقت مغادرتهم إلى كييف، وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن الزيارة كانت مبادرة من رؤساء الوزراء الثلاثة من دون تفويض من المجلس الأوروبي، الذي أشار إلى المخاطر الأمنية لمثل هذا السفر، مع الاعتراف بالحاجة إلى إظهار الدعم لأوكرانيا.

من جانبهم، لم ينتقد أي من قادة الاتحاد الأوروبي أو دبلوماسييه الزيارة علنًا، لأنها حظيت بشعبية واسعة في جميع أنحاء أوكرانيا، لكن القلق انصب على ما إذا كان القادة يتحدثون نيابة عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل الدبلوماسيين ينتظرون بقلق ليروا ما سيقوله السياسيون البولنديون ورئيس الوزراء السلوفيني، يانيز جانسا، صاحب التاريخ في الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل.

لماذا أثارت الزيارة قلق الاتحاد الأوروبي؟

صدم كاتشينسكي بروكسل وواشنطن عندما دعا إلى إرسال قوات برية تابعة لحلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا، وهي تصريحات مثلت قلقًا في بروكسل، لأنها يُنظر إليها على أنها قرارات يقرها الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن تتسبب، عن غير قصد، في صراع أوسع بين حلف الناتو وروسيا، ما جعل الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، يشير إلى أن أعضاء الحلف متفقون على عدم نشر قوات برية أو في المجال الجوي لأوكرانيا.

من جهتها، يبدو أن أوروبا الغربية تتجه نحو مواقف أكثر عدوانية تجاه روسيا، لكن هذا لا يلغي التوتر المتزايد من أن بولندا يمكن أن تثير التصعيد الذي حذر منه ستولتنبرج. لأن الحكومة اليمينية المتشددة في وارسو دخلت في نزاع حول سيادة القانون مع بروكسل خلال الأشهر القليلة الماضية، ما أثار مخاوف من أن حزب القانون والعدالة الحاكم سيستغل الفرصة لزيادة تآكل سيادة القانون في بولندا.

هل توجد خطوات مقبلة؟

أعلن الأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرج أمس أنه يدعو إلى اجتماع استثنائي لقادة الناتو في بروكسل الأسبوع المقبل، ومن المتوقع أن يحضر الرئيس الأمريكي جو بايدن الاجتماع مع قادة آخرين في الناتو، لمناقشة المساعدات العسكرية قصيرة المدى لأوكرانيا، وإعادة تنظيم التحالف على المدى الطويل لتعزيز قدراته، خاصة مع وجود 100 ألف جندي أمريكي في أوروبا.

يقول عظيم إبراهيم في تقريره المنشور في فورين بوليسي أوائل هذا الشهر، إن مثل هذا العدد يجعل بعض الحكومات في أوروبا متوترة، خاصة في فرنسا، على الرغم من تفاؤلها، لأن نظراءها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو التزموا أخيرًا بإنفاق المزيد على الدفاع، لكنها تعتقد أن الأوروبيين سيظلون معتمدين على الولايات المتحدة الأمريكية إذا حدثت زيادة الإنفاق ضمن أطر الناتو الحالية.

مصادر الطاقة كلمة السر

بحسب ليونيل لوران في تقريره بجريدة بلومبرج الأمريكية، تستمر مخاوف الطاقة في أوروبا وسط الحرب في أوكرانيا، ولا تزال وزارة الطاقة التابعة للمفوضية الأوروبية تريد التخلص من اعتمادها على روسيا، بوصفها مصدر واردات الطاقة، مع التركيز على استيراد الغاز الطبيعي المسال عن طريق البحر، وبالفعل وافقت المفوضية على تقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي بمقدار الثلثين نهاية 2022.

من جهتها، ستعلن اللجنة المزيد من المقترحات في الأسابيع المقبلة، لكن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو لا تشمل قيودًا على نقل تقنيات الطاقة، لذلك لا يوجد ما يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي سوف يحذو حذو واشنطن في حظر واردات النفط والغاز الروسي، لأنه يحصل على ما يقرب من 45% من غازه و25% أخرى من نفطه من روسيا.

ربما يعجبك أيضا