«نأخذ من الجوعى للأكثر جوعًا».. مآزق وكالات الإغاثة في العالم بسبب أوكرانيا

آية سيد

تعاني منظمات الإغاثة الإنسانية من أجل توفير الدعم لدول مثل أفغانستان واليمن وجنوب السودان وإثيوبيا التي تواجه أزمات اقتصادية وغذائية، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الصعوبات أمام منظمات الإغاثة.


فرضت الحرب الروسية الأوكرانية ضغطًا هائلًا على المساعدات الدولية المتقلصة، وتركت وكالات الإغاثة، التي تعمل في دول تشهد حالات طارئة مُلحة، تواجه قرارات صعبة بشأن كيفية إنفاق أموالها.

ووسط الحاجة المتزايدة بسبب المساعدات التي تذهب إلى أوكرانيا، كشفت صحيفة الجارديان، في تقرير نشر يوم 17 مارس 2022، أن الوكالات التي تعمل في دول مثل اليمن وأفغانستان وجنوب السودان وإثيوبيا، اضطرت إلى خفض المساعدات التي تقدمها.. فماذا تغير؟

أفغانستان وانعدام الأمن الغذائي

أوضح تقرير الجارديان أن تجميد مساعدات التنمية لأفغانستان بعد استيلاء طالبان على الحكم، عام 2021، تسبب في غرق الاقتصاد المعتمد على المساعدات في أزمة إنسانية بائسة، في وقت يواجه نصف السكان انعدامًا في الأمن الغذائي، بينهم 8.7 مليون معرضين لخطر ظروف “شبيهة بالمجاعة”.

وذكر أن مناشدة الأمم المتحدة لجمع 4.44 مليار دولار، تلقت 13% فقط من التمويل اللازم منذ إطلاقها في يناير 2022، ويواجه برنامج الأغذية العالمي عجزًا بقيمة 525 مليون دولار في التمويل العاجل لمكافحة الجوع على مدار 6 أشهر مقبلة. وبحسب الأمم المتحدة فإن معظم الأفغان مثقل بالديون، و95% من العائلات لا يأكل ما يكفي من طعام، وكل أسرة تعولها امرأة لا تحصل على الغذاء الكافي.

إثيوبيا تختبر التسول وتقليل الوجبات

تسبب القتال في إقليم تيجراي، وما حوله في شمال إثيوبيا، في نزوح أكثر من مليوني شخص، بحسب الجارديان، وتحتاج الأمم المتحدة إلى أكثر من 300 مليون دولار لإكمال التمويل الذي تبلغ قيمته 957 مليون دولار، فهي تريد الوصول إلى 870 ألف إثيوبي كل أسبوع، لكنها وصلت إلى 740 ألف شخص فقط منذ منتصف أكتوبر 2021، وتعقّد الوضع بسبب صعوبة وصول وكالات الإغاثة إلى مخيمات النازحين.

وتقول الأمم المتحدة إن معظم العائلات في تيجراي لا تملك ما يكفي من الغذاء، وتتكيف مع الوضع بتقليل الوجبات أو بيع المحاصيل لسداد الديون أو التسول، ويوجد 454 ألف طفل يعانون من سوء التغذية في المنطقة، أكثر من 25% منهم يعاني من سوء تغذية حاد، وأيضًا تعاني 120 ألف امرأة حامل أو مُرضعة من سوء التغذية.

جنوب السودان في أسوأ أزمة جوع

يواجه جنوب السودان، وفقًا للأمم المتحدة، أسوأ أزمة جوع على الإطلاق. وحذرت المنظمة من أن 70% من شعبه سيصارعون لاجتياز الفترة القاحلة المقبلة، في وقت تنضب فيه الإمدادات. وذكرت أن نحو 8.9 مليون شخص من عدد السكان البالغ 11.4 مليون نسمة، يحتاجون إلى مساعدة بالفعل، لكن التمويل المخصص لجنوب السودان تنقصه 529 مليون دولار.

وأشار التقرير إلى أن الفترة القاحلة تبعها موسم الفيضان الذي كان شديدًا وممتدًّا على مدار السنوات الأخيرة، ما عرقل حركة المجتمعات والوكالات الإنسانية. وتفاقم الوضع بسبب الصراع الذي تشهده البلاد، لذلك لجأت المجتمعات المحلية إلى تدبير أمرها عبر نهب إمدادات المساعدات ومهاجمة عمال الإغاثة.

اليمن يعاني من تقليل المساعدات

ذكر التقرير أن الاحتياجات في اليمن تتصاعد بعد 7 سنوات من الحرب، والأزمة الاقتصادية التي أغرقت الكثير في الديون، وتهديد الجراد الصحراوي الذي يدمر المحاصيل. وأشار إلى أن معاناة ضحايا الحروب والأزمات الإنسانية التي تغذيها الصراعات استمرت في أثناء جائحة كورونا، وأن إنفاق الجهات المانحة الدولية انخفض، ما أجبر العاملين في المجال الإنساني على تقليل المساعدات.

وارتفع عدد المحتاجين إلى المساعدة بأكثر من مليون شخص، ليصل إلى 17.4 مليون شخص هذا العام، وتفيد التقديرات بأنه سيرتفع بأكثر من مليون شخص بنهاية 2022. وقال برنامج الأغذية العالمي، يوم الثلاثاء الماضي 15 مارس 2022، إنه يواجه فجوة في تمويل مساعدات الغذاء بقيمة 900 مليون دولار، وإنه حقق 11% فقط من هدف التمويل الخاص به.

ارتفاع عدد الأشخاص الأكثر احتياجًا

تعهدت جهات مانحة، بحسب التقرير،  يوم الأربعاء، بتخصيص 1.3 مليار دولار لليمن، لكن هذا المبلغ يقل 3 مليارات دولار عما تقول الأمم المتحدة إنه مطلوب. ووفقًا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) الذي يستخدمه العاملون في المجال الإنساني، يواجه ما يُقدّر بـ31 ألف شخص مستويات كارثية من الجوع، وهذا الرقم قد يرتفع إلى 161 ألفًا بحلول يونيو 2022.

وذكر التقرير أن برنامج الأغذية العالمي خفّض بالفعل الحصص الغذائية لـ8 ملايين شخص، وحذرت الوكالة الأممية من حدوث المزيد من التخفيضات في ظل ارتفاع أعداد الأشخاص الأكثر احتياجًا واستمرار نقص المساعدات. وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي: “ليس أمامنا خيار سوى أخذ الطعام من الجوعى ومنحه للمتضورين جوعًا”.

المساعدات الغذائية إلى أوكرانيا

كشف تقرير منفصل للجارديان، يوم 17 مارس 2022، أن هدف برنامج الأغذية العالمي دعم 3.1 مليون شخص في أوكرانيا بأنواع مختلفة من المساعدات، سواء في صورة خبز أو حصص غذائية أو مساعدات مالية في بعض الأماكن، مثل مدينة لفيف، حيث تعمل المحال ويتوافر الطعام.

وذكر التقرير أن الوكالة تواصلت بالفعل مع عدد من المخابز في كييف وخاركيف للحفاظ معًا على إمدادات الخبز، في وقت يناشد فيه برنامج الأغذية العالمي لجمع 590 مليون دولار لتمويل عمله المتعلق بالأزمة الأوكرانية، ويحاول الوصول إلى المدن التي تحت القصف، لكن المهمة ليست سهلة لأن القوافل الإنسانية معرضة للهجمات العشوائية، إضافة إلى انقطاع سلاسل الإمداد في الكثير من المناطق.

وضع اللاجئين الأوكرانيين

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في بيان، أن 3 ملايين و169 ألفًا و897 أوكرانيًّا لجؤوا إلى بلدان مجاورة، ولجأ أكثر من 50% منهم إلى بولندا خلال الفترة بين 24 فبراير و16 مارس 2022.

وأشارت المفوضية إلى لجوء مليون و916 ألفًا و445 أوكرانيًّا إلى بولندا، و491 ألفًا و409 إلى رومانيا، و350 ألفًا و886 إلى مولدوفا، لافتة إلى أن 50 ألف شخص عبروا إلى روسيا في الفترة بين 18 و23 فبراير من منطقتي دونيتسك ولوجانسك شرقي أوكرانيا، وبيّنت أن مئات الآلاف من الذين عبروا نحو دول الجوار توجهوا بعدها إلى بلدان أوروبية أخرى.

ربما يعجبك أيضا