انسحاب أمريكا من أفغانستان والتحولات الاستراتيجية في آسيا وتعاونها الدبلوماسي مع الهند والصين.. واتفاق إيران النووي

آية سيد
علم الهند

لماذا بدأت الهند والصين التعاون الدبلوماسي مع جمهوريات آسيا الوسطى؟ ولماذا تعثرت المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني؟ وهل يمكن مد الشراكة الأمريكية-الهندية إلى الشرق الأوسط؟ جولة في المراكز البحثية


دفع الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان بعض الدول الآسيوية إلى تغيير استراتيجياتها تجاه الدولة الأفغانية.

وفي جولة في بعض المراكز البحثية نستعرض لماذا بدأت الهند والصين التعاون الدبلوماسي مع جمهوريات آسيا الوسطى، وسبب تعثُّر المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وهل يمكن مد الشراكة الأمريكية-الهندية إلى الشرق الأوسط.

أهمية آسيا الوسطى للصين والهند.. وما الصيغة التي أطلقتها بكين؟

رأى تحليل نشره منتدى شرق آسيا، في 2 إبريل 2022، أن جمهوريات آسيا الوسطى، وهي كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، تحتل مكانة مهمة في إطار العمل الجيوسياسي للهند والصين. ولذلك بدأت كل من الهند والصين موجة جديدة من المشاركات الدبلوماسية مع تلك الجمهوريات، بعد الإعلان عن الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان.

وأشار التحليل إلى صيغة “5+1” التي أطلقتها الصين في يوليو 2020، مع جمهوريات آسيا الوسطى، والتي ركز اجتماعها الأول على كوفيد-19 والتجارة والاستثمار. في حين أن الاجتماع الثاني، الذي انعقد في 12 مايو 2021، ركز على التعاون وكوفيد-19 وتبنِّي نهج سياسي شامل في التعامل مع أفغانستان. وفي 25 يناير 2022 عقد الرئيس الصيني قمة افتراضية مع قادة آسيا الوسطى لبحث التعاون في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي.

الهند وصيغة “5+1”.. والانسحاب الأمريكي من أفغانستان

بالنسبة إلى الهند، كانت آخر زيارة لرئيس وزراء الهند إلى آسيا الوسطى في 2015، ثم انعقد ثاني اجتماع بصيغة “5+1” في 10 نوفمبر 2021، وانعقد الاجتماع الثالث في ديسمبر 2021. وذكر التحليل أن الهند عقدت أول اجتماع افتراضي لقمة الهند-آسيا الوسطى، بعد يومين من اجتماع الصين، وبحثت فيه التطورات في أفغانستان وتطور ميناء جابهار في إيران.

ولفت التحليل إلى أنه بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والغموض المحيط بسلوك نظام طالبان، كوّنت الصين ترتيب 5+1 لتوفير عازل على حدودها الغربية. وكان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عاملًا مهمًّا أيضًا لتعامل الهند مع جمهوريات آسيا الوسطى. فبعد الانسحاب الأمريكي، أصبح التعامل مع جمهوريات آسيا الوسطى ضرورة للهند من المنظور التجاري والأمني.

لماذا تعثرت مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني؟

نشر موقع ذا استراتيجيست، التابع لمعهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي تحليلًا، في 1 إبريل 2022، تحدث فيه عن نقطتي الخلاف الرئيستين لتوقف المفاوضات النووية الإيرانية، وهما الاتفاق على أي عقوبات ستُرفع وإنشاء عملية للتحقق من رفعها بالفعل. وبحسب التحليل، أرادت إيران رفع العقوبات عن ثلاث فئات، إحداها متعلقة بخطة العمل المشتركة مباشرة، والأخرى متعلقة بالعقوبات المصنفة تحت ذرائع أخرى، مثل حقوق الإنسان.

هذا بالإضافة إلى العقوبات المفروضة لأسباب أخرى على الأفراد، مثل القيادة الإيرانية، والمنظمات، مثل الحرس الثوري الإيراني، والشركات، مثل شركات الصناعات الدفاعية. وأشار التحليل إلى أنه من المستبعد أن تتنازل أمريكا في الفئة الثالثة من العقوبات، لكن يوجد مجال لذلك في الفئة الأولى وبعض النجاحات في الثانية. وختامًا، أفاد التحليل أنه من المتوقع أن يكون نقص النفط والغاز بسبب العقوبات الروسية طويلة الأمد.

مد الشراكة الهندية-الأمريكية إلى الشرق الأوسط

نشرت مؤسسة هوفر تحليلًا، في 2 مارس 2022، للباحث حسن الحسن، رأى فيه أن الاجتماع بين الهند وأمريكا وإسرائيل والإمارات في أكتوبر 2021 رفع الآمال بأن الشراكة بين أمريكا والهند في منطقة الهندي-الهادئ، قد تمتد إلى الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي تُحوّل واشنطن انتباهها فيه ومواردها إلى المنافسة مع الصين وروسيا، يأمل الخبراء الاستراتيجيون الأمريكيون في الاعتماد على شركاء أمريكا ليتحملوا جزءًا كبيرًا من عبء الأمن الإقليمي.

ولفت الباحث إلى أن الهند لها قدر كبير من المصالح الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط، وتتمثل في أنها تحصل على أكثر من 58% من واردات النفط الخام من المنطقة، التي تُعد موطنًا لنحو 9 ملايين هندي أيضًا، والذين يمثلون أكثر من 50% من الحوالات المالية الوافدة.

تحديد سبل التعاون الرباعي

حددت المباحثات الرباعية “التجارة ومكافحة تغير المناخ والتعاون في مجال الطاقة وزيادة الأمن البحري والعلاقات على مستوى الشعوب في العلوم والتكنولوجيا وكيفية دعم الصحة العامة العالمية في ما يتعلق بجائحة كوفيد-19” بوصفها مجالات محتملة للتعاون في المنطقة، بحسب بيان أمريكي.

وأشار الباحث إلى أن الأمن البحري في منطقة غرب المحيط الهندي، يبدو مجالًا واعدًا للتعاون الرباعي، فقد أعربت الهند عن استعدادها للعمل مع القوى الغربية في المنطقة، بالإضافة إلى أنها عمّقت شراكاتها البحرية مع دول الخليج العربي. وبالنسبة إلى العلوم والتكنولوجيا، فإن أحد سبل التعاون قد يكون في تكنولوجيا الطاقة النظيفة والمتجددة وتكنولوجيا الفضاء.

حدود الشراكة الأمريكية-الهندية في الشرق الأوسط

ذكر الباحث أنه بسبب التصور المختلف للتهديدات في الشرق الأوسط ومنطقة غرب المحيط الهندي، فإنه يُستبعد أن يحوّل إطار العمل الرباعي الهند إلى شريك أمني موثوق لأمريكا في المنطقة. ولفت أيضًا إلى أن الهند ترفض الموقف الأمريكي من إيران، التي تعدها شريكًا مهمًّا في مجال الطاقة وفي أفغانستان. والجيل الأكبر من قادة ودبلوماسيي الهند يرون التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط محركًا رئيسًا للاضطراب.

وبالإضافة إلى هذا، سعت الهند جاهدة لتجنب الانجرار في الخصومات أو الديناميكيات الأمنية الشرق أوسطية، والتقارب مع الولايات المتحدة في المنطقة يخاطر بإخلال التوازن الذي حافظت عليه الهند طويلًا. وفقًا للباحث. وأشار إلى أنه من غير المرجح أن تصبح الهند شريكًا جيو-اقتصاديًّا رئيسًا لأمريكا في المنطقة، لأن الجهود الأمريكية السابقة لإقامة منطقة تجارة حرة في الشرق الأوسط فشلت إلى حد كبير.

ربما يعجبك أيضا