كيف تستخدم الصين شركاتها للسيطرة على الجزر الاستراتيجية؟

آية سيد

تسعى الصين لبناء موطئ قدم بحري في جنوب المحيط الهادئ في الوقت الذي تحاول تحدي هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.


تحاول الصين منافسة الهيمنة الأمريكية عن طريق تمديد نفوذها في منطقة المحيط الهادئ، ويقول المحللون إن الحكومة توجه الشركات المملوكة للدولة بصرامة لدعم أهداف سياستها الخارجية.

في هذا السياق، أوردت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية تقريرًا، في 11 إبريل 2022، عن الشركات الصينية التي تحاول شراء جزر استراتيجية في المحيط الهادئ. وبحسب التقرير، العديد من هذه الشركات لها روابط وثيقة بقوات الأمن الصينية أو بأجزاء أخرى من أجهزة الدولة.

محاولات الصين للاستثمار في جزر سليمان

أفاد التقرير بأن المحاولات الصينية بدأت منذ 3 سنوات عندما حاول نائب رئيس شركة “تشاينا سام إنتربرايز جروب”، شو تشانجيو، التفاوض على عقد إيجار لمدة 75 عامًا لجزيرة تولاجي في جزر سليمان. ورغم عدم إتمام الصفقة، لكنها أثارت شكوك الحلفاء الغربيين لجزر سليمان، في أن الصين تتطلع لبناء قاعدة عسكرية في المكان الذي استضاف من قبل القوات البحرية البريطانية واليابانية والأمريكية.

وفي إبريل 2020، سجل رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوجافارا، سام جروب، كمستثمر أجنبي في جزر سليمان، وبعد 5 أشهر، اشتركت سام جروب في محاولة أخرى مع شركة “أفيك إنترناشيونال” التابعة للدولة الصينية، وزعم خطاب أن الشركتين تنويان دراسة “فرص تطوير مشروعات بحرية وبنية تحتية على أرض مستأجرة لصالح البحرية الصينية، بحقوق حصرية لـ75 عامًا”.

مبادرات تهدف إلى شيء أكبر

وفقًا للتقرير، اتضح لاحقًا أن مبادرات الشركات الصينية كانت نذيرًا لشيء أكبر، ففي الشهر الماضي، كشفت وثائق مسربة أن بكين وهونيارا صاغتا اتفاقًا أمنيًا سيسمح للبحرية الصينية بزيارة موانئ جزر سليمان للتزود بالخدمات اللوجستية، وتجديد الإمدادات، وتناوب الأفراد.

هذه المسودة وجهود شو السابقة كشفت عن شيئين. أولًا، تسعى الصين لبناء موطئ قدم بحري في جنوب المحيط الهادئ في الوقت الذي تحاول تحدي هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وثانيًا، تُظهر هذه الجهود الطريقة المعقدة التي تعمل بها الشركات الصينية في بعض الأحيان بما يتماشى مع الحكومة وطموحاتها الجيوسياسية.

شراء أراضي في مواقع حساسة

وبحسب فاينانشيال تايمز، عرض مستثمرون صينيون عقود إيجار طويلة أو حاولوا شراء أجزاءً كبيرةً من الأراضي في مواقع حساسة، تقع بعضها بالقرب من حلفاء الولايات المتحدة، أو المنشآت العسكرية، أو على جزر واقعة على طول ممرات اتصال بحرية رئيسة، أو تطل على مضائق وقنوات مهمة، ما جعل الكثير من الحكومات تبني انطباعًا بأن هذه الشركات الخاصة تفسح الطريق لمصالح الصين.

المنافسة الجيوسياسية بين الصين والغرب

ذكر التقرير أنه في ظل اشتداد المنافسة الجيوسياسية بين الصين والغرب، تصارع الولايات المتحدة وحلفاؤها للرد على هذا التكافل، وقال الأستاذ المساعد بجامعة هاواي، تارشيسيوس كابوتاولاكا، أن “نهج الإنكار الاستراتيجي لن ينجح مع الصين، لأن شركاتها كانت موجودة هناك قبل أن تأتي الدولة”.

وبين التقرير أن إحدى السمات البارزة لجهود الصين لشراء الأراضي هي أن بعض الشركات كانت تعقد صفقات في دول ليس بها سفارة صينية، فقط لأنها تحافظ على علاقات دبلوماسية مع تايوان، فعلى سبيل المثال، غيّرت جزر سليمان الاعتراف من تايبيه إلى بكين في 2019 لكن تواجد الشركات الصينية هناك يرجع إلى 2015.

محاولات الشركات الصينية في السلفادور

وفقًا للتقرير، يمكن ملاحظة نفس النمط في أمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبي، فتمتلك تايبيه بعض آخر ما تبقى لها من شركاء دبلوماسيين. في السلفادور، عرضت شركة “شوانهاو آسيا-الهادئ” (إيه بي إكس) في 2018 استئجار ميناء “لا يونيون”، المبني بأموال يابانية، لـ50 عامًا وتوسيعه. وفي الوقت نفسه، كانت الحكومة الصينية تتفاوض لكي تغير الدولة اعترافها من تايبيه إلى بكين.

ولاحقًا، وسّعت إيه بي إكس عرضها ليشمل بناء سلسلة من المناطق الاقتصادية الخاصة، التي ستتطلب عقد إيجار لمدة 100 عام لسُدس أراضي الدولة ونصف خطها الساحلي. لكن الحكومة الأمريكية شنت حملة ضد النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، وحظر برلمان السلفادور بيع الجزر لمستثمرين أجانب ما منع السيطرة على مناطق مهمة قبالة ساحل خليج فونسيكا.

لكن بعض الوثائق الحكومية والتقارير المحلية، أشارت إلى أن تاجر سلفادوري صيني المولد، اسمه يانج بو، استحوذ على أكثر من نصف أراضي إيسلا بريكو، الواقعة بالقرب من الميناء الذي يشمله الحظر نظريًا.

خطط طموحة في ممرات بحرية استراتيجية

لفت التقرير إلى أن السمة البارزة الأخرى هي الخطط الطموحة التي قدمتها بعض هذه الشركات لتطوير مشروعات في مجالات لا تملك خبرة فيها. ففي أغسطس 2019، عرضت “فونج شي”، وهي مشروع مشترك بين مجموعة عقارات صينية ومستثمرين من أصل صيني في الفلبين، السيطرة على جزيرة فوجو في مضيق لوزون وبناء “مدينة ذكية” هناك.

وشدد التقرير على الأهمية الاستراتيجية لجزيرة فوجو، فتمر سفن البحرية الصينية وسفن الولايات المتحدة وحلفائها من خلالها عند العبور بين بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ، مشيرًا إلى أنه نظرًا للعلاقات المعقدة بين الشركات والدولة الصينية، تزداد الأمور صعوبة على الحكومات في الكثير من الدول النامية التي تستهدفها الشركات بعروضها.

ربما يعجبك أيضا