ماكرون ضد لوبان.. ماذا يحدث قبل الجولة الحاسمة بالانتخابات الفرنسية؟

رنا أسامة

يرى ناخبون فرنسيون يساريون أن لوبان "خطيرة" وينظرون لماكرون على أنه "رئيس الأثرياء".


فاز الرئيس الفرنسي المُنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، بأول جولة في الانتخابات الفرنسية، في نتيجة رأتها صحيفة لوموند غير مُستغربة، وسيواجه زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بجولة ثانية.

ومع فرز أكثر من 90% من الأصوات في الجولة الأولى التي تنافس فيها 12 مُرشحًا على رئاسة فرنسا، أظهرت التوقعات أن ماكرون حصد من 28 إلى 29% من الأصوات، مقابل ما بين 22 إلى 24% للوبان. وحلّ مرشح اليسار المتطرف، جان لوك ميلينشون، ثالثًا بـ22،2% فماذا يحدث قبل الجولة الحاسمة في 24 أبريل الحالي؟

دعوة إلى تجمعين حاشدين

فور إعلان نتائج أولى جولات انتخابات الرئاسة الفرنسية، دعا المرشحان النهائيان إلى تجمعين حاشدين. شكر ماكرون المرشحين الخاسرين الداعين لقطع الطريق أمام مرشحة اليمين المتطرف. وقال لمؤيديه: “لم يتحدد شيء. النقاش خلال الأسبوعين المقبلين سيكون حاسمًا لبلدنا ولأوروبا”. أما لوبان فحضّت كل من لم يصوّت لماكرون على الانضمام إليها، قائلة إن التصويت النهائي سيكون “خيارًا للمجتمع والحضارة”.

وبلغت نسبة المشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية 65%، بتراجع 4،4 نقاط مقارنة بانتخابات 2017 “69.42%”، بحسب أرقام وزارة الداخلية الفرنسية. في المقابل، يزيد هذا الإقبال 6،5 نقاط عن المُسجل عام 2002 “58.45%” عندما بلغ الامتناع عن التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات نسبة غير مسبوقة.

احتجاج طلابي: لا ماكرون ولا لوبان

احتج طلاب فرنسيون أمام جامعة السوربون في باريس وجامعات أخرى، تعبيرًا عن غضبهم وخيبة أملهم من نتيجة أولى جولات الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي أقصت جميع المرشحين اليساريين. بالإضافة إلى أن حركة “السترات الصفراء” احتجت هي الأخرى ضد اليمين المتطرف ونتائج الانتخابات.

احتجاجات طلاب فرنسيين على نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية

طلاب يحتجون أمام جماعة السوربون في باريس يوم  14 أبريل 2022 على نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية

 

وفي جامعة السوربون، احتشد بضع مئات من الطلاب مرددين هتافات: “إننا جميعًا مناهضون للفاشية”. وقال طلاب مُحتجون إنهم يفضلون الامتناع عن التصويت في جولة الإعادة على إعطاء أصواتهم لماكرون بهدف منع لوبان من الفوز، وسط مخاوف من عدم إجراء أي منهما ما يكفي لحماية الفقراء أو البيئة، كما أورد موقع فرانس 24 بتاريخ 14 إبريل الحالي.

لوبان “خطيرة” وماكرون “رئيس الأثرياء”

يرى ناخبون فرنسيون يساريون أن لوبان “خطيرة” لوعودها بخفض الهجرة وتشديد الرقابة والحد من الممارسات الدينية الإسلامية. كما ينظرون إلى ماكرون على أنه “رئيس الأثرياء” الذي انحرف كثيرًا نحو اليمين، لا سيّما بسبب سياساته المؤيدة للأعمال التجارية. وقالت طالبة مُحتجة تُدعى لولا: “لقد جرّبنا ماكرون ولم نحب ذلك. لا نريد تجربة لوبان، إنه احتمال بغيض”.

أما طالب العلوم، جابرييل فيرجنيس، فقال: “نظرًا لاهتمام الشباب بالقضايا البيئية، والقضايا الاجتماعية، والقضايا المناهضة للعنصرية والنسوية والمثليين، فمن الضروري جدًّا أن نجد مُرشحًا يمثلنا”. وأضاف: “لدينا الآن جولة ثانية بين مُرشحين يمينيين فقط، من أعداء العمال والشباب، لن نقبل 5 أعوام أخرى من التقشف والتلوث”، وفق فرانس 24.

جدل “لوباني- ماكروني” حول الحجاب

مع تكثيف الرئيس المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، ومنافسته لوبان تجمعاتهما الانتخابية، سعيًا إلى استقطاب أصوات اليسار خصوصًا، احتدم الجدل بينهما حول الحجاب، بعد تعهد زعيمة اليمين المتطرف بمنع ارتدائه في الأماكن العامة، مقابل رفض الرئيس المنتهية ولايته تلك الخطة.

مناهضة لوبان للحجاب

مارين لوبان ترد على محجبة  في زيارة مفاجئة لسوقفي بيرتوي، قرب مرسيليا في جنوب فرنسا، يوم 15 أبريل 2022. 

 

وبحسب فرانس 24، تتمسك المرشحة اليمينة المعادية للهجرة بتشددها حيال الحجاب، متعهدة بفرض غرامة على المحجبات في الأماكن العام، حال انتخابها، بل عزلهن ومحاكمتهن في بعض المناطق بفرنسا. وفي المقابل، يرى ماكرون أن سياساتها لا تختلف عن سياسات الجبهة الوطنية المتشددة التي أسسها والدها جان ماري لوبان، مُقدّمًا نفسه على أنه مدافع عن الحريات الدينية.

استمالة “ماكرونية” لليسار

ماكرون 1

منذ إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات، ضاعف ماكرون مبادراته حيال ناخبي اليسار والتيارات الاجتماعية. وعقد تجمعًا انتخابيًّا كبيرًا يوم 16 إبريل في مرسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية، وعد خلاله بجعل فرنسا “أول دولة كبرى” تتوقف عن استخدام النفط والفحم والغاز كمصادر للطاقة، في محاولة لاستمالة الناخبين من الشباب وأنصار البيئة الذين يخشى امتناعهم عن التصويت.

وقال ماكرون المُنتمي لتيار الوسط، إنه سيجعل رئيس وزرائه المقبل مسؤولًا عما سماه “التخطيط الأخضر”، محاولًا كسب الناخبين اليساريين، مستغلًّا مخاوف القرن الـ21 بشأن تغير المناخ. وأعرب عن رغبته في تخصيص يوم وطني للطبيعة في مايو كل عام. وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة إبسوس أن 33٪ من ناخبي اليسار يعتزمون التصويت لماكرون مقابل 16٪ للوبان و51% لم يقرروا موقفهم، وفق وكالة رويترز.

ماذا عن لوبان؟

لوبان 1

بالنسبة إلى اليمينية المتطرفة لوبان، لم يكن برنامجها لنهاية الأسبوع معروفًا، حتى مساء 15 إبريل، وظل جدول أعمالها غير مستقر. وأعربت عن تأييدها على نطاق واسع، العقوبات ضد روسيا، باستثناء ما يتعلق بإمدادات النفط والغاز. كما جدّدت اعترافها بـ”روسية” شبه جزيرة القرم، في موقف وصفه رئيس اللجنة البرلمانية لشبه جزيرة القرم، يوري غمبل، بأنه يحظى باحترام، وفق فرانس 24.

وخلال زيارة مفاجئة لسوق في بيروتوي، جنوب فرنسا، يوم 15 إبريل، تعرضت إلى مضايقات وسط هتافات مناهضة لها على غرار “مارين ارحلي”، و”عنصرية”. حينما سألها سكان عن موقفها من الهجرة أو حرب بوتين أو الحجاب الذي تنوي حظره، دافعت لوبان عن مشروعها “الراديكالي”، واصفة إيّاه بأنه “معقول جدًّا”.

مستقبل فرنسا من زاويتين مختلفتين

صورة مركبة لماكرون ولوبان

تعكس حملتا ماكرون ومنافسته لوبان زاويتين مختلفتين لمستقبل فرنسا، فيعد الأول بمواصلة المضي قدمًا نحو سوق حرة معولمة تركز على جعل فرنسا على رأس اتحاد أوروبي قوي. وفي المقابل، تريد مرشحة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف قلب الوضع الراهن تمامًا بسياسات اقتصادية حمائية وإصلاح علاقة باريس مع حلفائها وخصومها.

ولكن في النهاية، بحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، ستنحصر نتيجة الانتخابات ببساطة بين مُرشحين لا تحبهما فرنسا: ما الرئيس الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه نخبوي وبعيد عن الواقع، أو منافسته المعروفة بخطابها التحريضي ضد الإسلام ودعمها للسلطوية.

ربما يعجبك أيضا