تقييد حق الفيتو والتهديدات التي تواجهها الدول النامية.. جولة في المراكز البحثية

آية سيد
مجلس الأمن الدولي

كيف يؤثر تقييد حق الفيتو في المصالح الأمريكية؟ وما التهديدات التي تواجهها الدول النامية جراء الحرب الروسية الأوكرانية؟ وما آفاق العلاقات بين أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي؟ جولة في المراكز البحثية.


تناقش الأمم المتحدة مشروع قرار يقيّد استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي، ويدعو إلى اجتماع تلقائي لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة عند استخدامه.

وفي جولة في المراكز البحثية، نستعرض كيف يؤثر القرار في المصالح الأمريكية، والتهديدات التي تواجهها الدول النامية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وآفاق العلاقات بين أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي.

أهمية حق الفيتو للولايات المتحدة

نشر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تحليلًا للباحث المتخصص في دراسات الشرق الأوسط، إليوت أبرامز، في 19 إبريل 2022. أشار أبرامز إلى أن مجلس الأمن بالأمم المتحدة يناقش قرارًا يقيّد استخدام الفيتو، موضحًا أن رعاية إدارة الرئيس جو بايدن للقرار تعمل ضد المصالح الأمريكية. وينص القرار على أن تبرر الدولة استخدامها لحق الفيتو أمام الجمعية العامة.

وبحسب أبرامز، تكمن مشكلة القرار في أنه يجعل مجلس الأمن تابعًا للجمعية العامة. وهذه خطوة واحدة من عملية طويلة تهدف إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها مجلس الأمن، عن طريق إضافة أعضاء وإلغاء الفيتو، أو ربما جعله عُرضة لهيمنة الجمعية العامة. مبينًا أن إدارة بايدن يجب أن تصوّت ضد القرار لما يمثله من خطورة شديدة على الولايات المتحدة.

كيف يضر القرار بالمصالح الأمريكية؟

قال أبرامز إن الولايات المتحدة قوة عالمية شاركت في أنشطة عسكرية مرارًا وبدون حق الفيتو يستطيع مجلس الأمن فعل أي شيء. مكملًا: “هذا يتضمن إخضاع القوات الأمريكية لسلطة المحكمة الجنائية الدولية، وإخضاع الولايات المتحدة لمعاهدات أو اتفاقيات دولية جديدة والتي تفرض معايير يعارضها الأمريكيون وتجرّم الأنشطة العسكرية التي يعتبرونها ضرورية للأمن القومي”.

وخارج نطاق الأمن القومي، يمكن أن تتبنى معايير تتعلق بقوانين الأسرة وقواعد النوع الاجتماعي والتي يعتبرها الأمريكيون مرفوضة، أو تفرض قواعد ضد “الإساءة للدين” والتي تتعارض بوضوح مع التعديل الأول للدستور الأمريكي. وأشار أبرامز إلى أن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن 14 مرة منذ عام 2000، وكانت 12 مرة منهم لحماية إسرائيل.

الدول النامية تواجه تهديدًا ثلاثيًا

في 20 إبريل، نشر مركز ذا استراتيجيست الأسترالي تحليلًا يوضح مواجهة الدول النامية تهديدًا ثلاثيًا يتمثل في “المجاعة، والاضطرابات السياسية، وأزمات الديون”. وأن التخفيف من آثار هذه التهديدات لا يزال ممكنًا ويجب أن يبدأ في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا الشهر.

وبالنسبة إلى ارتفاع أسعار الغذاء، أشار التحليل إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت في ارتفاع أسعار القمح 67%. وحظر الصادرات الذي فرضه منتجو القمح الآخرون، ونقص الأسمدة الناتج عن انخفاض الإمدادات من بيلاروسيا وروسيا.

المجاعة والاضطرابات السياسية

بحسب التحليل، فأول الدول التي ستتعرض للمجاعة هي تلك التي كانت في وضع بائس قبل الحرب، مثل “أفغانستان والكونغو وإثيوبيا ونيجيريا وباكستان والسودان وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا واليمن”. ومتوقع أن تلحق بهم الدول التي تعتمد على الحبوب المستوردة وكانت تواجه انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي. مثل “بوروندي وجيبوتي والسلفادور ولبنان وليسوتو ومدغشقر” وغيرهم.

ومرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والجوع إلى أحداث شغب واضطرابات سياسية. وشهدت بعض الدول أزمات بالفعل قبل الحرب الروسية الأوكرانية، مثل أفغانستان وإثيوبيا وميانمار والصومال ومخيمات اللاجئين السوريين واليمن وغيرها. وفي شهر مارس الماضي، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في دول مثل الكاميرون والهند وباكستان وإسبانيا وسريلانكا، وفقًا للتحليل.

الإجراءات المصرية

أشار التحليل إلى أن الحكومات يجب أن تتخذ إجراءات وقائية. وفي هذا الصدد، حددت مصر، التي تستورد 80% من قمحها من روسيا وأوكرانيا، سقفًا للأسعار لمواجهة التكلفة المرتفعة للخبز غير المدعم. وتُدعّم مصر الخبز لمعظم سكانها.

وأعلنت الحكومة المصرية أيضًا حزمة مساعدات اقتصادية بقيمة 130 مليون جنيه مصري 7 مليون دولار. وهذه الإجراءات أصبحت ممكنة بمساعدة من صندوق النقد الدولي والسعودية.

أزمة الديون

تواجه الكثير من الدول النامية أزمة ديون خطيرة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وانخفاض عائدات السياحة، وانخفاض الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، وتعطل سلاسل الإمداد، وارتفاع موجات اللاجئين. وأدى تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التضخم إلى خروج رؤوس الأموال من الدول النامية، ما دفعها إلى خفض قيمة عملاتها ورفع أسعار الفائدة.

وذكر التقرير أن الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة والصين واليابان والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة يجب أن يعملوا لمنع المجاعة والصراع وأزمة ديون الدول النامية التي ستدفع العالم إلى الركود، وأن تمتنع عن السياسات التجارية والمالية والنقدية التي تلحق الضرر بالاقتصادات النامية، فضلا عن استخدام مواردها في صندوق النقد والبنك الدولي للعمل بسرعة ودون شروط لتجنب الكارثة.

العلاقات بين أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي

نشر المجلس الألماني للعلاقات الخارجية تحليلًا، في 19 إبريل، عن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية في العلاقات بين أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي. مبينًا أن تصويت الدول في الأمم المتحدة على القرارات الخاصة بالحرب أظهر عدم وجود موقف مشترك لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي. ويتمثل أحد التحديات المستقبلية لأمريكا اللاتينية في أن تجد لنفسها مكانًا في السياق الجيوسياسي الجديد.

وذكر التحليل أن العواقب الاقتصادية للحرب يجب أن تكون نقطة البداية للعلاقات الاقتصادية الأوثق والأوسع بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية. وأنها فرصة لإعطاء دفعة جديدة لاتفاقية ميركوسور/ الاتحاد الأوروبي المتعثرة.

إعادة النظر في فكرة عدم الانحياز في السياسة الدولية

فبحسب التحليل، تستطيع دول ميركوسور “السوق المشتركة الجنوبية” تعويض خسارة الإمدادات من أوكرانيا وروسيا، في نطاق محدود وفي المدى المتوسط فقط. ويمكن لميركوسور ودول أمريكا اللاتينية الأخرى، مثل تشيلي، أن يصبحوا شركاء مهمين للاتحاد الأوروبي في تطوير وإنتاج الطاقة الخضراء.

وفي سياق التهديد الذي تواجهه أوروبا، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يجعل أمريكا اللاتينية شريكًا استراتيجيًا. لكن هذا سيتطلب من حكومات أمريكا اللاتينية أن تتخذ موقفًا واضحًا، وأن تعيد النظر في فكرة عدم الانحياز في السياسة الدولية.

ربما يعجبك أيضا