مواجهة جديدة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بسبب اتفاق التجارة في أيرلندا الشمالية

هالة عبدالرحمن

حذر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي من أن أي تشريع بريطاني ينتهك القانون الدولي في وقت كانت فيه القوى الغربية تسعى إلى تقديم جبهة موحدة لغزو روسيا لأوكرانيا سيكون "غير مسؤول تمامًا".


أعلنت بريطانيا استعدادها “من جانب واحد” لتمزيق اتفاق التجارة في أيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” بما يهدد بمواجهة جديدة مع الاتحاد الأوروبي.

وتعد حكومة المملكة المتحدة تشريعًا يمنح الوزراء سلطات واسعة لتمزيق اتفاق ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي يحكم التجارة في أيرلندا الشمالية، ما يخاطر بمواجهة جديدة مع بروكسل، وفقًا لـ“الفاينانشال تايمز”.

ما بروتوكول أيرلندا الشمالية؟

يسمح بروتوكول أيرلندا الشمالية للشاحنات بتسليم البضائع دون فحص الأوراق والبضائع عند عبورها الحدود من أيرلندا الشمالية إلى جمهورية أيرلندا، وقبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان من السهل إدارة حدود مفتوحة بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، عندما كانت كل من جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية جزءًا من الاتحاد الأوروبي، اتبعتا تلقائيًّا نفس القواعد التجارية للاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك كانت توجد حاجة إلى ترتيب جديد بعد مغادرة أيرلندا الشمالية “إلى جانب المملكة المتحدة” الاتحاد الأوروبي، وفي محاولة للتغلب على المشكلة، تفاوضت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على بروتوكول أيرلندا الشمالية كجزء من اتفاقية انسحاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي أصبحت الآن جزءًا من القانون الدولي. وفقًا لـ“بي بي سي”.

كيف يعمل بروتوكول أيرلندا الشمالية؟

بدلاً من إجراء عمليات التفتيش على طول الحدود الأيرلندية، جرى الاتفاق على إجراء أي عمليات تفتيش وفحص للبضائع بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا بدلًا من ذلك، وجرى السماح بذلك بعد الاتفاق على أن أيرلندا الشمالية سوف تستمر في اتباع قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن معايير المنتج كجزء من قواعد السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وفقًا لـ”بي بي سي”.

وعلى الرغم من التوقيع على الاتفاقية في عام 2019، فإن حكومة المملكة المتحدة الآن تقول إن البروتوكول يجري بتطبيقه على نحوٍ صارمٍ للغاية من الاتحاد الأوروبي. ذلك أن دول الاتحاد حريصة على أن تطبيق بروتوكولات سوقها المتحدة، لضمان جودة المنتجات المتداولة بينها طول الوقت.

التعديلات المقترحة على قانون التجارة

بموجب التشريع المقترح، الذي لم يجر تقديمه بعد إلى مجلس الوزراء، سوف يكون للوزراء سلطات أحادية الجانب لإغلاق الأجزاء الرئيسة من البروتوكول في قانون المملكة المتحدة، بما في ذلك عمليات التفتيش على الحدود على البضائع المتجهة إلى المنطقة من بريطانيا العظمى.

وجرى تصميم ما يسمى بروتوكول أيرلندا الشمالية لمنع دخول البضائع غير الخاضعة للرقابة من بريطانيا إلى السوق الأوروبية الموحدة، عبر باب خلفي تمثله أيرلندا المجاورة، العضوة في الاتحاد الأوروبي، لكن الحزب الديمقراطي الوحدوي والأحزاب الوحدوية الأخرى الموالية لبريطانيا تعارض البروتوكول بشدة، بحجة أن الحدود الأيرلندية أضعفت ارتباط أيرلندا الشمالية بالمملكة المتحدة، وفقًا لـ”فاينانشال تايمز”.

توقعات بصدام بريطاني مع الاتحاد الأوروبي

قال شخصان مطلعان على المناقشات داخل الدائرة المقربة من الحكومة، إن رئيس الوزراء بوريس جونسون ووزيرة الخارجية ليز تروس، وقّعا مبدئيًّا على خطط لطرح مشروع قانون أيرلندا الشمالية، في وقت مبكر من الدورة البرلمانية المقبلة، التي تبدأ الشهر المقبل. ومن المتوقع أن تثير هذه الخطوة الغضب في بروكسل وعواصم الاتحاد الأوروبي.

وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه قد يعلق اتفاق التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع المملكة المتحدة، إذا تراجعت لندن عن التزاماتها بموجب البروتوكول، ويعكس التشريع المخطط له مناورة سابقة لإدارة جونسون في عام 2020 لتجاهل أجزاء من البروتوكول في قانون المملكة المتحدة. وعجل هذا الإجراء القانوني من المفوضية الأوروبية، الذي توقف مؤقتًا في انتظار نتيجة المفاوضات، وفقًا لـ”فاينانشال تايمز”.

في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.. هل التوقيت خاطئ؟

حذر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي من أن أي تشريع بريطاني ينتهك القانون الدولي في وقت كانت فيه القوى الغربية، تسعى إلى تقديم جبهة موحدة للحرب الروسية الأوكرانية سيكون “غير مسؤول تمامًا”، مضيفًا وفقًا لـ”فاينانشال تايمز” أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سيكون سعيدًا.

وقال الدبلوماسي: “بالنظر إلى ما هو على المحك في أوكرانيا والغرب ككل، فهذا بالتأكيد ليس الوقت المناسب للمراهنة على سمعة بريطانيا، بوصفها نصيرًا قويًّا للنظام الدولي القائم على القواعد”. وقال متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة: “لم يجر اتخاذ أي قرارات بعد، وما زالت أولويتنا الأساسية هي حماية السلام والاستقرار في أيرلندا الشمالية”.

جذور الخلاف بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

أنشأت الصفقة التي اتفق عليها جونسون مع الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2019 حدودًا تجارية في البحر الأيرلندي، وغادرت أيرلندا الشمالية وفقًا لقواعد الاتحاد الأوروبي لتجارة البضائع، من أجل تجنب العودة إلى حدود صعبة في جزيرة أيرلندا. وجادلت حكومة المملكة المتحدة مرارًا وتكرارًا بأن الصفقة “غير مستدامة”.

وتجادل حكومة المملكة المتحدة في الصفقة، لأنها تقسم السوق الداخلية للمملكة، وتؤدي إلى عدم التوازن في اتفاق سلام معاهدة الجمعة العظيمة لعام 1998، من خلال تقويض روابط المنطقة مع البر الرئيس لبريطانيا. وقد تعثرت المحادثات بين لندن وبروكسل لحل الخلافات بشأن تنفيذ البروتوكول.

الانتخابات المحلية في أيرلندا وتمرير التعديلات

تجري مناقشة التشريع المخطط له قبل الانتخابات المحلية الحساسة للغاية في أيرلندا الشمالية في 5 مايو، فيسير حزب الشين فين القومي على المسار الصحيح، ليصبح أكبر حزب في المنطقة لأول مرة. وقالت مصادر مطلعة على دراية بالمناقشات الداخلية للحكومة البريطانية، إن مشروع القانون سيوفر للوزراء سلطات واسعة لتحييد المواد من 5 إلى 10 من البروتوكول.

وبموجب البروتوكول، يجب على مجلس أيرلندا الشمالية التصويت دوريًّا لمنح الموافقة المستمرة على المواد من 5 إلى 10، على أن يكون التصويت الأول مستحقًّا في ديسمبر 2024، وقالت مصادر مطلعة إن مشروع القانون، في حالة إقراره، سوف يمنح الوزراء سلطة تجاهل نتيجة ذلك التصويت في قانون المملكة المتحدة.

ربما يعجبك أيضا