مناظرة ماكرون ولوبان.. مَن تفوّق قبل جولة حسم الرئاسة الفرنسية؟

رنا أسامة

نصف المستطلعين وجدوا ماكرون "أكثر غطرسة" من منافسته اليمينية المتطرفة، أما النصف الآخر فنظر إلى لوبان على أنها "مُقلقة".


في مناظرة تليفزيونية وُصفت بالحادة، اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منافسته اليمينية مارين لوبان بأنها “عبدة” لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، لحصول حزبها على قرض قبل أعوام من بنك روسي.

ورأى جمهور ومحللون أن ماكرون كان أكثر إقناعًا خلال مناظرة ما قبل جولة الحسم في الانتخابات الفرنسية المُقررة غدًا الأحد 24 إبريل 2022. وتخللت المناظرة عبارات مثل “لا تقاطعني”، واتهامات بين الطرفين بعدم الجدارة بقيادة ثاني أكبر قوة اقتصادية في أوروبا.

إعادة مباراة

ذكرت صحيفة الجارديان أن ماكرون خرج فائزًا من ناحية المضمون، وأن لوبان تمالكت نفسها لمجاراة المناظرة التليفزيونية، مبينةً أن المناظرة كانت بمثابة “إعادة مباراة” لمناظرة 2017، التي ظهرت فيها لوبان عدوانية، لكنها حافظت هذه المرة على هدوئها، رغم أنها لا تزال تتعثّر. وشبّهت صحيفة لوموند الفرنسية ماكرون بـ”وعاء الأفعى”، وهو يضغط ببطء على خصمه حتى الموت.

جانب من مناظرة لوبان وماكرون

نقاش مُرضٍ

وصف وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، المناظرة بـ”المرضية”،. قال لإذاعة أوروبا 1 الفرنسية: “إذا كانت الحملة الرئاسية مخيبة للآمال، فقد رأينا هنا خيارًا بين نوعين من فرنسا”. واتهم جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني، ماكرون بـ”قائد الإهانة العامة الأول”، مضيفًا: “عندما يهين لوبان كما يفعل أنصاره، فإنه يهين الفرنسيين حقًا”، وفق الجارديان.

واتهم وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، لوبان، بالسعي إلى إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي المعروف بـ”بريكسيت”، خلسة، متابعًا: “لوبان ليس لديها مشروع وأنها قطّعت فريكسيت إلى أجزاء أصغر”. ورأى متحدث الحكومة، جابرييل أتال، أن لوبان “غيرت أسلوبها لا جوهرها”، وأنها ترغب في “تقسيم الفرنسيين”، منوهًا بأن حظرها للحجاب سيتسبب في “حرب أهلية”.

مناظرة الانتخابات الفرنسية 2022.. من الأكثر إقناعًا؟

وفقًا للجارديان، شاهد نحو 15.6 مليون شخص المناظرة، وهو أقل مما كان عليه في عام 2017، عندما شاهدها 16.6 مليون مشاهد. ولم يشمل الرقم أولئك الذين كانوا يشاهدون المناظرة عبر الإنترنت.

وأظهر استطلاع أجراه معهد “إيلاب”، أن 59% من المُشاهدين وجدوا ماكرون أكثر إقناعًا مقابل 39% للوبان، و61% من مؤيدي الزعيم اليساري الراديكالي جان لوك ميلينشون، البالغ عددهم 7.7 مليون ناخب، رأوا أن ماكرون مُقنع مقابل 36% للوبان. ووجد 29% فقط من المُستطلعة آراؤهم أن زعيمة اليمين أظهرت “أكثر الصفات الضرورية لتتولى رئاسة فرنسا”.

ماكرون ولوبان 1

ماكرون “متغطرس” ولوبان “مقلقة”

اعتُبر ماكرون أكثر ديناميكية، وأكثر صدقًا بقليل، حاملًا برنامج أفضل من لوبان. نصف المستطلعون وجدوا ماكرون “أكثر غطرسة” من منافسته اليمينية المتطرفة. والنصف الآخر نظر إلى لوبان على أنها “مُقلقة”.

وخلص تحليل لصحيفة لوموند إلى أن المناقشة تمثل مرة أخرى “فشلًا” للوبان. سألت افتتاحية لوباريزيان: “هل أعطت الانطباع بأنها مستعدة للحكم؟”. وخلصت لوفيجارو إلى أن النقاش لن يُغير نوايا الناخبين، وفق ما أوردته الجارديان.

بعد المناظرة.. سيد الإليزيه يتقدّم على زعيمة اليمين المتطرف

أحدث استطلاعات الرأي أظهرت أن سيد الإليزيه الحالي يكتسب زخمًا. ووفق 3 استطلاعات منفصلة جُمعت بعد المناظرة التلفزيونية، سجل ماكرون درجات إما مستقرة أو مرتفعة قليلًا عن لوبان، لتتراوح ما بين 55.5% و57.5%، وفق وكالة رويترز.

وتوقعت الاستطلاعات أن يتراوح معدل الإقبال في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية بين 72% و74%، وهو أدنى مستوى في جولة الإعادة الرئاسية منذ عام 1969.

مشاهدون لمناظرة ماكرون ولوبان

توقعات بامتناع عن التصويت

بحسب مقال رأي نشرته الجارديان في 21 إبريل الجاري، قد يشهد التصويت في ثاني جولات الانتخابات الفرنسية يوم 24 إبريل معدلًا قياسيًّا من الامتناع عن التصويت، مع توقعات بعدم مشاركة الناخبين الأصغر سنًا على وجه الخصوص. ويشير هذا في حد ذاته إلى درجة مقلقة من خيبة الأمل.

وبينت الاستطلاعات الأخيرة أن نحو نصف عدد الممتنعين عن التصويت قد يغيرون رأيهم ما يجعل النتيجة القريبة لا تزال ممكنة. ووفق الجارديان، سيكون فوز لوبان بـ40% أو أكثر من الأصوات إنجازًا بارزًا لليمين الفرنسي المتطرف، مع تداعيات بعيدة المدى ففي قلب الاتحاد الأوروبي، وداخل إحدى أكبر دوله الأعضاء وأكثرها نفوذًا، كان ممكنًا إضفاء الشرعية على برنامج قومي استبدادي.

توقعات ما بعد فوز ماكرون أو لوبان

رغم تفوق ماكرون في المناظرة، يقول دين تورنر، كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو وبريطانيا بمكتب الاستثمار الرئيسي “يو بي إس جلوبال ويلث مانيجمينت”، إن “الحديث مليء بنتائج انتخابات صادمة، لذلك سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن لوبان لا يمكنها تحقيق فوز مفاجئ”، وفق رويترز.

وذكرت رويترز أن فوز ماكرون المُحتمل في الجولة الثانية قد يقوده لفترة رئاسية صعبة، وسط ترجيحات بخروج ناخبين من جميع الأطياف إلى الشوارع مرة أخرى احتجاجًا على خطته لمواصلة إصلاحاته الاقتصادية، المنحازة لرجال أعمال، كما يقول مناهضوها. أما إذا فازت لوبان، يُتوقع حدوث تغييرات جذرية في السياسات المحلية والدولية لفرنسا، ويُمكن أن تخرج احتجاجات مناهضة لخيارات السياسية اليمينية.

ربما يعجبك أيضا