خط المستكشف الألماني شمبورك والنزاع الحدودي بين فنزويلا وغويانا.. ما القصة؟

علاء بريك

بعد الصين وتايوان وباكستان وأفغانستان وروسيا وأوكرانيا، ما قصة فنزويلا وغويانا؟


أعادت الحرب الروسية الأوكرانية الحديث عن احتمالية حدوث اجتياحات مماثلة بين دولٍ تشهد نزاعات بينية، لعل أشهرها الصين وتايوان.

ولكن صحيفة الفورن بوليسي تستحضر نزاعًا آخر بين دولتين في أمريكا اللاتينية، هما غويانا وفنزويلا، فتشهد الدولتان نزاعًا حدوديًّا عمره قرابة 200 عام، فما أصل هذا النزاع وأسبابه الأساسية؟ وما مستقبله؟

أصل النزاع وخط شمبورك

بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، دخلت بريطانيا إلى المنطقة المعروفة اليوم باسم غويانا، في عام 1814 لتخلف نظيرتها هولندا بعد توقيع اتفاقية بين البلدين، ولم تعيّن تلك الاتفاقية الحدود الغربية لغويانا، لذا أوفدت الحكومة البريطانية عالم النباتات والمستكشف الألماني، روبرت شمبورك، ليُرسِّم الحدود. عيَّن شمبورك في 1835 الحدود الغربية، خط شمبورك، وضمت 30 ألف ميل مربع لمساحة غويانا في الغرب.

territclaim

المنطقة المتنازع عليها باللون الأحمر

 

وحصلت فنزويلا على استقلالها الكامل عام 1830 بعد سنوات من النضال ضد الاحتلال الإسباني، في تلك الفترة منع انشغال إسبانيا بقمع حركات التحرر في القارة اللاتينية من تحديد حدودها بدقة مع تمركز قوى استعمارية منافسة في القارة، بحسب صحيفة فورن بوليسي. وبعد الاستقلال نشبت الخلافات بين فنزويلا وبريطانيا حول خط شمبورك.

حكم المحكمة وبروتوكول بتاريخ صلاحية

أوضحت فنزويلا أن المنطقة التي ضمها الخط إلى غويانا تعود بالأصل إلى فنزويلا، وحدودها تمتد إلى نهر الإسكويبو، ما يعني أن ثلثي مساحة غويانا هي من حق فنزويلا. وبعد سنوات من الخلاف وتجنب المواجهة العسكرية، توجهت بريطانيا وفنزويلا إلى محكمة دولية في باريس، من قضاة من أمريكا والمملكة المتحدة وروسيا، وصدر حكمها في 1899 ليعطي فنزويلا حوض نهر أورينوكو ولبريطانيا 90% من منطقة الغابات بين نهري أورينوكو وإسكويبو.

واحترم طرفا النزاع قرار المحكمة وظل الحال هكذا حتى عام 1962 بعد البدء في محادثات الاستقلال بين المملكة المتحدة وغويانا، أعلنت حينها الحكومة الفنزويلية بطلان القرار بحجة وجود أخطاء إجرائية، وبعد استقلال غويانا في 1966 صعَّدت فنزويلا عسكريًّا على الحدود. ولحل النزاع سلميًّا وافق الطرفان على توقيع بروتوكول بورت أوف سببين في 1970 الذي نص في مادته الـ5 على أنه سيمتد إلى 12 عامًا قابلة للتجديد.

ذهب ونفط

تُعَد المنطقة المتنازع عليها غنية بالموارد الطبيعية، أقلها الغابات الكثيفة، لكن ما سعَّر النزاع في منتصف القرن الـ19 كان اكتشاف بريطانيا مناجم ذهب في حوض يورواري في هذه المنطقة، بما يخالف اتفاق بريطانيا وفنزويلا في 1840 على عدم احتلال المنطقة، كونها محل نزاع، بحسب ما ذكرت الحكومة الفنزويلية في تقرير لها.

وقد تجدَّد الخلاف على الموارد عام 2015، وفي 26 فبراير 2015 حذرت الحكومة الفنزويلية نظيرتها الغويانية وشركة إكسون موبيل المنقبة بأن أنشطتهما غير قانونية في منطقة لا تزال محل نزاع، ولكن على الرغم من هذا التحذير فإنه قد استمرت أعمال التنقيب في بلوك ستابروك، واكتشفت الشركة احتياطيات نفطية كبيرة فيها.

تصعيد محتمل

بحسب تقريرٍ نشرته صحيفة فورن بوليسي في 22 مارس 2022، فإن العلاقات الوثيقة بين روسيا وفنزويلا قد تحفز الأخيرة، بعد حرب روسيا ضد أوكرانيا، على إجراء مماثل مع جارتها الشرقية، ويعزز هذا الاحتمال أن قادة الدول الكبرى في القارة اللاتينية أدانوا الاجتياح الروسي بطريقة خجول.

ولكن الصحيفة تستدرك بأن هذا الاحتمال قد يُستبعَد إذا استطاعت فنزويلا تلبية الطلب المحلي وتخفيف الضغط عن اقتصادها، لا سيما أن اعتماد مادورو على الجيش في تسيير الحياة المدنية يُضعِف قدرته على نشره في الخارج. ولذا ترى الصحيفة أنه لحل هذا النزاع لا بد من جهود دبلوماسية وسحب فتيل الاشتباك العسكري.

ربما يعجبك أيضا