بعد فوز ماكرون.. هل تهدأ التوترات البريطانية الفرنسية؟

آية سيد

شهدت العلاقات البريطانية الفرنسية عدة خلافات دبلوماسية منذ غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وبعد إعادة انتخاب ماكرون، أعرب رئيس الوزراء البريطاني عن رغبته في إصلاح العلاقات لكن رد باريس كان باردًا.


بعد فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولاية ثانية، في 24 إبريل الحالي، سارع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تهنئته.

وبحسب تقرير لصحيفة بوليتيكو، في 25 إبريل 2022، أدت إعادة انتخاب ماكرون إلى تخفيف بعض التوتر في العلاقة البريطانية الفرنسية المعقدة. لكن حتى الآن لا يمكن توقع تغيير دبلوماسي كبير بعد نتيجة الانتخابات.

قواسم مشتركة

وفقًا للتقرير، شدد جونسون على القواسم المشتركة بينه وبين ماكرون، وأخبر الصحفيين يوم الإثنين الماضي أنهما استطاعا “العمل معًا حول أوكرانيا على مدار الأسابيع والشهور القليلة الماضية”. وقال جونسون: “نحن نتشارك وجهة نظر مشتركة ومتشابهة جدًّا. ووحدة الغرب والناتو كانت ذات أهمية حيوية للموقف الذي اتخذناه ضد بوتين. وهذا سوف يستمر، أنا مطمئن جدًّا بشأن ذلك”.

ولفت التقرير إلى وجود إدراك في كلتا العاصمتين، لأن العلاقة البريطانية الفرنسية جوهرية، وأن بريطانيا وفرنسا هما أكبر لاعبي دفاع في أوروبا بينما تشن روسيا حربها على القارة، وأن الجيران الجغرافيين دائمًا ما يكون لديهم خلافات سياسية.

إصلاح العلاقات البريطانية-الفرنسية

أورد تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، في 25 إبريل 2022، أن جونسون يأمل إصلاح علاقته مع ماكرون عقب إعادة انتخابه رئيسًا لفرنسا. لكن باريس لم تُظهر علامة مباشرة على رغبتها في إنهاء الخلاف. وبحسب التقرير، أخبر جونسون زملاءه أنه يتوقع أن تتحسن العلاقات البريطانية الفرنسية الآن بعد انتهاء الانتخابات الفرنسية، مع وجود إمكانية لمعالجة مشكلة الهجرة عبر المانش في زوارق صغيرة.

وأضاف التقرير أن جونسون يريد أيضًا تعزيز التعاون الثنائي الدفاعي واستخدام ما يصفه مساعدو جونسون بتكنولوجيا فرنسا “الرائدة” لتدعيم طرح بريطانيا لمحطات طاقة نووية جديدة. لكن في باريس، كان الرد باردًا على فكرة إعادة ضبط العلاقات البريطانية الفرنسية. قال وزير المالية الفرنسي، برونو لومير: “إن أول تحدياتنا لن يكون العلاقة بين بريطانيا وفرنسا”.

الخلافات بين بريطانيا وفرنسا

شهدت العلاقات البريطانية الفرنسية عدة خلافات دبلوماسية منذ غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لتقرير بوليتكيو، تمثلت هذه الخلافات في حقوق الصيد ما بعد البريكست، واتفاقية أوكوس مع أستراليا، ومعاملة المهاجرين غير الشرعيين عبر قناة المانش واللاجئين الأوكرانيين.

ويدور الخلاف الأكبر بين باريس ولندن حول بروتوكول أيرلندا الشمالية ما بعد البريكست. هذا البروتوكول يحدد قواعد التجارة عبر البحر الأيرلندي وجرى وضعه لحماية السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وتجنب الحدود الحساسة سياسيًّا بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.

وبحسب التقرير، أثبت البروتوكول أنه ضار سياسيًّا لرجال السياسة الوحدويين في شمال أيرلندا، بينما اشتكت الشركات التي تتاجر عبر الحدود من الروتين المفرط، وغازلت لندن مرارًا فكرة تعليقه من جانب واحد. ومن المرجح أن فوز ماكرون بولاية ثانية سيدفع باريس إلى لعب دور أكثر حسمًا في رد الاتحاد الأوروبي.

الحرب الروسية الأوكرانية

لفت التقرير إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية تُعقد قضية البريكست أيضًا، ربما لصالح جونسون، لقد اكتسب البريطانيون قدرًا كبيرًا من التقدير لدى دول البلطيق ووسط أوروبا أثناء الصراع. ويعرب هؤلاء الحلفاء التقليديون لبريطانيا عن امتنانهم لاستجابة لندن السريعة لمطلبهم بتعزيز الأمن على حدودهم مع روسيا.

هذا أدى إلى انقسام داخلي في الاتحاد الأوروبي حول كيفية الرد إذا ألغت حكومة جونسون الاتفاقية. وقال دبلوماسي من دولة أوروبية كبيرة إنهم أدركوا أن حرب أوكرانيا جعلت من الصعب على الدول الأعضاء التوصل إلى رد منسق إذا ألغى رئيس الوزراء البريطاني بروتوكول أيرلندا الشمالية.

الأولويات الفرنسية

بحسب تقرير بوليتيكو، من المتوقع أن يمنح ماكرون الأولوية لبناء علاقته الوليدة مع المستشار الألماني المنتخب حديثًا، أولاف شولتس، نظرًا لأهمية محور باريس-برلين في صناعة سياسة الاتحاد الأوروبي.

وكذلك سيواصل الرئيس الفرنسي دفع أجندته الطموحة للاتحاد، التي تشمل حملة مثيرة للجدل من أجل “الاستقلال الاستراتيجي” للاتحاد الأوروبي. ولفت التقرير إلى أن هذه المسألة كانت مصدرًا للتوتر مع بريطانيا في الماضي، خاصة حول تطوير التكنولوجيات الحساسة والمنافسة على الاستثمار.

وإضافة إلى ما سبق، بيّن تقرير فاينانشيال تايمز أن تركيز ماكرون سيشمل دعم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في حربه ضد الغزو الروسي. وعلى الجبهة الداخلية، سينشغل ماكرون بالتوفيق بين الأمة المنقسمة وربح الانتخابات التشريعية في يونيو القادم.

أهمية معالجة الخلاف

قالت مديرة مجموعة أبحاث السياسة الخارجية البريطانية، صوفيا جاستون، إن لندن وباريس تدركان أن التوتر في العلاقة غير مستدام بين الجيران والحلفاء. وتعتقد جاستون أن الفوز الحاسم لماكرون “سيقدم اليقين اللازم للبدء في معالجة الخلاف”، بحسب ما ورد في تقرير بوليتيكو.

ولفت التقرير إلى أن لندن وباريس ربما تتقاربان أكثر في خريف هذا العام إذا انطوت انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة على صعوبات للرئيس الأمريكي جو بايدن. وقالت جاستون: “تحتاج دول مجموعة السبع إلى إيجاد طريقة للعمل معًا بطريقة بناءة دون أن تكون أمريكا في مقعد القيادة دائمًا”.

ربما يعجبك أيضا