مخاوف من تشريع «نوبك» الأمريكي.. ما خيارات «أوبك» للرد؟

رنا أسامة
أوبك

إذا أصبح "نوبك" قانونًا ساريًا سيصبح بإمكان المُدعي العام الأمريكي مقاضاة "أوبك" أو أعضائها، بما في ذلك السعودية، أمام محكمة اتحادية.


أقرّت لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي، الخميس 5 مايو 2022، مشروع قانون “لا للتكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط” (نوبك) قد يسمح بمقاضاة منظمة “أوبك” وشركائها بالتواطؤ لرفع الأسعار.

وحظي تشريع «نوبك» بموافقة باللجنة القضائية بمجلس الشيوخ بأغلبية 17 عضوًا، بينهم الجمهوري تشاك جراسلي، والديمقراطية إيمي كلوبوشار، مقابل 4 رافضين. وجاء ذلك بعد شهر من إقرار لجنة بمجلس النواب الأمريكي للتشريع الذي قدّمه النائب الجمهوري ستيف تشابوت، وفقًا لوكالة رويترز.

ما تشريع «نوبك» الأمريكي؟

نوبك

“نوبك” مشروع قانون أمريكي قدّمته لجنة بمجلس الشيوخ بهدف إدخال تعديلات على قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي، لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي من فترة طويلة “أوبك” وشركات النفط الوطنية في دولها الأعضاء، من الدعاوى القضائية. وتسيطر أوبك على 70% من جميع النفط المتداول دوليًّا و80% من جميع احتياطيات النفط.

ويحتاج “نوبك” إلى أن يُقرّه مجلسا الشيوخ والنواب، ثم يوقّعه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ليصبح قانونًا. لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، قالت إن إدارة بايدن لديهما مخاوف بشأن “التداعيات المحتملة والنتائج غير المقصودة” لتشريع “نوبك”، خاصة في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، مُشيرة إلى أنه لا يزال قيد الدراسة، وفق رويترز.

قانون “نوبك”.. محاولات فاشلة

تشريع نوبك..

جرت عدة محاولات لسن قانون “نوبك” على مدى أكثر من 20 عامًا في أمريكا، لكنها باءت جميعًا بالفشل. وفشلت النسخ السابقة من تشريع “نوبك” الأمريكي، وفق رويترز، بسبب مقاومة مجموعات داخل قطاع الطاقة الأمريكي، مثل معهد البترول الأمريكي، خوفًا من أن يؤدي القانون إلى زيادة إنتاج النفط عن حاجة السوق، بما قد يخفض الأسعار بدرجة تجد معها شركات الطاقة الأمريكية صعوبة في تعزيز الإنتاج.

لكن أسعار البنزين ارتفعت بقوة مؤخرًا، ما أسهم في وصول التضخم إلى أعلى مستوياته في عقود بأمريكا، بالإضافة إلى تجاهل “أوبك” لمطالب الولايات المتحدة وحلفائها بزيادة إنتاج النفط بأكثر من الزيادة التدريجية التي تطبقها المنظمة، حتى مع تعافي استهلاك النفط من آثار جائحة كورونا، وتراجع إنتاج روسيا بعد الحرب مع أوكرانيا، وهو ما قد يزيد من فرص نجاح سنّ القانون هذه المرة.

ما تداعياته المُحتملة على “أوبك”؟

جلسة لأوبك حول آفاق الطاقة بالرياض في السعودية يوم 16 فبراير 2022

إذا أصبح “نوبك” قانونًا ساريًا، سيصبح بإمكان المُدعي العام الأمريكي مقاضاة “أوبك” أو الدول الأعضاء، بما فيها السعودية، أمام محكمة اتحادية. وسيتمكّن أيضًا من مقاضاة منتجين آخرين للنفط، مثل روسيا، يعملون مع المنظمة على خفض الإمدادات في إطار ما يعرف باسم مجموعة “أوبك بلس”. لكن لم يتضح كيف يمكن لمحكمة اتحادية تنفيذ أحكام قضائية لمكافحة الاحتكار على دولة أجنبية، وفق رويترز.

وقد يقضي التقاضي بقانون “نوبك” إلى فرض غرامات على أعضاء “أوبك” وشركات النفط الوطنية، وقد يجري تحصيلها عن طريق مصادرة أصول على الأراضي الأمريكية أو خارجها.

لماذا يثير «نوبك» المخاوف؟

في الوقت نفسه، يثير “نوبك” اعتراضات ومخاوف. وعارضه السيناتور جون كورنين، وهو جمهوري من ولاية تكساس الأكثر إنتاجًا للنفط، قائلًا إنه “قد يدفع أوبك لتقييد الشحنات إلى الولايات المتحدة”. وتوقع معهد البترول الأمريكي، أكبر تكتل بقطاع صناعة النفط هناك، أن “يضر بمنتجي النفط والغاز في الداخل”. وقال في رسالة للجنة التي أقرّت المشروع بمجلس الشيوخ، إنه “يهدد الدبلوماسية والعسكرية والتجارية الأمريكية”.

وحذّر محللون من أن يؤدي “نوبك” في نهاية المطاف إلى زيادة إنتاج “أوبك” على حاجة السوق، ما قد يُخفّض الأسعار بدرجة تجد معها شركات الطاقة الأمريكية صعوبة في تعزيز الإنتاج. ولدى السعودية ودول أخرى من أعضاء “أوبك” بعض أرخص الاحتياطيات النفطية وأسهلها في الاستخراج.

عواقب غير مقصودة

بحسب رويترز، يخشى محللون أن يقود الإسراع في سن القانون إلى عواقب غير مقصودة، تسبب مشكلات في إمدادات سلع أخرى غير النفط،، وسط توقعات باتخاذ دول أخرى خطوات مماثلة ضد أمريكا، خفضًا لإمدادات منتجات زراعية لدعم الزراعة المحلية مثلًا. وقال زميل أبحاث الطاقة والنفط بمعهد بيكر، والمدير سابق بوكالة الاستخبارات المركزية، مارك فينلي: “إنها فكرة سيئة دائمًا أن تُقرر سياسات عندما تكون غاضبًا”.

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها تحديات كبيرة في تأمين إمدادات طاقة موثوقة. قال بول سوليفان، زميل بارز غير مقيم لدى مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي: “آخر شيء يتعين علينا هو إلقاء قنبلة يدوية” في ما يتعلق بهذا الأمر.

تشريع «نوبك».. كيف ترد عليه «أوبك»؟

دول أوبك

قد ترد دول “أوبك” على تشريع “نوبك” بطرق عدة. ففي عام 2019، هددت السعودية ببيع نفطها بعملات غير الدولار إذا أقرّت واشنطن نسخة سابقة من “نوبك”. من شأن ذلك تقويض وضع الدولار كعملة احتياط رئيسة في العالم، بما يخفّض نفوذ واشنطن على التجارة العالمية، ويُضعف قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.

ويُمكن أن تُقرر المملكة شراء أسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة، ما يضرب تجارة مربحة لمتعاقدي الدفاع الأمريكيين. كذلك قد تُقيّد السعودية ومنتجو النفط الآخرون الاستثمارات الأمريكية في بلدانهم، أو ببساطة يرفعون أسعار النفط المبيع في الولايات المتحدة، ما يقوض الهدف الأساسي لمشروع قانون “نوبك”.

وبعد إقراره الشهر الفائت بمجلس النواب الأمريكي، حذّر محمد باركيندو، أمين عام “أوبك”، في رسالة للدول الأعضاء، من تقويض “نوبك” العلاقات المهمة في مجالات التجارة والطاقة بين الولايات المتحدة والدول الأعضاء، بما يُزيد مخاطر حدوث تقلبات في أسواق النفط العالمية.

ربما يعجبك أيضا