ما قصة المال السياسي الرقمي في الولايات المتحدة الأمريكية؟

تنامى الاهتمام بالعملات الرقمية المشفّرة في الآونة الأخيرة، وازداد حجم قطاعها بطريقة لافتة، وتنامى دورها في عالم المال السياسي.

على سبيل المثال، وافقت أوكرانيا على تلقي التبرعات بالعملات الرقمية المشفّرة، وأعلن الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية قبوله لهذه العملات في حملته الانتخابية. ومع اقتراب الانتخابات النصفية الأمريكية، وافق الحزب الجمهوري على تلقي التبرعات الرقمية، فما القصة؟

الحاجة إلى التنظيم

بحسب صحيفة فايننشال تايمز، حذّر السيناتور الأمريكي، بات تومي، من النمو السريع لقطاع العملات الرقمية المستقرة، وما قد يرافق ذلك من أمور تضر بالمستثمرين إنْ لم يُنظَّم القطاع سريعًا. وتنبع المخاوف من عدم وضوح قواعد عمل هذا القطاع، واقترح تومي قانونًا يطالب الشركات العاملة في هذا القطاع بالإفصاح الدوري عن احتياطاتها والخضوع للتدقيق الدوري.

يوجد توجه لدى كل من الجمهوريين والديمقراطيين لتنظيم قطاع العملات الرقمية المستقرة ضمن إطار أشمل يتمثل في تنظيم قطاع الأصول المشفرة، لكنَّ الفارق بين الحزبين يتمثل في شدّة التنظيم.

المال الرقمي السياسي: بين الإجازة والحظر

بحسب مؤسسة “أوبن سِكرِتس“، زادت التبرعات للحملات الانتخابية الأمريكية في صورة عملات رقمية بمقدار الثلثين بين 2020 و2022. وفي أمريكا، كانت لجنة الانتخابات الفيدرالية أجازت هذا النوع من التبرعات في عام 2014 وعدَّته نوعًا من التبرعات العينية.

ورغم إجازة هذا النوع من التبرعات، لا تزال 4 ولايات تحظره، فضلًا عن عدم إصدار 26 ولاية موقفًا واضحًا منه، حسب ما بيَّن تقرير لموقع “multistate” منشور في مارس 2022. من جهة أخرى تسعى أيرلندا إلى حظر التبرعات من هذا النوع بحجة عدم القدرة على معرفة مصدره، ما قد يهدد استقلالية الانتخابات ونزاهتها.

موقف الحزب الجمهوري الأمريكي

في 2021، أعلن الحزب الجمهوري عبر لجنته المسؤولة عن الحملة الانتخابية قبولها التبرعات الرقمية لتكون أول لجنة حزبية تمضي في هذا المسار، وحسب موقع “آكسيوس“، فإنّ اللجنة ستتلقى التبرعات عبر منصة “BitPay” وتحوّلها إلى دولارات قبل إيداعها في حساب الحملة، بمعنى أنّها لن تملك العملة الرقمية، وبالتالي لن تكون مقيّدة بحد تبرع الفرد من العملة الرقمية 100 دولار.

ورغم خطوة الحزب الجمهوري، فقد كان الحزب الديمقراطي هو المستفيد الأكبر من تبرعات القطاع في السابق، حسب ما كتب موقع “RollCall“، لكن منذ أغسطس الماضي حين مرّر مجلس الشيوخ بزعامة الديمقراطيين قانون البنية التحتية بدأ تحوّل في مجال الإنفاق الاستثماري أثّر في الاستثمار في قطاع العملات الرقمية.

الانتخابات النصفية الأمريكية والمال السياسي

بحسب شبكة بلومبرج، ينفق روّاد قطاع العملات الرقمية أموالًا في الانتخابات القادمة بغية إيصال مرشحين للتأثير على صناعة القرار في واشنطن لجهة تنظيم قطاعهم، لكن وإنْ كان هذا الإنفاق من روّاد قطاع العملات الرقمية فإنّ جله أتى في صورة أموال تقليدية نحو 7 مليون دولار، والهدف منها إيصال سيناتورات من أنصار الأصول الرقمية للتأثير على صناعة القرار.

ويقدّر التقرير بأنّ مجمل التبرعات الرقمية بلغت أقل من 600 ألف دولار في الحملة الانتخابية الحالية، ولم تكن جميعها من روّاد القطاع، بيد أنّ هذه التقديرات ليست بالضرورة معبرة عن حجم تبرعات قطاع العملات الرقمية الكلي لصعوبة تتبعها لأنّ بعض الحملات الانتخابية لا تفصح عنها بالضرورة، في مخالفة لتوجيهات لجنة الانتخابات الفيدرالية.