سريلانكا ليست الأخيرة.. هل تمتد أزمات الديون الخارجية إلى دول أخرى؟

آية سيد

تشهد سريلانكا أعمال شغب وعنف على خلفية أزمتها الاقتصادية. لكن توجد مخاوف من أن أزمات الديون الخارجية قد تمتد إلى دول أخرى.


أعلن رئيس وزراء سريلانكا، ماهيندا راجاباكسا، استقالته وسط احتجاجات شعبية على تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تمر بها البلاد.

وبحسب تقرير لموقع إن دي تي في، في 11 مايو 2022، لقى 8 أشخاص مصرعهم، من ضمنهم عضو برلمان في الحزب الحاكم، وجُرح أكثر من 225 شخصًا في أحداث عنف في العاصمة.

أعمال عنف وأوامر بإطلاق النار

أورد التقرير أن العاصمة كولومبو شهدت أعمال عنف وشغب يومي الاثنين والثلاثاء، باقتحام الحشود لمنازل ساسة الحزب الحاكم ومحاولة اقتحام المقر الرسمي لرئيس الوزراء. هذا دفع السلطات السريلانكية إلى إصدار أوامر بإطلاق النار فورًا.

وذكر التقرير أن الاحتجاجات استمرت يوم الثلاثاء رغم حظر التجول، في تحدي لأوامر إطلاق النار، فحاول بعض الأشخاص إشعال النيران في المباني والسيارات. وقطعت بعض الجماعات الطريق الرئيس المؤدي إلى المطار للتحقق من أي موالين لراجاباكسا يحاولون مغادرة البلاد، بحسب شهود العيان. وجرى إنقاذ ماهيندا في عملية عسكرية قبل الفجر بعد أن اقتحم آلاف المحتجين الغاضبين مقره الرسمي ليلًا وألقوا قنابل حارقة.

ما سبب الاحتجاجات في سريلانكا؟

124086304 gettyimages 1237282869

أورد تقرير لبي بي سي، في 10 مايو 2022، أن الاحتجاجات بدأت في العاصمة كولومبو في بداية إبريل الماضي بسبب ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية وعدم قدرة الناس على تحمل تكاليف المعيشة. وبحسب التقرير، تتلخص مشكلات سريلانكا في حقيقة نفاد احتياطاتها من العملة الأجنبية، لذلك أصبحت الدولة غير قادرة على شراء المواد الغذائية والوقود.

ولأن عائلة راجاباكسا لعبت دورًا بارزًا في سياسة سريلانكا لسنوات وشغلت المناصب البارزة في عدة إدارات، ما جعلها هدفًا للاحتجاجات. ويقول خبراء أن سوء الإدارة الاقتصادية والسياسات الشعبوية هم سبب الأزمة.

العجز عن سداد الديون الخارجية

أشار التقرير إلى أن ديون سريلانكا الخارجية وصلت إلى 51 مليار دولار. ويتعين على الدولة أن تدفع هذا العام 7 مليار دولار لخدمة الديون، مع دفع مبالغ مماثلة في السنوات القادمة. وفي شهر إبريل الماضي، أعلنت الحكومة عجزها عن سداد كافة ديونها الخارجية. وتسعى سريلانكا للحصول على قروض طارئة بقيمة 3 مليار دولار لسداد قيمة الواردات الأساسية مثل الوقود.

ووافق البنك الدولي على إقراضها 600 مليون دولار. وخصصت الهند 1.9 مليار دولار وربما تقرضها 1.5 مليار دولار إضافية للواردات. وتسعى الحكومة أيضًا للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. لكن سيتعين عليها رفع أسعار الفائدة والضرائب كشرط للقرض، وهو ما سيفاقم أزمة تكاليف المعيشة. يذكر أن سريلانكا مديونة للصين بـ6.5 مليار دولار وتخوض الاثنتان محادثات لإعادة هيكلة الدين.

سريلانكا..أول ضحية لأزمة الديون العالمية

بحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، في 9 مايو 2022، سريلانكا هي أول دولة تنهار تحت الضغوط الاقتصادية التي ضاعفتها الحرب الروسية الأوكرانية. لكنها لن تكون الأخيرة، فالدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط حول العالم تصارع مع أزمة ثلاثية المحاور.

تتمثل الأزمة في جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكلفة الديون، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية. وأعرب رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، الشهر الماضي عن قلقه حيال الدول النامية، مبينًا أن الدول النامية “تواجه زيادات مفاجئة في أسعار الطاقة والأسمدة والغذاء، مع احتمالية ارتفاع أسعار الفائدة.

ما حجم المشكلة التي تواجهها الدول النامية؟

أفاد تقرير الجارديان أن الأمم المتحدة حاولت تقدير حجم المشكلة. في هذا الشأن، وذكر تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أن 107 دولة تواجه واحدة من 3 صدمات على الأقل، وهي ارتفاع أسعار الغذاء، أو ارتفاع أسعار الطاقة، أو الأوضاع المالية الأكثر صرامة. وتوجد 69 دولة تواجه الـ3 صدمات معًا، 25 منها في إفريقيا، و25 في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، و19 في أمريكا اللاتينية والمحيط الهادئ.

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية

قال البنك الدولي إن حوالي 60% من الدول ذات الدخل الأكثر انخفاضًا كانت تواجه ضائقة ديون أو خطر مرتفع بالتعرض لها قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وترتفع تكلفة خدمة الاقتراض بشدة، لا سيما للدول التي جمّعت ديون بعملات أجنبية.  وأوضح التقرير أن الحرب الأوكرانية دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذ الدولار الأمريكي، ما أدى إلى انخفاض قيمة عملات الأسواق الناشئة، وأن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة فاقم المشكلة.

وقال مدير قسم استراتيجيات العولمة والتنمية في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ريتشارد كوزول رايت، إن المجتمع الدولي لم يكن مهيأ للتعامل مع مشكلة الديون الوشيكة، متابعًا: “لا يستطيع النظام التعامل مع هذه المشكلات إلا دولة تلو الأخرى. لكن هذه مشكلات منهجية، وحاليًا لا توجد طريقة للتعامل معها على نحو منهجي”.

ربما يعجبك أيضا