مأزق أردوغان.. كم تكلفة القرار التركي بشأن انضمام فنلندا للناتو؟

هالة عبدالرحمن

ستواجه معارضة أردوغان الواضحة لانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو انتقادات من أعضاء التحالف الآخرين في وقت تتوتر فيه بالفعل علاقات تركيا مع الغرب والولايات المتحدة.


سيمثل انضمام فنلندا والسويد إلى حلف “الناتو” أحد النتائج الأكثر أهمية لغزو روسيا لأوكرانيا، وسيشكل تغييرًا جذريًا في السياسة لكلا البلدين.

وظلت فنلندا والسويد دولتين شريكتين قويتين للناتو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ولم تصل إلى حد السعي للحصول على العضوية الكاملة، لكن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى تحول سريع نحو عضوية الناتو في كلا البلدين، فيما أظهر الاقتراع الأخير في فنلندا والسويد مستويات قياسية من الدعم للانضمام إلى التحالف، وفقًا لـ“انسايدر”.

معارضة تركيا لقرار الانضمام

أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن معارضته انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” بحجة إيواء البلدين للجماعات الإرهابية، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، ما يهدد بعرقلة العملية التي تستلزم إجماع دول الحلف. وسيلتقي وزراء خارجية السويد وفنلندا وتركيا السبت لبحث الأمر.

وقالت صحيفة “الاندبندنت”، إن معارضة أردوغان لديها القدرة على إحباط عضوية البلدين، لأن عضوية تحالف “الناتو” تتوقف على اتفاق بالإجماع من جميع الدول الأعضاء الثلاثين ومن ضمنهم تركيا.

محادثات ثلاثية بشأن القرار

أعلن وزيرا خارجية السويد وفنلندا أن البلدين يعتزمان إجراء محادثات مع تركيا اليوم السبت في برلين، بعد معارضة الرئيس التركي انضمامهما المحتمل.

وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي: “ستتاح فرصة مناقشة ترشح السويد المحتمل” مع الجانب التركي خلال اجتماع غير رسمي مقرر لوزراء الناتو دعيت إليه السويد وفنلندا. وتابعت الوزيرة: “آمل أن نحصل على رسائل إيجابية من جميع الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو. وكثير من الحلفاء الثلاثين أعربوا علنا عن دعمهم القوي للسويد وفنلندا… لم ترسل لنا الحكومة التركية هذا النوع من الرسائل مباشرة”، وفقًا لـ“دويتشه فيله”.

مزيد من توتر العلاقات التركية مع الغرب وواشنطن

أوضحت “إنسايدر”، في تقرير لها، اليوم السبت، أن معارضة أردوغان الواضحة لانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو لا بد أن تواجه انتقادات من أعضاء التحالف الآخرين في وقت تتوتر فيه بالفعل علاقات تركيا مع الغرب والولايات المتحدة.

وواصلت: “أسلوب القيادة الاستبدادية للزعيم التركي وعلاقاته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن شراء تركيا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، ولد علاقة شائكة بين واشنطن وأنقرة. وأثار اعتراف الرئيس جو بايدن الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن العام الماضي غضب أردوغان، وحذرت تركيا من أن هذه الخطوة أحدثت جرحًا عميقًا في العلاقات”.

أسباب المعارضة التركية لانضمام فنلندا

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، بذلت أنقرة قصارى جهدها للحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا اللتين يعتمد عليهما اقتصادها بقوة، حتى أنها استضافت محادثات بين اوكرانيا وموسكو مرتين في مارس في أنطاليا وإسطنبول.

ووفقًا لـ”دويتشه فيليه”، قال المحلل في معهد واشنطن سونر كغابتاي، إن هذا الموقف “قد يجعل تركيا تظهر داخل الناتو كدولة موالية لروسيا مثل المجر في أوروبا”. وأضاف: “قد تكون أسبابها مشروعة لكن ذلك سيسهم في الإضرار بصورة أنقرة داخل الناتو” معتبرًا أن هذه الاعتراضات “كان ينبغي التفاوض عليها في جلسة مغلقة”.

الموقف الروسي من الانضمام للناتو

بعد إعلان فنلندا قالت موسكو، إنها قد تقطع الغاز الروسي عنها. وحذرت وزارة الخارجية الروسية، أمس الجمعة، من أنها قد تضطر إلى اتخاذ خطوات انتقامية ضد هلسنكي، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أيضًا، إن فنلندا اتخذت “خطوات غير ودية” ضد روسيا.

وأوضحت “الاندبندنت” أن نحو 60-70% من الغاز المستخدم في فنلندا يأتي من روسيا، لكنه يمثل 5% فقط من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد العام الماضي، وفقًا للإحصاءات الوطنية، حيث تعتمد فنلندا أساسيًّا على مصادر أخرى مثل النفط والطاقة النووية. وسيمثل انضمام البلدين تغييرًا كبيرًا في المشهد الأمني ​​لأوروبا، بعدما تجنبت السويد التحالفات العسكرية لأكثر من 200 عام، وتبنت فنلندا الحياد بعد هزيمتها على يد السوفييت في الحرب العالمية الثانية.

ربما يعجبك أيضا