الاحتجاجات في إيران.. ارتفاع الأسعار وفساد الحكومة يهددان النظام

آية سيد

أعلنت الحكومة الإيرانية إلغاء الدعم على بعض السلع الغذائية الأساسية، ما تسبب في ارتفاع الأسعار واندلاع الاحتجاجات في عدة مدن إيرانية.


تشهد عدة مدن إيرانية احتجاجات ضد الحكومة، بسبب رفع أسعار الغذاء بما يصل إلى 300%، مع ورود تقارير بمقتل شخص واعتقال العشرات.

وأفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أول من أمس 13 مايو 2022، أن قوات الأمن في إيران هاجمت المحتجين بالعصيِّ وقنابل الغاز، وأطلقت الرصاص في الهواء في عدة مدن، وذلك من أجل تفريقهم ومنع تجمعهم مرة ثانية.

ما سبب الاحتجاجات في إيران؟

بحسب التقرير، بدأت الاحتجاجات بعد إعلان الحكومة يوم الاثنين الماضي، عن خطة لتعديل أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية بإلغاء الدعم عليها. وكانت الحكومة قد أعلنت، في وقت سابق، عن بيع القمح والدقيق بأسعار متفاوتة، بناءً على المنتجات التي تُصنع منهما، ما أدى إلى ارتفاع حاد في سعر الخبز والمكرونة، المكونين الرئيسين في المطبخ الإيراني.

وبمجرد الإعلان عن الخطة، ارتفع سعر زيت الطعام 4 أضعاف، وتضاعف سعر الدجاج والبيض. وارتفع أيضًا سعر الخبز البلدي 5 أضعاف هذا الشهر، وخبز الباجيت 10 أضعاف، ما دفع الإيرانيين إلى تخزين المواد الغذائية، وأدى إلى اصطفافهم في طوابير طويلة أمام متاجر البقالة والمتاجر الكبرى في أنحاء البلاد، بحسب ما أظهرت مقاطع فيديو وصور.

وضع الاقتصاد الإيراني

ذكر التقرير أن اقتصاد إيران مثقل بالعقوبات الأمريكية، التي تحظر بيع النفط والوصول إلى الأسواق المالية العالمية. ولكنها ليست السبب الوحيد في المشكلات الاقتصادية، فلقد أسهمت عقود من الفساد وسوء الإدارة والسياسات الاقتصادية الشعبوية في ارتفاع التضخم إلى 40% والسقوط الحر للعملة وعجز الميزانية، الذي بلغ 21 مليار دولار تقريبًا، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث البرلمان.

وحمّل وزير الزراعة الإيراني، سيد جواد ساداتي، الحرب الروسية الأوكرانية والتعطيل الذي سببته في سلاسل إمداد الغذاء العالمية المسؤولية عن ارتفاع الأسعار. واتهم المهربين بشحن المواد الغذائية من داخل إيران إلى الدول المجاورة، مثل العراق وأفغانستان.

تدهور الريال الإيراني

أفاد تقرير صحفي لموقع إيران إنترناشيونال، في 11 مايو 2022، أن الريال الإيراني انخفض إلى أدنى مستوياته أمام الدولار الأمريكي في العام الحالي 2022، ذلك أن الريال الإيراني قد كسر عتبة الـ300 ألف، مقابل الدولار الواحد، يوم الأربعاء الماضي.

ولفت التقرير إلى أن انخفاض العملة الوطنية، بمثابة تحذير خطير للحكومة، لأنه سوف يسرّع وتيرة التضخم، عبر رفع تكلفة الواردات، ما سيُجبر الحكومة على طباعة المزيد من الأموال للوفاء بالتزاماتها المالية. وهذا بدوره سوف يؤدي إلى المزيد من التضخم.

احتجاجات ضد النظام

لفت تقرير نيويورك تايمز إلى أن الاحتجاجات تحولت سريعًا، من الشكوى من ارتفاع أسعار الغذاء إلى التعبير عن السخط على المؤسسة الحاكمة. وقال الخبير في الشأن الإيراني، أوميد ميماريان، إنهم “ليس لديهم أمل، وليس لديهم ثقة بالحكومة ولم يعد يمكنهم تحمل الوضع الراهن. وهذا المثلث في أي دولة سيخلق قنبلة جاهزة للانفجار”.

وفي يوم الجمعة الماضي، نزل المتظاهرون ليلًا إلى الشوارع في مدن مثل الأحواز، وقزوين، وشهركرد ودزفول. وبحسب ما أظهرت مقاطع فيديو، على وسائل التواصل الاجتماعي، هتف المتظاهرون بشعارات ضد كبار المسؤولين الإيرانيين. وأظهرت مقاطع تمزيق أحد الحشود لافتةً تحمل صورة المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.

وبالإضافة إلى هذا، وصف بعض المتظاهرون في مدينة شهركرد، الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي بـ”الكاذب” بسبب فشله في الوفاء بوعوده بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، واتخاذ خطوات وإجراءات من شأنها تحسين دخل المواطن ورفع مستواه المعيشي، مطالبين باستقالته.

كيف تعاملت قوات الأمن مع الاحتجاجات؟

أشار التقرير إلى أن عدة فيديوهات من خوزستان ولورستان، في جنوب وجنوب غرب إيران، أظهرت إطلاق قوات الأمن الرصاص في الهواء في الشوارع المكتظة بأشخاص غير مسلحين. وفي مقطع من مدينة بروجرد، يظهر صوت رجل يصرخ “إنهم يطلقون النار على الحشد” ثم تُسمع سلسلة من الطلقات النارية في الخلفية.

ووفقًا لخبير الحقوق الرقمية الكائن في واشنطن، أمير رشيدي، عطلت إيران الاتصال بشبكة الإنترنت، في المحافظات الـ6 التي تشهد الاحتجاجات. وشمل هذا إما منع الوصول بالكامل في بعض الأحيان وإما إبطاء الاتصال في أحيان أخرى أو الانتقال إلى شبكة محلية. وهذه الإجراءات جعلت من الصعب على شهود العيان مشاركة الفيديوهات والصور، وتنسيق كل منهم مع الآخر.

رد فعل الحكومة على الاحتجاجات

 

بحسب فيديوهات نشرتها وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، زار الرئيس الإيراني، إحدى الأسواق في وسط طهران، صباح الجمعة الماضية، في ما يبدي أنها محاولة لتهدئة الاضطراب. وأخبر المتسوقين بقوله “نبذل كل الجهود لكي تبقى الأسعار مستقرة وفي متناول الجميع”.

وقال رئيسي، هذا الأسبوع، إن الحكومة سوف توزع مبالغ نقدية شهرية، تترواح بين 10 و13 دولارًا لكل فرد في الأسر ذات الدخل المنخفض، للمساعدة في تخفيف آثار إلغاء الدعم على الغذاء. وقال إنه بعد شهرين، سوف تبدأ الحكومة في توزيع كوبونات إلكترونية للحصول على خبز مدعم غير محدود.

أين تذهب عائدات النفط؟

وفقًا للبيانات الرسمية للرئيس ووزير النفط، فقد حصلت إيران على 45 مليار دولار، على الأقل على مدار العام الماضي، من ارتفاع صادرات وأسعار النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة. ولكن لم يظهر أي تأثير واضح لهذه العائدات على الاقتصاد، بحسب ما أورد تقرير لإيران إنترناشيونال، في 9 مايو 2022.

وأخبر أستاذ الاقتصاد بجامعة الزهراء في طهران، حسين راغفر، وكالة أنباء العمل الإيرانية “إيلنا” أن المسؤولين الفاسدين يُخرجون الأموال من إيران. وبحسب التقرير، فإن أسرة رئيس البرلمان، ورد أنها سافرت لتركيا من أجل التسوق الفاخر وشراء شقتين هناك بقيمة 1.6 مليون دولار، وكشفت وسائل إعلام تركية أن أسر مسؤولين إيرانيين اشترت 500 وحدة فاخرة في نفس المجمع السكني.

ربما يعجبك أيضا