القوى الكبرى متشتتة.. متى ينتهي سباق التسلح في الشرق الأوسط؟

علاء بريك

من المرجح أن يكون لزيادة التوترات بين القوى الكبرى تداعيات على ملف الحد من انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط.


في 3 ديسمبر 2021، قرر المؤتمر المعني بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، تشكيل لجنة عمل لمواصلة المداولات لتحقيق أهداف المؤتمر.

لكن الحرب الروسية الأوكرانية ربما أرخت بظلالها على واقع انتشار الأسلحة في المنطقة، حسب ما كتبت الباحثة في معهد فيينا لنزع الأسلحة والحد من انتشارها، حنا نوت، في تقرير نشره معهد دول الخليج العربية في واشنطن.. فماذا تقول التوقعات في هذا الشأن؟

انتشار الصواريخ في الشرق الأوسط

تمثل القوة الصاروخية مكونًا أساسيًّا في التشكيلة العسكرية لدول المنطقة، وقد كانت مثار قلق قبل حتى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، مع اعتماد بعض دول المنطقة على الإنتاج المحلي واعتماد دول أخرى على الاستيراد من الخارج.

منذ عدة سنوات، وسَّعت إيران من برنامجها الصاروخي وإمداد منتجاتها الصاروخية إلى وكلائها الإقليميين في المنطقة، فالسلطات الإيرانية ترى في قدراتها الصاروخية ركنًا أساسيًّا من أركان الردع الاستراتيجي، خاصة مع وجود التهديد الإسرائيلي.

هجمات إيرانية وقلق خليجي

استخدمت إيران صواريخها لاستهداف مقرات أمنية واستخبارية أمريكية وإسرائيلية في العراق، قاعدة عين الأسد، ومرة أخرى مؤخرًا في أربيل ضد هدف قيل إنّ مخابرات إسرائيلية تتمركز فيه، فضلًا عن استهدافات أخرى. وترافقت هجمات إيران مع هجمات لحلفائها المحليين، لا سيّما الحوثيين في اليمن، عكست تطور قدراتها الصاروخية وقدرة المسيّرات الإيرانية على اختراق أنظمة الدفاع الجوي لبعض دول المنطقة.

على ضوء هذه التطورات، أخذت الدول الخليجية تستشعر القلق من تزايد الهجمات الإيرانية ووجود ضعف في آليات التصدي لها وردعها، وأنَّ تطور القدرات الإيرانية قد بلغ مستويات غير مقبولة. وقد أفادت السعودية بحدوث 1200 هجوم صاروخي على أراضيها منذ 2015. ولطالما رأت دول الخليج في برنامج إيران الصاروخي تهديدًا أكبر من برنامجها النووي.

تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية

في ظل تزايد حدة المواجهة الروسية مع الغرب، من المتوقع أن تتعقد الأمور في منطقة الشرق الأوسط، ومنها تعقد ملف الحد من انتشار الصواريخ، ففي الماضي كان التعاون الروسي الأمريكي أساسيًّا للحد من تسلح المنطقة.

ولعل أبرز مثال عن التعاون الروسي الأمريكي، ملف الاتفاق النووي الإيراني، ولا بد من الإشارة أيضًا إلى ملف الأسلحة الكيماوية السورية التي جرى تدميرها في 2013-2014، سيكون لتوتر العلاقات الروسية مع الغرب أثره المباشر على ملفات المنطقة.

ملف الحد من التسلح في المنطقة إلى أين؟

حسب نوت، لا يبدو من المرجح أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مستعدة لحشد الإرادة السياسية لقيادة جهد دبلوماسي جاد يستهدف الحد من التسلح في الشرق الأوسط، مع أن تخفيف التهديد النووي الإيراني سيظل من أولوياتها.

وتُخلص نوت إلى أنَّه في ضوء التوترات العالمية والإقليمية، يبدو الحد من انتشار الصواريخ والأسلحة والدخول في حوار جاد حول الأمن في المنطقة أمرًا مستبعدًا، خاصة في ظل تشتت القوى الكبرى.

ربما يعجبك أيضا