تحت وطأة العقوبات الغربية.. هل تتكرر تجربة العراق في روسيا؟

أحمد ليثي

فشل نظام العقوبات الاقتصادية الدولية في العراق إنسانيًّا وأخلاقيًّا، قابله نجاحًا في نزع السلاح لأول مرة في التاريخ


ألقى الكاتب الأمريكي، كريس هايز، نظرة استشرافية لما قد تؤول إليه الأوضاع في روسيا من جرّاء العقوبات الاقتصادية الغربية على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وفرضت أكثر من 30 دولة بينها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على روسيا، وقالت إدارة بايدن إن العقوبات ستلاحق أصدقاء روسيا، وقارن هايز في مقال نشره موقع إن ذيس تايمز الأمريكي، الأمر بتأثير العقوبات الدولية على العراق في أعقاب حرب الخليج الأولى.

هل كانت العقوبات تستحق الثمن؟

يروي هايز أنه في العام 2006، وبعد 3 سنوات من رفع العقوبات عن العراق، كان رئيس الإدارة المدنية للإشراف على إعادة الإعمار، بول بريمر، يجري جولات للترويج لمذكراته ومحاولة إبعاد نفسه عن إخفاقات احتلال العراق، وقال حينها: “يجب أن أقول إنني فوجئت بمدى تدهور الاقتصاد العراقي.”

ويشدد على أن هذا اعتراف مروّع، ويعتبر أن الاقتصاد العراقي تدمر نتيجة القصف الأمريكي للبنية التحتية للعراق خلال حرب الخليج الأولى، التي أعقبها 13 عامًا من العقوبات الأكثر شمولاً في تاريخ الأمم المتحدة، وكذلك دعا عدد متزايد من النقاد والسياسيين إلى فرض عقوبات على إيران مع تفكك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

54375081 101

هل كان من الضروري غزو العراق؟

قال هايز إنه في الأيام الأخيرة من عهد كلينتون وأوائل سنوات بوش، كان للعقوبات في العراق عدد قليل من المؤيدين، وأشار الخبيران ديفيد كورترايت وجورج لوبيز في مقال نشر عام 2004 في مجلة الشؤون الخارجية، إلى أن “الصقور” رفضوا نظام العقوبات باعتباره ضعيفًا وغير فعال، ورفضه اليسار بسبب تكاليفه الإنسانية.

وبحسب هايز، قال وزير خارجية الأمريكي السابق، جون كيري، إنه من خلال فرض عمليات التفتيش التي نجحت في تفكيك برامج الأسلحة العراقية، حققت العقوبات أهداف السياسة الأمريكية دون الحاجة إلى حرب دموية باهظة الثمن، في حين قال ناشط السلام الأمريكي، ديفيد كورترايت: “لقد نجحت العقوبات، وأي حرب ليس لها فائدة الآن”.

لماذا جاءت فكرة الحصار الاقتصادي؟

يوضح هايز أن فكرة استخدام الحصار الاقتصادي كأداة للإكراه هي فكرة قديمة قدم الحرب نفسها، لكن المفهوم الحديث للعقوبات كبديل للحرب لم يظهر إلا بعد الحرب العالمية الأولى مع تكوين عصبة الأمم، ودخلت الفكرة لاحقًا في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يصرح لمجلس الأمن بالرد على “انتهاكات السلام” بـ “الانقطاع الكامل أو الجزئي للعلاقات الاقتصادية”.

ويضيف أنه على مدار 40 عامًا تالية، نادرًا ما استخدمت عقوبات الأمم المتحدة متعددة الأطراف إلا في حالتين، روديسيا في العام 1966، وجنوب إفريقيا في العام 1977، وعلى الرغم من محدودية نطاق العقوبات التي فُرضت لاحقًا على جنوب إفريقيا، فإنها ساعدت في إسقاط نظام الفصل العنصري الذي كان يُنظر إليه على أنه انتصار للمجتمع الدولي.

gettyimages 1132214 1 scaled

العقوبات تدمر العراق

أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 661 الذي يطالب الدول الأعضاء بوقف جميع الواردات أو الصادرات إلى العراق، ردًا على غزوها للكويت في 2 أغسطس 1990، وشنت الولايات المتحدة عملية عاصفة الصحراء، وأجبرت العراق على التراجع، والامتثال لمفتشي الأسلحة، وشروط وقف إطلاق النار.

وبعد سنوات من العقوبات، لفت العديد من النشطاء الأمريكيين والأوربيين نظر العالم إلى الآثار الكارثية لها، بعد أن تحولت العقوبات العامة في العام 1996 إلى برنامج النفط مقابل الغذاء، ما سمح للحكومة العراقية ببيع كميات محدودة من النفط، واستخدام العائدات لدفع رواتب المقاولين لجلب المواد الغذائية والسلع الإنسانية.

كيف نجح نظام العقوبات على العراق؟

أوضح هايز أن فشل عقوبات العراق إنسانيًّا وأخلاقيًّا، قابله نجاحًا في نزع السلاح لأول مرة في التاريخ، وساعدت العقوبات المتعددة الأطراف على السماح لمفتشي الأسلحة الدوليين، الذين نجحوا في تدمير برنامج واسع النطاق لتطوير أسلحة بيولوجية وكيميائية ونووية، قطع العراق فيه شوطًا طويلًا، على حد زعمه.

من جهته، قال ديفيد كورترايتي إن العقوبات في العراق كانت أكثر فاعلية في السنوات القليلة الأولى بعد حرب الخليج، عندما بدأ صدام حسين على مضض الامتثال لشروط وقف إطلاق النار، لأن الدافع وراء التعاون العراقي كان مدفوعًا جزئيًّا بالرغبة في رفع العقوبات أو إنهائها كليًّا، وكما يقول هايز، بالنسبة لكورترايت، فإن هذا ما يجب الحفاظ عليه.

ربما يعجبك أيضا