هل تنقذ سياسة «صفر مشاكل» مع دول الجوار أردوغان؟

آية سيد

مع اقتراب الانتخابات، يواجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الكثير من التحديات على الصعيد الداخلي، ما دفعه إلى محاولة إصلاح علاقاته مع دول الجوار في محاولة لتعزيز موقفه.


في الأشهر الماضية، حاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إصلاح العلاقات التركية مع دول المنطقة بعد التوترات التي شهدتها في الأعوام السابقة.

وبحسب تقرير لموقع وورلد بوليتيكس ريفيو، في 12 مايو 2022، أطلق أردوغان حملة نشطة لاستعادة العلاقات مع “السعودية، والإمارات، ومصر، وإسرائيل” وغيرها من الدول التي كان يهاجمها باستمرار لتعزيز دعمه بالداخل ولدى بعض الجماهير بالخارج.

سياسة “صفر مشاكل

وفقًا للتقرير، بعد فوز أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” في 2002، أطلقت الحكومة التركية سياسة جديدة تحت اسم “صفر مشاكل” مع دول الجوار، اقترحها كبير مستشاري السياسة الخارجية للحكومة حينذاك، أحمد داوود أوغلو.

السياسة “صفر مشاكل” مفادها أنه عبر الحفاظ على علاقات جيدة مع حكومات دول الجوار، تستطيع تركيا أن تعزز مكانتها كجسر بين أوروبا وآسيا، وبين أوروبا والعالم الإسلامي، وبين العرب وغير العرب.

مشاكل مع الجميع

بعد أن أصبح أردوغان رئيسًا للوزراء في 2003 ورسّخ قبضته على السلطة، بدأت السياسة التركية في التغير سريعًا، بحسب التقرير. واستولى أردوغان تدريجيًا على مقاليد السلطة وبدأ في فرض رؤيته لنفسه ولتركيا كزعماء للعالم الإسلامي. أدى هذا إلى معاداة أنقرة لجيرانها وأصدقائها، وتحولت  سياسة “صفر مشاكل” مع دول الجوار إلى “مشاكل مع الجميع”.

لكن حاليًا، تعاني تركيا من أحد أعلى معدلات التضخم في العالم، الذي بلغ 70% في إبريل 2022. ويُحمّل الكثيرون مسؤولية الأزمة لإصرار أردوغان على تخفيض أسعار الفائدة عكس توصيات خبراء الاقتصاد. وخسرت الليرة نصف قيمتها في العام الماضي، ليزداد الاستياء من حزب العدالة والتنمية، وتكتسب المعارضة الثقة بعد تحقيقها لانتصارات مهمة في الانتخابات المحلية لعام 2019.

إصلاح العلاقات مع السعودية

شهدت العلاقات التركية السعودية توترات في السنوات الماضية، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. لكن أنقرة تحاول منذ شهور إصلاح العلاقات مع السعودية، لتقرر في يناير الماضي نقل المحاكمة إلى الرياض. وفي 28 إبريل الماضي، زار أردوغان السعودية في أول زيارة رفيعة المستوى منذ سنوات، آملًا في بدء عصر جديد من العلاقات، بحسب تقرير لرويترز في 29 إبريل 2022.

ووصف أردوغان الزيارة بأنها “تجسيد لرغبتنا المشتركة” لتحسين الروابط وتعزيز العلاقات السياسية، والعسكرية والثقافية. ووفقًا للتقرير، تأمل أنقرة أن الزيارة ستُنهي المقاطعة السعودية غير الرسمية للواردات التركية التي بدأت في 2020، وأن تنضم السعودية إلى شبكة تبادل العملات الحالية بقيمة 28 مليار دولار، والتي تضم “الصين وكوريا الجنوبية وقطر والإمارات”. وتتطلع أيضًا إلى استثمارات وعقود مع السعودية.

تعزيز التعاون مع الإمارات

في فبراير الماضي، زار الرئيس التركي الإمارات للمرة الأولى منذ 2013، والتقى ولي عهد أبوظبي آنذاك، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وبحسب تقرير لفرانس 24، وشهدت الزيارة توقيع 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم، من ضمنها خطاب نوايا للتعاون في الصناعات الدفاعية.

وشملت مجالات التعاون الأخرى الصحة، والتكنولوجيا، ومواجهة تغير المناخ، وإدارة الأزمات والكوارث. وقال الشيخ محمد بن زايد، إن الإمارات تحرص على التعاون مع تركيا “لمواجهة عدد من التحديات المشتركة التي تشهدها المنطقة” من خلال الحوار والدبلوماسية.

تحول في موقف أردوغان تجاه إسرائيل

بحسب تقرير وورلد بوليتيكس ريفيو، شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل تحولًا هائلًا في الآونة الأخيرة. ففي الأسبوع الماضي، ورغم العنف الدائر بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية، أرسل أردوغان خطابًا للرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوج، للتهنئة بعيد الاستقلال “ذكرى النكبة”، معربًا عن تمنياته لنظيره الإسرائيلي بـ”الصحة والسعادة.. ورفاهية وازدهار شعب إسرائيل”.

وفي مارس الماضي، استقبل أردوغان الرئيس الإسرائيلي بحفاوة في زيارته التاريخية لأنقرة. وتعهد الإثنان ببدء عصر جديد للعلاقات بين البلدين، مع الاعتراف باختلافاتهما حول القضية الفلسطينية. ووفقًا للتقرير، يدور حديث الآن حول أن الحكومة التركية ربما تضغط على قادة حماس لمغادرة تركيا.

ما الدافع وراء تغيير سياسة أردوغان؟

رأى تحليل في موقع ذا استراتيجيست الأسترالي، في 9 مايو 2022، أنه توجد 3 عوامل تدفع أردوغان لتغيير سياسته ومواقفه من دول الجوار. أولًا، الوضع الاقتصادي، الذي يتسم بارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة والاستثمار، ونمو البطالة. لذلك فإن أي تدفق للأموال والاستثمار من دول الخليج قد يساعد في تخفيف بعض المشكلات الاقتصادية التركية.

وثانيًا، يواجه أردوغان انتخابات العام المقبل وسط معارضة متزايدة لحكمه، ورغم أنه لا يزال يحظى بدعم حزب العدالة والتنمية، لكن لم يعد يحظى بنفس الشعبية مثلما كان قبل الحملة القمعية الصارمة التي شنها على المعارضة في أعقاب الانقلاب الفاشل ضده في 2016.

والعامل الثالث هو الحرب الروسية الأوكرانية. منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت صداقة أردوغان للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين محل شك. ووفقًا للتحليل، كل هذه العوامل تمنحه سببًا وجيهًا للتوجه إلى الشرق الأوسط لتحسين العلاقات المتوترة.

ربما يعجبك أيضا