«شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة» الصينية.. ما تداعياتها المحتملة؟

آية سيد

أطلقت الصين مشروع "شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة" التكنولوجي الضخم. ورغم أنه لا يزال في مراحله المبكرة، ستكون له تداعيات اقتصادية وعسكرية هائلة.


في مارس 2016، أطلقت الصين مشروع “شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة” ضمن خطتها الخمسية الـ13 الممتدة من 2016 حتى 2020.

وبحسب تقرير لمجلة ذا دبلومات، في 21 مايو 2022، يعكس هذا المشروع النوايا الاستراتيجية القومية للصين، ويهدف إلى “تعزيز التكامل الشامل لشبكات المعلومات الفضائية، وشبكات الإنترنت واتصالات الهواتف المحمولة المستقبلية” بحلول 2030.

نبذة عن المشروع الصيني                                 

تقود مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية “CETC” المشروع، وهي شركة مملوكة للدولة وتقود الأبحاث السيبرانية للصين، من ضمن مجالات أخرى. وبحسب التقرير، مشروع “شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة” هو نظام موحد يربط الشبكات الفضائية والشبكات الأرضية لتوفير خدمات شبكة آمنة، وعند الطلب للمستخدمين في البحر، والبر، والجو والفضاء في أنحاء العالم.

ويقوم عمل مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية في المشروع على التضافر القوي مع المؤسسات المحلية الأخرى. ففي 2018، أسست المجموعة مختبرًا مشتركًا مع جامعة تسينج هوا لبحث التكنولوجيات الرئيسة، وأسست مركز ابتكار مشترك مع مختبر جيجيانج.

وإضافة إلى هذا، كوّنت ائتلافًا من أكثر من 40 معهدًا بحثيًّا، وجامعة، ولاعبًا من أصحاب الخبرات في صناعة شبكات المعلومات والصناعات الفضائية الجوية لتنفيذ التصميم رفيع المستوى، والصياغة المعيارية، والبحث التقني للمشروع.

إنجاز مبدئي للمشروع الصيني

وفقًا للتقرير، حققت الصين إنجازًا مهمًّا في يونيو 2019، عندما أطلقت تيانشيانج 1 و2، وهما زوج من الأقمار التجريبية التي تمثل النموذج لبناء شبكة الوصول الفضائية. وأجرى القمران بنجاح تجارب تكنولوجية متعددة للمرة الأولى، مثل نقل معلومات الشبكات الفضائية، وتعزيز الملاحة، ومراقبة الطيران والملاحة الفضائية.

الاستخدام العسكري للشبكة الصينية

لفت التقرير إلى أن استراتيجية الدمج العسكري-المدني الصينية ستظهر على الأرجح في مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة. في هذا السياق، شدّد عالم المسح التصويري والاستشعار عن بعد، لي ديرين، على أن بناء نظام خدمات فضائي متكامل مع مهام تحديد المواقع، والملاحة، والتوقيت، والاستشعار عن بعد والاتصالات ضروري لاحتياجات الأمن المدني والقومي.

وعلى نحو مماثل، أيّد خبير الاتصالات ومدير أكاديمية جيش التحرير الشعبي الصيني للعلوم العسكرية، ين هاو، بناء نظام متكامل يوفر خدمات الملاحة عبر الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد للاستخدام العسكري والمدني.

ما التداعيات العسكرية للمشروع الصيني؟

في ما يتعلق بالتداعيات العسكرية المحتملة، ذكر التقرير أن مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة سيحسن الإلمام بالحالة في جميع المجالات عبر ربط شبكات الاستشعار الأرضية وغير الأرضية، وشبكات القيادة وشبكات توزيع المعلومات التكتيكية.

ومن خلال شبكته الفضائية، يستطيع مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة التغلب على مشكلات نقل البيانات بين الأنظمة الفضائية المختلفة لتعزيز مشاركة بيانات ميدان المعركة واختصار دورة القرار العسكري. كما تستطيع منافذ المعلومات الأرضية، بتكليف من مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية، تعزيز البيانات القادمة من المجالات البرية والبحرية والجوية والفضائية لتحسين العمليات المشتركة والإلمام بالحالة في الفضاء.

نجم واحد واستخدامات متعددة

أشار التقرير إلى أن قدرات أقمار تيانشيانج تنبئ بأن أقمار المدار الأرضي المنخفض المستقبلية في شبكة الوصول الفضائية لمشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة ستحمل أيضًا حمولات إلى جانب تطبيقات مثل تحسين الملاحة والاستشعار عن بعد.

وبحسب التقرير، يتماشى اختبار القدرات المتعددة للأقمار الصناعية مع هدف “نجم واحد، استخدامات متعددة” الذي أعلنته الصين في خطة تطوير البنية التحتية القومية للفضاء المدني، والتي تشير إلى أنه يمكن تعزيز قدرات الفضاء المستقبلية للصين بدرجة كبيرة.

الأهمية الاستراتيجية للمشروع الصيني

أفاد التقرير أنه منذ بدء مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة، لم تضعف أهميته الاستراتيجية القومية بل ارتفعت. ولفت التقرير إلى أن الخطوات التي اتخذتها الصين مؤخرًا تشير جميعها إلى تسريع الجهود لتطوير مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة.

وتشمل هذه الخطوات إدراج تكنولوجيا الجيل الخامس وإنترنت الأقمار الصناعية في البنية التحتية الجديدة للصين، ومنح الأولوية لتكنولوجيا الفضاء الجوي في الخطة الخمسية الـ14، ورؤية الصين لاتصالات الجيل السادس التي تنطوي على دمج الشبكات الأرضية والجوية والفضائية.

وتوقع التقرير أن يتطور مفهوم مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة ليضم تطوير أقمار المدار الأرضي المنخفض بواسطة الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، وتعزيز قدرات الصين على الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والملاحة والإنذار المبكر في الفضاء.

التفوق الأمريكي في مجال الفضاء

ذكر التقرير أن فكرة مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة الصيني ليست جديدة. فعلى سبيل المثال، طوّرت وزارة الدفاع الأمريكية شبكات مشابهة، مثل شبكة المعلومات العالمية ونظام اتصالات الأقمار الصناعية التحويلية، في 2007 و2008 على التوالي. هذه الأنظمة تدمج الشبكات الفضائية والأرضية لأغراض عسكرية.

وأشار التقرير إلى أن تطوير الصين لهذه الشبكات المدمجة يتأخر عن البرامج العسكرية الأمريكية. وبنحو عام، لا يزال مشروع شبكة المعلومات الفضائية الأرضية المتكاملة في مرحلة مبكرة من التطوير. لذلك، تحتاج الصين لكثير من العمل من أجل التغلب على التحديات التكنولوجية في الفضاء، مثل ربط الشبكات غير المتجانسة، وتأمين نقاط التقاء الأقمار الصناعية وروابط الإرسال.

ربما يعجبك أيضا