يوجد ما هو أهم من التفوق العسكري.. أبرز دروس الحرب الروسية الأوكرانية

هالة عبدالرحمن

القوة الصارمة لا تزال الأداة الأقرب للدول من أجل حماية مصالحها في عالم يحكمه البنية الفوضوية للنظام الدولي


أثبتت الحرب الروسية الأوكرانية أن التفوق العسكري وحده ليس سببًا في الانتصار بالحروب، لكنها تبشر أيضًا بالطابع الجديد متعدد الأوجه للحرب.

ويقول تحليل نشره موقع ” جيوبوليتيكال مونيتور” في إبريل الماضي، إن السجل التاريخي للحروب يكشف أنه لا يمكن التغاضي عن أهمية الجوانب غير العسكرية، ضاربًا المثل بهزيمة أمريكا في حرب فيتنام رغم أنها لم تخسر معركة واحدة.

شبح الحرب سيظل يطارد العالم

يرى جيوبوليتيكال مونيتور إن الحرب في أوكرانيا أثبت عدم واقعية الاعتقاد بتراجع الصراع التقليدي بين الدول، مشددًا على أنه لا يمكن إلغاء الحرب طالما أن البشر يمارسون السياسية، وأنها قد يعتنق البعض عقيدة السلمية، لكن الحرب تهدد بابتلاعهم على أي حال بغض النظر عن آرائهم.

واستعرض التقرير الحرب الإيرانية العراقية، وحرب الخليج، وغزو العراق عام 2003، والحرب الروسية الجورجية عام 2008، وحرب ناغورنو كاراباخ عام 2020، ليقر في النهاية بأن القوة لا تزال هي الأداة الأقرب للدول من أجل حماية مصالحها في عالم يحكمه الطابع المعيب للطبيعة البشرية والبنية الفوضوية للنظام الدولي.

الأساليب العسكرية المبتكرة والتقليدية في الحرب

يوضح المحللان العسكريان، صن بين، ومارتن فان كريفيلد، للمجلة السياسية، إن الحرب الروسية الأوكرانية مزجت بين الأساليب التقليدية والمبتكرة للحروب، مثل الحصار الذي تفرضه موسكو على كييف من أجل قطع الإمدادات وإحباط معنويات الجنود، وزيادة الضغط النفسي، إضافة إلى المكونات الأكثر حداثة مثل الطائرات دون طيار والصواريخ فائقة السرعة وغيرها.

وكذلك أشار المحللان إلى استخدام أوكرانيا العملات المشفرة في تمويل الجيش، و اللجوء إلى المرتزقة من الطرفين، لكن حرب أوكرانيا لا تُخاض بالرصاص فقط، بحسب المجلة، بل تشمل الحرب الاقتصادية بين الغرب وروسيا، والهجمات السيبرانية وكذلك الحرب النفسية والإعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس الطابع متعدد الأوجه للحرب الحديثة بحسب التحليل.

الجغرافيا محور رئيس في السياسات الدولية

أحد كبار المنظرين للتفكير الجيوسياسي الكلاسيكي، هالفورد ماكيندر، قال لـ” جيوبوليتيكال مونيتور”، إن الدرس الثالث من الحرب الروسية الأوكرانية هو أن الجغرافيا هي محور رئيس في السياسة الدولية، مشيرًا إلى أن الأنظمة السياسية تتبدل على مر الزمان، لكن الجغرافيا تظل باقية.

وأضاف :”ليس من المستغرب أن طبيعة أوكرانيا باعتبارها ساحة معركة متنازع عليها لعدة قرون، نتيجة موقعها كممر جغرافي ولوجستي يربط شبه الجزيرة الأوروبية بقلب أوراسيا، وهي منطقة محورية بالنسبة للمساعي الإمبريالية للسيطرة على العالم”.

أنظمة الأسلحة المستخدمة لدى الجيش الأوكراني

وبحسب “إيه بي سي نيوز” أرسلت الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. وقدمت دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا والمملكة المتحدة أسلحة مماثلة.

وأشاد القائد العسكري الأعلى للولايات المتحدة في أوروبا، تود وولترز، بالجيش الأوكراني وقدرته على وقف العمليات العسكرية الروسية باستخدام أنظمة الأسلحة التي يوفرها الجيش الأمريكي، إلا أن وزن الدبابات الأمريكية الثقيل والتضاريس المعقدة في أوروبا تفرض على واشنطن التفكير في إعادة التوازن الصحيح بين قدرة الدبابة على الحركة وجعلها أخف وزنًا.

حملات تطهير في صفوف الجيش الروسي

شن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عملية “تطهير داخلية” شملت جنرالات وضباط استخبارات بسبب الإخفاق في أوكرانيا، وفقًا لـ“يورو ويكلي نيوز”. وخسرت روسيا حتى الآن 4 من أفضل جنرالاتها في الحرب.

وبحسب الموقع، تعد خطوة بوتين لحفظ ماء الوجه بعد فشل تقييماتهم في عملية اتخاذ القرار قبل الحرب، أو انتقام من المعلومات الاستخبارية الخاطئة التي يعتقد أنهم قدّموها له، وصرح سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، في 9 مارس أن الكرملين استبدل 8 جنرالات بسبب إخفاقاتهم في أوكرانيا.

الفشل العسكري الروسي

وفشلت روسيا باستمرار في توفير الضربات الجوية ودعم قواتهم البرية اللازمة للانتقال إلى مدن رئيسية مثل كييف، وأدى هذا إلى قصف القوات الروسية للمدن من الأطراف، وضرب المستشفيات والمباني السكنية، لذلك كان التوجه الجديد في تدريبات الجيش الأمريكي هو كيفية محاربة خصم قاتل داخل مناطق حضرية مأهولة وسط إطلاق نيران المدفعية عشوائيًّا.

وصرحت وزيرة الجيش الأمريكي، كريستين ورموت، وفقًا لمجلة“أرمي تايمز” المتخصصة في أخبار الجيش الأمريكي، “أعتقد الآن أن الجيش بأكمله ينظر حقًا إلى ما يحدث في أوكرانيا، ويحاول تعلم الدروس”، مضيفة “إن هذه الدروس تتراوح من مشكلات روسيا في المعدات واللوجستيات إلى الاتصالات واستخدام الإنترنت”.

ربما يعجبك أيضا