هل تنتهي احتجاجات الجوع الإيرانية بسقوط النظام هذه المرة؟

هالة عبدالرحمن

اندلعت الاحتجاجات بعد أن خفَّضت الحكومة الدعم الحكومي للمواد الغذائية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار 300% لعديد من المواد الغذائية التي تعتمد على الدقيق.


حشدت الحكومة الإيرانية عشرات الآلاف من أنصارها، الجمعة الماضية، في استعراض للقوة بعد أسابيع من احتجاجات فئوية تحولت إلى أعمال عنف.

وأدى احتشاد المؤيدين والمعارضين إلى اعتقالات وإصابات، فهل ستنتهي الاحتجاجات بسقوط النظام هذه المرة؟ سؤال طرحته “واشنطن بوست” التي قالت إن النظام الإيراني يقف عاجزًا أمام مجموعة من المعضلات الاقتصادية، وتوتر الأمور أكثر مع تزايد يأس المواطنين.

تاريخ الاحتجاجات ضد النظام الإيراني

استخدم النظام الإيراني أساليبه الدعائية لصرف الانتباه عن الاحتجاجات، وإلقاء اللوم على التدخل الأجنبي، ولكنه لم يعد قادرًا على احتواء الغضب الشعبي هذه المرة، كما فعل طوال تاريخه الممتد 43 عامًا، فلا يوجد الكثير لتقديمه، ومن الصعب تصور أي شيء سوى الإحباط المتزايد للمواطنين العاديين، وفقًا لـ”واشنطن بوست”.

وأشارت الصحيفة إلى عامل مشترك بين احتجاجات الجوع الأخيرة والاحتجاجات التي اندلعت في العام 2017، ثم مرة أخرى في أواخر 2019 وأوائل 2020، وهو ارتفاع أسعار السلع والوقود، وعدم كفاءة وفساد النظام، وتفاقمت تلك الصورة أكثر في مظاهرات 2019-2020، عندما أسقط الحرس الثوري طائرة مدنية بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار طهران، ثم حاول التستر على الحادث.

احتجاجات الطبقة الوسطى

ينظر إلى الاحتجاجات على أنها حركة حضرية للطبقة الوسطى في المناطق التي تشهد ندرة متطلبات الحياة  الأساسية، ومن ثم امتدت الحركة إلى المجتمعات المجاورة. وكانت أكثر المظاهرات كثافة حتى الآن في مدن سوريشجان وشهر كورد وبابهيدار وفرسان وحفشجان وجونقان، وكلها في مقاطعة شارمحل وبختياري الجنوبية الغربية.

وستتجاوز الاحتجاجات مجرد الاستياء من ارتفاع الأسعار، مع تضاؤل ​​إقبال الناخبين في انتخابات خاضعة لرقابة مشددة وغير تنافسية خلال الدورات الأخيرة، وقرر الإيرانيون النزول إلى الشارع للتعبير عن إحباطهم، فيما ارتبط العامل الآخر للمظاهرات بفجوة الثروة المتزايدة، وما يمثله من فساد واكتناز واضح للطبقة الحاكمة.

ارتفاع الأسعار يشعل المشهد

اندلعت الاحتجاجات في أوائل مايو الحالي بعد أن خفضت الحكومة الدعم الحكومي للمواد الغذائية، ما أدى لارتفاع أسعار عديد من المواد الغذائية التي تعتمد على الدقيق بنحو 300%، وارتفعت أسعار السلع الأساسية الأخرى مثل زيت الطهي، ومنتجات الألبان، وقالت الحكومة إن الخطوة تهدف إلى إعادة توزيع الدعم على ذوي الدخل المنخفض.

وأدخل الرئيس إبراهيم رئيسي تغييرات تهدف إلى السيطرة على أسعار السلع الأساسية خلال الشهر الحالي، في محاولة للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار القمح العالمية والعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني، وقال الخبير في مركز الأبحاث “باورس آند بازار”، زيب كالب، خلال تصريحات لـ” بي بي سي”، إن معظم المتظاهرين كانوا من العاملين في القطاع العام.

كيف ردت الحكومة الإيرانية على الاحتجاجات

وفقًا لـ”بي بي سي”، حشدت الحكومة الإيرانية عشرات الآلاف من أنصارها، الجمعة الماضية، في استعراض محلي للقوة، بعد أسابيع من احتجاجات على ارتفاع الأسعار تحولت إلى أعمال عنف، ما أدى إلى اعتقالات وإصابات على مستوى البلاد.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن آلاف المؤيدين للحكومة احتشدوا خارج طهران، بينهم 50 ألفًا من الحرس الثوري، وأظهرت مقاطع فيديو، نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي شملت 40 مدينة وبلدة على الأقل في جميع أنحاء إيران، ردد فيها المتظاهرون شعارات مناهضة للحكومة، وطالبوا بإسقاط النظام.

أسباب تفاقم الأوضاع الاقتصادية

كان الاقتصاد الإيراني الذي أنهكته العقوبات الغربية وجائحة كوفيد-19، يكافح بالفعل من أجل التأقلم مع الأوضاع العالمية الجديدة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه تلقى ضربات موجعة، خصوصًا أن إيران تعد واحدة من أكبر مستوردي القمح، وتعتمد على روسيا وأوكرانيا في ما يقرب من 40% من إمدادات القمح.

وذكرت وكالة “رويترز”، أنه منذ فرض الولايات المتحدة عقوبات على النفط الإيراني في العام 2018، اعتمدت طهران على مشترين صينيين، لكنَّ صادراتها من الخام إلى بيكين تراجعت منذ الحرب في أوكرانيا. وأضافت الوكالة أن بكين تميل أكثر نحو نفط روسيا التي تواجه عقوبات غربية بسبب الحرب.

عقبات أمام إنجاز الاتفاق النووي

بحسب “واشنطن بوست”، احتجزت إيران عديدًا من الغربيين كرهائن، بما في ذلك مواطنان فرنسيان تزعم وسائل الإعلام الحكومية أنهما ساعدا في التحريض على الاحتجاجات. وتتعرض رهينة أخرى للتهديد بالإعدام، واعتقل عديد من العاملات في مجال الإعلام دون تفسير، مشيرة إلى أن تلك علامات ضعف النظام، بدلاً من الخضوع لتلبية مطالب الشعب.

وبالنظر إلى موقف النظام الإيراني المتشدد من مفاوضات العودة إلى اتفاق نووي مع الغرب، فإنه يعاني من ضائقة مالية وغير قادر على بيع نفطه قانونيًّا، ومع ذلك قدم الفريق الإيراني في المفاوضات سلسلة من المطالب الأيديولوجية خلقت عقبة لا يمكن التغلب عليها أمام تجديد الاتفاق النووي.

ربما يعجبك أيضا