إيران تحتجز ناقلتي نفط يونانيتين.. ماذا يحدث في مياه الخليج؟ «تفاعلي»

رنا أسامة

تبدو الواقعة انتقامًا إيرانيًا من أثينا، لمساعدتها في مصادرة نفط خام من الناقلة لانا التي ترفع العلم الإيراني هذا الأسبوع بالبحر الأبيض المتوسط.


احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلتيّ نفط يونانيتين في مياه الخليج يوم 27 مايو 2022، ردًا على احتجاز أثينا شحنة وقود إيرانية تحمل العلم الروسي الشهر الفائت بطلب أمريكي.

وقال الحرس الثوري الإيراني، في بيان مُقتضب عقب الحادث، إن ناقلتي النفط ارتكبتا “انتهاكات”، دون مزيد من التفاصيل، وسارعت اليونان سارعت لاتهام إيران بـ”القرصنة”، داعية مواطنيها لتجنب السفر إلى طهران. فماذا يحدث في مياه الخليج؟

انتقام إيراني

وفق وكالة أسوشيد برس الأمريكية، تبدو الواقعة انتقامًا إيرانيًا من أثينا، لمساعدتها في مصادرة نفط خام من الناقلة لانا الأسبوع الماضي بالبحر الأبيض المتوسط​​، ردًا على انتهاك عقوبات أمريكية ساحقة على طهران. وقبل وقت قصير من الحادث، حذر موقع نور نيوز القريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، من أن طهران تخطط لاتخاذ “إجراءات عقابية”.

وتمثل الغارة الإيرانية أول حادث كبير في مياه الخليج منذ أشهر، مع استمرار التوترات بين إيران والغرب على وقع اتفاقها النووي المُمزّق، وسط مخاوف من وصول مفاوضات إحيائه لطريق مسدود، مع تخصيب طهران مزيد من اليورانيوم، وإنتاجها أسلحة أكثر من أي وقت مضى، بما يُزيد من خطر اندلاع حرب أوسع.

تحذير يوناني: أعمال قرصنة

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية اليونانية في بيان، أنها اتخذت موقفًا قويًا تجاه السفير الإيراني في أثينا، بشأن “الاستيلاء العنيف على ناقلتين ترفعان العلم اليوناني” بمياه الخليج، مُضيفة أن “هذه الأعمال ترقى فعليًا إلى مستوى أعمال القرصنة”.

ودعت اليونان للإفراج الفوري عن السفينتين وطاقميهما، محذرةً من أن الاحتجاز سيكون له “عواقب سلبية” على العلاقات الثنائية، وعلاقات إيران مع الاتحاد الأوروبي الذي يضم اليونان ضمن أعضائه الـ28.

ما الناقلتان المُحتجزتان؟

بحسب الخارجية اليونانية، هبطت مروحية إيرانية على الناقلة دلتا بوسيدون، في المياه الدولية بالخليج العربي، على بُعد حوالي 22 ميلًا من الساحل الإيراني، وأخذ مُسلّحون أفراد طاقمها أسرى، من بينهم يونانيين اثنين. وأبلغت الوزارة عن حادث مماثل لسفينة أخرى ترفع العلم اليوناني، كانت تقل 7 يونانيين قُرب الساحل الإيراني

وحدّد مسؤول يوناني الناقلة الثانية بأنها برودنت واريور، التي تديرها شركة بولمبروس للشحن في اليونان، كانت تقل 24 يونانيًا وفلبينيًا، بحسب تصريحات متحدث باسم الشركة لموقع لويدز ليست البريطاني المعني بتتبع أخبار سفن الشحن.

ماذا عن خط سيرهما؟

قبل احتجازهما، انطلقت ناقلتا النفط من مرفأ البصرة النفطي العراقي، مُحمّلتين بنفط خام، وأظهرت بيانات موقع مارين ترافيك المعني برصد حركة الملاحة البحرية. وفق البيانات، غادرت ناقلة برودنت واريور المبنيّة عام 2017، مدينة رأس لفان في شمال قطر يوم 22 إبريل الماضي، وتُبحر حاليًا بسرعة 10.3 عقدة شرقًا باتجاه الفُجيرة الإماراتي، مع توقعات بوصولها صباح اليوم 28 مايو 2022.

أما دلتا بوسيدون المبنيّة عام 2011، فغادرت ميناء البصرة مساء يوم 26 مايو 2022، وتُبحر حاليًا بسرعة 12.2 عقدة شرقًا، باتجاه مدينة أجيوي ثيودوروي اليونانية، وسط تقديرات بوصولها مساء يوم 10 يونيو المُقبل، بحسب بيانات مارين ترافيك.

“اقتراب” من المياه الإيرانية

قال مسؤول دفاعي أمريكي، تحدث لأسوشيتد برس شريطة عدم كشف هويته، إن السفينتين اقتربتا على ما يبدو من المياه الإقليمية الإيرانية يوم 27 مايو، ولم ينجرفا للمياه الإيرانية إلا بعد احتجازهما، مُضيفًا أن السفينتين أوقفتا أجهزة التعقب الخاصة بهما، لكن أيًا منهما لم يُصدر نداء استغاثة أو طلب مساعدة.

ويُعد الاحتجاز الإيراني الأحدث في عمليات خطف وتفجيرات تعصف بمياه الخليج، منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي خلال حكم الرئيس السابق، دونالد ترامب. واتهمت البحرية الأمريكية إيران في سلسلة هجمات بالألغام على سفن دمّرت ناقلات نفط عام 2019، وهجوم بطائرة مُسيّرة على ناقلة نفط مرتبطة بإسرائيل أودى بحياة طاقمين أوروبيين في 2021. ونفت طهران الاتهامات الأمريكية.

إيران تحتجز ناقلتي نفط يونانيتين

حرب ظل

رُغم نفي طهران، قالت أسيوشيتد برس إن حرب أوسع شبّت بين إيران والغرب في مياه الخليج، فكانت عمليات احتجاز ناقلات نفط عام 2019 جزءًا منها، عندما احتجزت إيران الناقلة ستينا إمبيرو التي ترفع العلم البريطاني، ردًا على احتجاز لندن ناقلة إيرانية قبالة جبل طارق. واحتجزت إيران العام الماضي ناقلة ترفع علم كوريا الجنوبية، لعدة أشهر، وسط نزاع بشأن أصول مُجمدة بمليارات الدولارات تمتلكها سيول.

وقالت شركة الاستخبارات البحرية درياد جلوبال، إن الحادث الأخير يمثل “عملًا انتقاميًا يتماشى مع تاريخ طهران التي تحتجز سفًنا بطريقة متبادلة”، مُضيفة: “السفن التي ترفع العلم اليوناني قُرب المياه الإيرانية، مُعرّضة حاليًا لخطر اعتراضها، وننصح بتجنب المنطقة لحين إشعار آخر”. وقالت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية شبه الرسمية، مُغرّدة: “ثمة 17 سفينة يونانية أخرى في الخليج يمكن الاستيلاء عليها”.

سفينة دعم إيرانية قُرب هرمز

صور أقمار صناعيةفي غضون ذلك، يبني الحرس الثوري سفينة دعم جديدة ضخمة قُرب مضيق هرمز الاستراتيجي، في إطار محاولات توسيع النفوذ الإيراني البحري في المياه الحيوية لإمدادات الطاقة الدولية وما وراءها. كما بيّنت صور أقمار صناعية قالت أسوشيتد برس إنها حصلت عليها.

ووفق الوكالة الأمريكية، سيوفر بناء السفينة “شهيد مهدوي” للحرس الثوري قاعدة كبيرة عائم، ليدير منها زوراق صغيرة سريعة تشكل أسطوله إلى حد كبير ومصممة للتصدي للبحرية الأمريكية والقوات الحليفة الأخرى في المنطقة. لكن مع استمرار تعثّر مفاوضات الاتفاق النووي، لا تزال المواجهات البحرية بين طهران والغرب تمثل خطرًا.

ربما يعجبك أيضا