هل تستطيع إفريقيا النمو دون الوقود الأحفوري؟ «تفاعلي»

آية سيد
الطاقة المتجددة

هل تستطيع إفريقيا تحقيق النمو دون الاعتماد على الوقود الأحفوري؟


في الوقت الذي يطالب العالم المتقدم بخفض الانبعاثات، يتساءل القادة الأفارقة إذا كان من الممكن بناء الصناعات على الطاقة المتجددة وحدها.

ووفق تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز، في 1 يونيو 2022، تمتلك بعض الدول الإفريقية مصادر للطاقة المتجددة، لكنها ليست موهوبة بنفس القدر في استغلالها. هذا يطرح سؤال حول ما إذا كانت الدول الفقيرة تستطيع تحقيق مستوى معيشة مرتفع دون الاستخدام المكثف للوقود الأحفوري.

الطاقة المتجددة في الدول الإفريقية

بحسب هيئة تنظيم الطاقة والبترول الكينية، تمثل الطاقة المتجددة، التي تشمل الطاقة الكهرومائية والشمسية والحرارية الأرضية وطاقة الرياح، تمثل 75% من توليد الكهرباء في كينيا. وتمتلك كينيا احتياطيات من الطاقة الحرارية الأرضية تكفي لمضاعفة قدرتها الحالية 8 مرات. نظريًا، هذا سيمنحها الفرصة لتكثيف الصناعات التي تعمل بالطاقة المتجددة من التصنيع الأخضر إلى الهيدروجين الأخضر.

ورغم أن 22 دولة إفريقية تستخدم الطاقة المتجددة كمصدر رئيس للكهرباء، بحسب مؤسسة محمد إبراهيم البحثية، لا تمتلك جميعها نفس القدر من الموهبة لاستغلالها. فبعض الدول، مثل الكونغو الديمقراطية، تمتلك إمكانية كهرومائية ضخمة، ودول أخرى، مثل ناميبيا بساحلها الطويل وصحاريها، في وضع جيد للاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفي نهاية المطاف الهيدروجين.

الطاقة المتجددة لا تكفي

بحسب تقرير فاينانشيال تايمز، يرى الكثير من المسؤولين الأفارقة أن الطاقة المتجددة ليست بديلًا للطاقة الهيدروكربونية اللازمة لصناعة الصلب وتشغيل المصانع وخلق فرص عمل لسكان الحضر المتنامين. ومتوقع أن يتضاعف عدد سكان إفريقيا إلى 2.5 مليار بحلول 2050. وقال نائب رئيس نيجيريا، يمي أوسينباجو، الشهر الماضي: “لم يستطع أحد في العالم حتى الآن التصنيع باستخدام الطاقة المتجددة”.

إفريقيا ليست مسئولة عن انبعاثات الكربون

ذكر التقرير أنه باستثناء جنوب إفريقيا وبعض الدول مثل مصر والجزائر، يستهلك الأفارقة في المتوسط قدرًا بسيطًا من الطاقة وتمثل انبعاثاتهم من الكربون جزءًا ضئيلًا من نظرائهم الغربيين. وتُعتبر إفريقيا مسؤولة عن 3% من انبعاثات الكربون العالمية، مع استبعاد الزراعة وإزالة الغابات. لكنها تعاني على نحو غير متكافئ من تغير المناخ.

ويرى كثير القادة والخبراء ومديري شركات الطاقة الأفارقة، أن الإصرار على تجميد إفريقيا لانبعاثات الكربون يُعد نفاقًا صارخًا، وأن طلب مثل هذا يساوي الطلب من القارة أن تظل فقيرة للأبد، مبينًا أن قمة المناخ “كوب 27” المنعقدة في مصر في نوفمبر القادم ستمنح الأفارقة الفرصة لتصحيح ما يرونها أجندة متحيزة للغرب والتي طُرحت في قمة العام الماضي ببريطانيا.

النفاق الغربي

ينتقد الكثيرون في إفريقيا البنوك الغربية والمؤسسات متعددة الجنسيات بسبب تخليها عن تمويل مشروعات الغاز. ويقول محمد إبراهيم: “من غير الأخلاقي والسخيف أن يقول البعض إنهم سيقطعون تمويل مشروعات الغاز في إفريقيا بدافع حرصهم على البيئة، في الوقت الذي يتمرغون في الغاز الروسي”. وبينما تتجه أوروبا لحظر الغاز الروسي، كانت تجوب العالم بحثًا عن مصادر بديلة.

وتقول بوتسوانا إنها غُمرت بطلبات من الدول الأوروبية لإمدادات الفحم في تغيير مفاجئ وصفه الأستاذ في جامعة كيب تاون، كارلوس لوبيس، بأنه يفضح نفاق الموقف الأوروبي من الوقود الأحفوري. وأضاف مستشار رئيس السنغال لسياسة الطاقة، مامادو فول كاين: “منذ الحرب في أوكرانيا، اختفى اعتراض الأوروبيين على الغاز، بل وأصبحوا يبحثون عن مصادر جديدة”.

الوقود الأحفوري في إفريقيا

تمتلك إفريقيا الكثير من الوقود الأحفوري، وفق التقرير. وحققت موزمبيق اكتشافات هائلة للغاز الذي يمكن تسييله وشحنه على السفن. وإضافة لهذا، جذبت اكتشافات النفط والغاز الأخيرة قبالة سواحل كوت ديفوار وغانا والسنغال وموريتانيا الاهتمام الأوروبي. وتمتلك نيجيريا الإمكانات لتكثيف صادرات النفط.

وفي ظل الزيادة السكانية السريعة وطموحات التصنيع، تحتاج الدول الإفريقية للطاقة بكميات أكبر بكثير مما تستهلكه حاليًا. لكن هذا سيكون مستحيلًا دون الغاز.

التحول إلى الطاقة الخضراء

يقول المدير التنفيذي لمجموعة دالبيرج للاستشارات، جيمس موانجي، إن الدول الإفريقية ينبغي أن تتحول إلى الطاقة الخضراء ليس بدافع الإحساس بالالتزام الأخلاقي، بل كرد براجماتي على الفرص الجديدة التي تساوي المليارات. منوهًا بأن معظم إفريقيا لم تبن البنية التحتية للطاقة بعد، ما يُسهّل عليها اعتماد التكنولوجيات الجديدة مثل السيارات الكهربائية، وإنتاج الهيدروجين والتقاط الكربون.

وأشار التقرير إلى أن كينيا تستطيع إنتاج المنسوجات بطريقة تنافسية، لأنها تستطيع فعل ذلك ببصمة كربونية منخفضة، وبالتالي تتجنب الضرائب التي ستفرضها أوروبا بموجب “آلية تعديل حدود الكربون” المقترحة.

مجالات الاستثمار الواعدة

ذكر التقرير عدة مجالات يمكن للدول الإفريقية الاستثمار فيها، على رأسها تطوير السيارات الكهربائية، واستبدال الفحم المستخدم في الطهي بالإيثانول الحيوي في نيروبي. وأصدرت شركة ماكنزي تقريرًا يحدد أكثر من 20 فرصة للاستثمار في الأعمال الخضراء، منها تصنيع أبراج توربينات الرياح، التي يمكن تصنيعها في نيروبي. ويمثل إنتاج الهيدروجين فرصة كبيرة،

وعن احتمالية تحويل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية والحرارية الأرضية إلى هيدروجين، قال عضو مجلس الإدارة في الشراكة الإفريقية للهيدروجين، سايني نافو: “لدينا الإمكانية لتعزيز الصناعات في القارة عن طريق إنتاج طاقة خضراء موثوقة، وميسورة التكلفة، ومستدامة، وقابلة للتطوير”.

ربما يعجبك أيضا