معركة طاحنة على سفرودونيتسك وتصريحات ماكرون تثير الغضب.. ما القصة؟

آية سيد

الاستيلاء على سفرودونيتسك سيساعد روسيا في مهاجمة مدينة ليسيتشانسك المجاورة.


في الأسابيع الأخيرة، أصبحت مدينة سفرودونيتسك، الواقعة شرق أوكرانيا، نقطة محورية في الحرب الروسية الأوكرانية.

وتشهد المدينة معارك طاحنة بين القوات الروسية والأوكرانية، ويدعي كل طرف أنه يسيطر على أجزاء كبيرة من المدينة. ويرى خبراء عسكريون أن هذه المعركة قد تحدد أي طرف يمتلك الزخم لخوض حرب استنزاف مطولة في الشهور المقبلة.

أوكرانيا تستعيد السيطرة على سفرودونيتسك

أعلنت أوكرانيا، أمس السبت 4 يونيو 2022، استعادتها السيطرة على جزء كبير من مدينة سفرودونيتسك، في هجوم مضاد (نادر) ضد القوات الروسية، وعكس سياق العمليات الحربية في الشرق الأوكراني في الأيام الماضية، بحسب ما أوردت رويترز في 4 يونيو.

وتُعد هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها كييف شنّ هجوم مضاد كبير في سفرودونيتسك بعد أيام من تحقيق المكاسب على الأرض. إلا أن الادعاء الأوكراني لم يتحقق حتى الآن، خاصةً وأن موسكو صرّحت بأن قواتها تحقق مكاسب هناك.

ومن جانبه، قال عمدة سفرودونيتسك، أوليكسندر ستريوك، إن قتال الشوارع مستمر في المدينة، وسط تبادل لنيران المدفعية. ووصف الوضع بأنه عصيب ومعقد، وقال: “يفعل جيشنا كل ما في وسعه لطرد العدو من المدينة”، لافتًا إلى وجود نقص في الغذاء والوقود والدواء.

دخول القوات الروسية للمدينة

ذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست، يوم 4 يونيو، أن القوات الروسية أمطرت سفرودونيتسك بالمدفعية، ودخلت وسط المدينة يوم الاثنين الماضي. وقال حاكم إقليم لوهانسك، سيرهي هاي داي، إن الروس يسيطرون على 70% من المدينة، مضيفًا إن القوات الروسية تفجر الجسور لمنع الأوكرانيين من جلب التعزيزات أو المساعدات.

وبحسب التقرير، تُعد سفرودونيتسك خطوة مهمة لتقريب موسكو من هدفها بالاستيلاء على منطقة دونباس، التي تضم جمهوريتي لوهانسك ودونيتسك المعلن انفصالهما بنحو أحادي من قبل روسيا. وتقع سفرودونيتسك في لوهانسك بالقرب من حدودها مع دونيتسك، وعلى نهر سيفرسكي دونتس الذي يمر عبر شرق أوكرانيا.

الأهمية الاستراتيجية لسفرودونيتسك

بحسب واشنطن بوست، تضم سفرودونيتسك مصانع عدة، بالإضافة إلى مصنع آزوت للكيماويات، وهو واحد من أكبر مصانع الأسمدة النيتروجينية في أوكرانيا. وتقدم المدينة مزايا استراتيجية لروسيا بفضل موقعها على نهر سيفرسكي دونتس. وهي واحدة من 3 مدن تحتاجها روسيا لإعلان النصر في دونباس، بحسب مدير برنامج دراسات روسيا في مركز التحليلات البحرية بولاية فرجينيا الأمريكية، مايكل كوفمان.

وعلاوة على هذا، فإن الاستيلاء على سفرودونيتسك سيساعد روسيا في مهاجمة مدينة ليسيتشانسك المجاورة، التي تمتلك ثاني أكبر مصفاة للنفط، لتأمين السيطرة الكاملة على منطقة لوهانسك، ومن ثم الانتقال إلى دونيتسك. لكن نهر سيفرسكي دونتس يمثل عقبة أمام تقدم القوات الروسية إلى ليسيتشانسك، التي تقع على جانبي النهر، ثم إلى دونيتسك.

تقرير استخباراتي بريطاني

عن الوضع على الأرض، أوردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 4 يونيو، تقريرًا استخباراتيًّا بريطانيًّا يفيد بأن روسيا زادت من استخدام القوة الجوية لدعم المدفعية والقوات البرية في منطقة دونباس، بما فيها مدينة سفرودونيتسك. وذكر التقرير أن “الاستخدام المشترك للضربات الجوية والمدفعية كان عاملًا رئيسًا في النجاحات التكتيكية الأخيرة لروسيا في المنطقة”.

وفي هذا الشأن، قال بيان لوزارة الدفاع الروسية، أمس السبت، إن القوات الأوكرانية تتراجع من المدينة، وهو ما نفاه المسؤولون الأوكرانيون. وقال المسؤول العسكري الإقليمي الأوكراني إن القوات الأوكرانية نجحت في طرد القوات الروسية بنسبة 20%.

تصريحات ماكرون تثير الغضب

في حوار مع مجموعة من الصحف الإقليمية في فرنسا، قال ماكرون: “يجب ألا نهين روسيا بحيث نتمكن في اليوم الذي يتوقف فيه القتال من إيجاد مخرج عبر القنوات الدبلوماسية”. ووصف ماكرون قتال روسيا ضد أوكرانيا بأنه “خطأ تاريخي وفادح”، قائلًا إن دور فرنسا هو أن تكون قوة وسيطة لمنع تصعيد الصراع.

وردًّا على هذه التصريحات، كتب وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، تغريدة على تويتر، قال فيها إن دعوات تجنب إهانة روسيا ليست سوى “إهانة لفرنسا ولكل دولة تدعو إليها”، مضيفًا: “إن روسيا هي التي تهين نفسها”. وتابع: “من الأفضل أن نركز على كيفية وضع روسيا في مكانها المناسب. هذا سيجلب السلام وينقذ الأرواح”.

ووفقًا لرويترز، قال الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، يمكن وقف العواقب الوخيمة لهذه الحرب في أي لحظة… ببساطة إذا أصدر شخص واحد الأمر. في إشارة واضحة إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وتابع قائلًا: “وحقيقة أن هذا الأمر لم يصدر بعد هي إهانة واضحة للعالم بأسره”.

رفض الوساطة الفرنسية

قال مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخائيلو بودولياك، عن عرض الوساطة الفرنسية، “لا يوجد مغزى من عقد مفاوضات قبل الحصول على الأسلحة (التي نحتاجها) بالكامل، وقبل أن نقوي مواقفنا بأن ندفع القوات الروسية قدر الإمكان نحو الحدود”، بحسب ما أوردت رويترز.

ومن جانبها، أوضحت موسكو أن الأسلحة “ستسكب الزيت على النار”، لكنها لن تغير مسار “العملية العسكرية الخاصة” لنزع سلاح أوكرانيا وتخليصها من القوميين. هذا ومن المقرر أن يناقش بوتين الحرب في حوار من المقرر إذاعته اليوم الأحد على التليفزيون الوطني الروسي.

وفي مقتطف من الحوار، أذاعته وكالة الأنباء الروسية “ريا نوفوستي”، يوم السبت، قال بوتين إن موسكو تتكيف بسهولة مع منظومات الأسلحة الأمريكية المرسلة إلى أوكرانيا ودمرت العشرات منها.

ربما يعجبك أيضا