وسط غضب إسلامي.. الحزب الحاكم في الهند يعلق عمل الناطق باسمه

آية سيد

أثارت تصريحات المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا غضب المسلمين حول العالم، ما يشكل تهديدًا لعلاقات الهند بالدول الإسلامية.


على خلفية تصريحات مسيئة للإسلام، أعلن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند، الأحد 5 يونيو 2022، تعليق عمل المتحدثة باسمه، نوبور شارما.

وقال الحزب، في بيان بثه عبر موقعه الرسمي، إنه يحترم كل الأديان، موضحًا “أن حزب بهاراتيا جاناتا يدين بشدة إهانة أي شخصيات دينية لأي دين”، بحسب ما أوردت رويترز، وأعلن أيضًا طرد متحدث آخر.

تراجع شارما عن تصريحاتها

نشرت شارما تغريدة، عبر حسابها على تويتر، تعتذر فيها عن تصريحاتها المسيئة. وقالت إن هذه التصريحات جاءت ردًّا على تعليقات بشأن إله هندوسي، ولكنها لم تقصد إهانة المشاعر الدينية لأي شخص. وكتبت: “إذا تسببت كلماتي في إزعاج أو جرحت المشاعر الدينية لأي شخص، فأنا أسحب تصريحاتي”.

ووفقًا لرويترز، طرد حزب بهاراتيا جاناتا متحدثًا آخر، وهو نافين جيندال، بسبب نشره تصريحات مسيئة للإسلام عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقال جيندال، على تويتر، إنه شكّك في بعض التعليقات الصادرة عن الآلهة الهندوسية. وكتب: “أنا شككت بها فقط، ولكن هذا لا يعني أنني ضد أي دين”.

رد حزب بهاراتيا جاناتا

بحسب موقع ذي إنديان إكسبريس، في 6 يونيو 2022، أصدر السكرتير العام لحزب بهاراتيا جاناتا، آرون سينج، بيانًا يشدد فيه على أن الحزب يحترم كل الأديان. وقال البيان: “حزب بهاراتيا جاناتا ضد أي أيديولوجية تهين أي طائفة أو دين أو تقلل من قدرهما، والحزب لا يُروّج لهؤلاء الأشخاص أو هذه الفلسفة”.

وتابع البيان: “يمنح دستور الهند الحق لكل مواطن في اعتناق أي دين من اختياره، وفي احترام كل الأديان. وبينما تحتفل الهند بعيد استقلالها الـ75، نحن ملتزمون بجعل الهند دولة عظيمة يحظى فيها الجميع بالمساواة ويعيشون بكرامة”.

وذكرت مصادر من داخل الحزب أن تصريحات شارما “أغضبت وأحبطت” القيادات، بما فيهم رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، الذي يلعب على شعار “معًا لنمو الجميع، بثقة الجميع”، في حل قضايا الحوكمة.

غضب في الدول الإسلامية

أثارت تصريحات شارما المسيئة غضب المسلمين في أنحاء العالم، بحسب بي بي سي. ويرى خبراء أن ردّ الحزب الحاكم قد لا يكون كافيًا، لأن المسألة أخذت منحى دوليًّا، وأثارت احتجاج دول إسلامية عدة. واستدعت الكويت وقطر وإيران سفراء الهند لديها لتسجيل الاحتجاج على تلك التصريحات، في حين أدانت السعودية بشدة تلك التصريحات اليوم الاثنين.

وأوردت بي بي سي أن السعودية استخدمت عبارات قوية في بيانها. وجاء في البيان: “تعرب وزارة الخارجية عن شجبها واستنكارها للتصريحات الصادرة عن المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا الهندي، من إساءة للنبي محمد، عليه الصلاة والسلام، وتؤكد رفضها الدائم للمساس برموز الدين الإسلامي، وترفض المساس بالشخصيات و الرموز الدينية كافة”.

وقالت قطر، في المذكرة التي سلمتها إلى سفير الهند، إنها تتوقع اعتذارًا علنيًّا. وذكرت أن “السماح لمثل هذه التصريحات المعادية للإسلام بالاستمرار دون عقاب يشكّل خطرًا جسيمًا على حماية حقوق الإنسان، وقد تؤدي إلى مزيد من التحيز والتهميش الذي سيؤدي إلى حلقة من العنف والكراهية”. وردًّا على ذلك، قال السفير الهندي، ديباك ميتال، إن التصريحات صادرة عن “أشخاص هامشيين” لا تمثل الحكومة.

تفاقم الاستقطاب في الهند

يرى نقاد أن الاستقطاب الديني تفاقم في الهند، منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في 2014، وفقًا لبي بي سي. وشهدت الأسابيع الماضية توترًا حادًّا بعد لجوء مجموعة من الهندوس إلى محكمة محلية في فاراناسي للحصول على تصريح بالصلاة في مسجد عمره مئات السنوات، زاعمين أنه بُني على أنقاض معبد قديم.

ونتيجة لهذا، عقدت القنوات التليفزيونية مناظرات استفزازية، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي تفشي الكراهية بشأن القضية. ونوّه محللون أن التداعيات الدولية لهذا الجدل يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار للهند.

وقال نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون للأبحاث، مايكل كوجلمان، يجب على نيودلهي أن تعلم أنه عندما يتعلق الأمر بسياسة الدولة التي أصبحت سامة جدًّا، فإن ما يحدث في الهند لا يبقى في الهند. ومع نمو نفوذ الهند العالمي، وتعزيز شراكاتها الدبلوماسية والاقتصادية بالخارج، يصبح الكثير على المحك، عندما تسبب سياستها الداخلية عدم رضا في الخارج.

حان الوقت لتوحيد الهند

في ظل الجدل المثار بشأن التصريحات المسيئة، دعا رئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي، راهول غاندي، إلى توحيد الهند، بحسب ما أورد موقع هندوستان تايمز، اليوم 6 يونيو. وكتب غاندي، في تغريدة على تويتر، مساء الأحد، الكراهية لا توّلد إلا الكراهية. وحده طريق الحب والأخوة قد يأخذ الهند نحو التقدم. حان الوقت لتوحيد الهند.

ورغم الإجراءات التي اتخذها الحزب الحاكم، شنّ حزب المؤتمر الوطني هجومًا لاذعًا على بهاراتيا جاناتا. وقال المتحدث باسم المؤتمر، رانديب سيرجوالا: “الحقيقة هي أن بهاراتيا جاناتا دفع الهند إلى عصر مظلم من الاستقطاب الديني لخدمة أجندته السياسية ضيقة الأفق في المدى القصير”.

وأضاف إن طرد المسؤولين الضالعين في التصريحات المسيئة، الذي جرى بضغط من قوى خارجية، يفضح “المواقف القوية” لحزب بهاراتيا جاناتا وحكومة مودي التي جرى الترويج لها كثيرًا.

ربما يعجبك أيضا