عسكرة القطب الشمالي ودروس في الحرب الحديثة.. أبرز ما تناولته مراكز الأبحاث

هالة عبدالرحمن

تنامي مخططات عسكرة القطب الشمالي في ظل المواجهات المحتدمة بين الناتو وواشنطن من جهة وروسيا من جهة أخرى، وأبرز دروس الحرب الحديثة المستفادة من فشل روسيا في تحقيق معظم أهدافها في أوكرانيا، أبرز ما تناولته المراكز البحثية.


في ظل تصاعد النزاع في أوروبا وبروز تحولات ملحوظة في المشهد الدولي، اهتمت مراكز أبحاث أمريكية وأوروبية ببعض القضايا ذات الصلة.

وتصدرت تلك الاهتمامات التحركات العسكرية في القطب الجنوبي والمساعي الروسية لفرض سيطرتها هناك، إلى جانب العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، وتأثير اقتراب بكين من إطلاق حاملة طائرات عملاقة على مسار المواجهات في بحر الصين الجنوبي.

عسكرة القطب الشمالي

ناقشت ورقة بحثية أصدرها معهد “تشاتام هاوس” التهديدات والمواجهات المتزايدة في منطقة القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، وسلطت الضوء على السياسات الروسية الخاصة بالمناطق القطبية التي قالت إنها تتجه نحو العسكرة على نحو متزايد، مع تنامي التهديدات التي تتعرض لها المصالح القومية الروسية.

وحذرت الورقة من أن لتلك السياسات عواقب مباشرة على الدول القطبية الأخرى المعارضة لروسيا، موضحة أن المخاوف من محاصرة روسيا للناتو وحلفائه في القطب الشمالي تتزايد، بسبب الحرب في أوكرانيا والتوسع المحتمل للحلف الناتو. في حين تستهدف روسيا على نحو رئيسي تأمين السيطرة على طريق بحر الشمال.

مواجهة جيوسياسية قطبية

وسط زيادة النشاط البشري الناجم عن تغير المناخ في القارة القطبية الجنوبية، تدرك روسيا الحاجة لحماية مصالحها الوطنية ضد الدول الأخرى المنضمة لنظام معاهدة القارة القطبية الجنوبية بحسب الورقة البحثية التي أصدرها “تشاتام هاوس”.

وتتناول الورقة بالتفصيل الأسباب الكامنة وراء المواقف العسكرية الروسية في منطقتي القطبين الشمالي والجنوبي، متوقعة أن يصبحا ساحات محتملة للنشاط العسكري والمواجهة الجيوسياسية، وتوصي بطرق لتخفيف المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطي وحلفائهم.

المناطق القطبية والتحديات الجيوسياسية

وبحسب الورقة، لم تعد المناطق القطبية معزولة عن التحديات الجيوسياسية الأوسع الناجمة عن تدهور علاقات الدول الغربية مع روسيا، ويوجد الآن خطر متزايد من أن الحقبة الحالية من “التوتر المنخفض” في القطبين الشمالي والجنوبي في طريقها إلى الأفول، لتبدأ مرحلة انعدام الأمن، إلى جانب تصاعد احتمالات المنافسة العسكرية المباشرة.

وبالنسبة لروسيا، يمكن أن تصبح القضايا القطبية مرتبطة على نحو متزايد، ويمكن أن تدفع الكرملين نحو نهج أكثر عدوانية وعسكرة للدفاع عن المصالح الوطنية المتصورة، ويدفع تغيّر المناخ والمنافسة القطبية المستقبلية، موسكو نحو التخطيط لحالات الطوارئ، وهذا يعني استباق نتائج التوترات المتصاعدة في القطب الشمالي، وتمهيد المجال لموضع قدم لها في القارة القطبية الجنوبية.

حاملة الطائرات الصينية العملاقة

ذكر تقرير معلوماتي لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (csis) أنه بعد فترة هدوء طويلة في حوض بناء السفن في جيانغنان، شمال شرقي شنغهاي، أصبحت الصين على بعد خطوة واحدة من حاملة الطائرات الكبرى المنتظرة، وأظهرت صور بالأقمار الصناعية التقطتها شركة “بلانيت لابس” أن حاملة الطائرات الأكثر تقدمًا وتطورًا على وشك الانطلاق، بعد عمليات بناء استغرقت 4 أعوام.

وأوضحت صور الأقمار الصناعية أن الطريق الآن أصبح مهيأً لغمر الحوض الجاف الذي تتمركز فيه القطعة الحربية الضخمة بالمياه لفتح المسار لها لدخول نهر اليانغتسي، وتُظهر أحدث الصور الملتقطة يوم 31 مايو 2022 أن هذه الأحواض اختفت الآن، وأن الماء يملأ جزئيًّا هذا الجزء من الحوض الجاف.

وتقدم صور الأقمار الصناعية أيضًا أدلة على خطوات ما قبل الإطلاق المتبقية التي يجب أن تحدث قبل غمر الحوض الجاف بالكامل، حتى تنزلق الحاملة في مياه النهر. وأشار التقرير إلى أن الإطلاق كان متوقعًا منذ فترة طويلة، ووصفه بأنه لحظة فاصلة في جهود التحديث المستمرة للبحرية الصينية ورمز للقوة العسكرية المتنامية للبلاد.

عملية عسكرية تركية في سوريا

أفاد مركز “كارنيغي” في تقرير له يوم الاثنين، أن تركيا التي تسيطر على مساحات شاسعة في شمال سوريا تشعر بالثقة في قدرتها على السيطرة الكاملة على بعض المناطق المجاورة، وذلك في تعليقه على إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عملية علنية تستهدف مبدئيًا مدينتي منبج وتل رفعت غربي كوباني.

وفي 26 مايو، وافق مجلس الأمن القومي التركي على إعلان الرئيس أردوغان عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا من أجل “تطهير مناطقها الجنوبية”، والدفع بالمدفعية التركية في المنطقة، بالتزامن مع تكثيف روسيا دورياتها العسكرية في مناطق شمال سوريا الخاضعة لها.

إشكالية المنطقة العازلة

وتسيطر أنقرة على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا، ولكن محاولاتها السابقة لإنشاء منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترًا على طول الحدود التركية السورية بأكملها باءت بالفشل حتى الآن.

ولا تزال القوات التركية وأسلحتها تسيطر على امتداد حوالي 70 كيلومترًا شرق وغرب مدينة كوباني، فضلاً عن جزء أكبر من الأراضي المحيطة بمدينة القامشلي، وصولًا إلى نهر دجلة في الشرق. ولكن في هذه المناطق، عرقلت القوات الروسية تركيا على نحو متكرر، في حين جرى وضع آلية “دورية مشتركة” بين أنقرة وموسكو.

بُعد سياسي محلي للعملية التركية

أشار التقرير إلى وجود بُعد سياسي محلي للعملية التركية المزمعة في شمال سوريا، على غرار الاعتراض التركي على الرغبة الفنلندية والسويدية للانضمام لحلف الناتو، موضحًا أنها تأتي في خضم مواجهة أردوغان لحملة انتخابية لا تواتيها الظروف على نحو كبير بسبب الوضع الاقتصادي السيئ، بما في ذلك التضخم المتصاعد وانخفاض مستويات الاستثمار الأجنبي.

ويرى التقرير أن أردوغان يسعى لحشد الناخبين حوله، وإسكات الانتقادات من المعارضة، فكلما زادت انتقادات القوى الأجنبية للعملية العسكرية، زادت مصلحة القيادة التركية التي تحرص دائمًا على تقديم نفسها كقوة مستقلة عن روسيا والغرب.

دروس في الحرب الحديثة

أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية “CSIS” في تقرير آخر أن روسيا فشلت في تحقيق معظم أهدافها في أوكرانيا بسبب ضعف التخطيط العسكري، والمشاكل اللوجستية الكبيرة، وانخفاض الاستعداد القتالي، ما قوض الفعالية العسكرية الروسية.

ورأى المركز أن هذا الإخفاقات ستجبر الجيش الروسي على إعادة التفكير جذريًّا في ممارسات التدريب، وشكل الهيكل التنظيمي، ولوجستيات الحرب. ورغم كل ذلك، لا تزال روسيا تتبنى سياسة توسعية، وتحاول ضم أجزاء من شرق وجنوب أوكرانيا.

تحديات لوجستية كبيرة تعطل التقدم الروسي

بحسب التقرير، واجه الجيش الروسي تحديات لوجستية كبيرة ظهرت في المرحلة الأولى من الحرب. مشيرًا إلى أن القوات البرية الروسية واجهت تحديات لوجستية وتحديات قيادة وسيطرة ضخمة في المناطق المتنازع عليها داخل أوكرانيا، وفشلت في نقل الوقود والذخائر وقطع الغيار وغيرها من المعدات بسرعة وكفاءة إلى الوحدات المنتشرة إلى الأمام.

وأوضح التقرير أيضًا أن خطوط الإمداد لم تستطع مواكبة الحشود القتالية الطويلة، ولم تكن المركبات اللوجستية محمية على نحو صحيح. وتأثرت فعالية الضربة الروسية بعيدة المدى بشدة بسبب تلك التحديات اللوجستية.

كوريا الشمالية تطلق 8 صواريخ باليستية

أشار موقع “ذا ديبلومات” إلى أنه بعد يوم من اختتام كوريا الجنوبية التدريبات البحرية المشتركة مع الولايات المتحدة، أطلقت كوريا الشمالية 8 صواريخ باليستية باتجاه المياه قبالة ساحلها الشرقي. وكذلك حشد حاملة الطائرات “يو إس إس رونالد ريغان” التي تعمل بالطاقة النووية خلال التدريبات، في ظل اعتقاد بأن بونجيانج تخطط لإجراء تجربة نووية سابعة في المستقبل القريب.

وكانت التدريبات العسكرية المشتركة الأسبوع الماضي الأولى من نوعها منذ نوفمبر 2017، لنشر الطائرات الأمريكية في المنطقة، ما يدل على إرادة سيول القوية لتعزيز القدرات العسكرية المشتركة في محاولة لردع التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.

رد كوري على السياسات العدائية

قال الموقع إن بيونجيانج دأبت على إدانة كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، واعتبرت التدريبات العسكرية المشتركة بين واشنطن وسيول في سياق “السياسات العدائية” الموجهة ضدها، وكانت التجربة الصاروخية يوم الأحد الماضي، بمثابة رد مباشر على تلك التدريبات.

ونشرت القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ بيانًا يوم السبت جاء فيه أن “عمليات إطلاق الصواريخ تسلط الضوء على التأثير المزعزع للاستقرار لبرنامج الأسلحة غير المشروعة لكوريا الشمالية”، واستدرك البيان أن “هذا الحدث لا يشكل تهديدًا مباشرًا لأفراد الولايات المتحدة، أو أراضيها، أو حلفائها”.

ربما يعجبك أيضا