زيادة غير مسبوقة في الإصابات.. هل تنقذ سنغافورة نفسها من حمى الضنك؟

أحمد ليثي

مع تفاقم تغير المناخ واشتداد حرارة الكوكب من المرجح أن تستمر الأمراض التي ينقلها البعوض في الانتشار وسيكون لها تأثير أكبر في صحة الإنسان


قالت سنغافورة إنها تواجه حالة طارئة من حمى الضنك، وتكافح مع تفشي المرض الموسمي الذي ظهر على نحو غير معتاد في وقت مبكر من هذا العام.

وبحسب تقرير سي إن إن، يوم الثلاثاء 7 يونيو 2022، تجاوزت الدولة الواقعة في جنوبي شرق آسيا بالفعل 11 ألف حالة إصابة بحمى الضنك مطلع هذا الشهر، ما يتجاوز بكثير عدد الحالات في العام 2021 الذي وصل إلى 5 آلاف و258 حالة فقط.

الرشّ

إصابات بالملايين

نقل التقرير عن منظمة الصحة العالمية أن العالم سجل 5.2 مليون حالة إصابة بحمى الضنك خلال العام 2019، وتسبب تفشي المرض بجميع أنحاء آسيا في ذلك العام في مقتل الآلاف، فراح المئات في الفلبين ضحية المرض، وتعرض ملايين آخرون للخطر عندما أعلنت البلاد وباء حمى الضنك الوطني.

وحذّر الخبراء من أن الإصابات ليست خطرًا على سنغافورة فقط التي يعتبر مناخها الاستوائي أرضًا خصبة لتكاثر البعوض الحامل للفيروس، ولكن أيضًا لبقية العالم، فالتغيرات في المناخ العالمي يمكن أن تساعد على تفشي هذه الجوائح، وتصبح أكثر شيوعًا وانتشارًا في السنوات المقبلة.

أيام أكثر سخونة وليالي أكثر دفئًا

قالت الباحثة في كلية ديوك-نوس الطبية بجامعة سنغافورة الوطنية، وخبير الأمراض المعدية الناشئة، روكلانثي دي ألويس، إن زيادة حمى الضنك في سنغافورة نتيجة لعدة عوامل، مثل الطقس الدافئ الرطب في الآونة الأخيرة، إضافة إلى سلالة فيروسية سائدة جديدة، ولكنها قالت إن تغيّر المناخ من المرجح أن يجعل الأمور أسوأ.

وأوضحت دو ألويس “أظهرت الدراسات التنبؤية السابقة أن الاحتباس الحراري بسبب تغيّر المناخ سيؤدي في النهاية إلى نمو المناطق الجغرافية التي ينمو فيها البعوض، وكذلك طول مواسم انتقال حمى الضنك”، في حين تقول خدمة الأرصاد الجوية في سنغافورة إن الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا ترتفع درجة حرارتها أسرع مرتين من بقية دول العالم.

الأمطار وتغير المناخ

درجات حرارة مرتفعة

بحسب التقرير، من المتوقع أن تصبح درجات الحرارة المرتفعة هي القاعدة، وفقًا لعالم الطقس والمناخ، كوه تيه يونج، من جامعة سنغافورة للعلوم الاجتماعية، الذي قال: “كان العقد الماضي دافئًا للغاية. نشهد الآن نحو 12 يومًا أكثر دفئًا و 12 ليلة أكثر دفئًا مقارنة بما كان عليه الأمر قبل 50 عامًا”، وأضاف أن الدول الواقعة جنوب شرق آسيا لديها أسباب كثيرة تدعوها للقلق بشأن تغيّر المناخ.

وحذّر علماء الأرصاد الجوية من أن درجات الحرارة القصوى اليومية قد تصل إلى 37 درجة مئوية بحلول عام 2100، إذا استمرت انبعاثات الكربون في الارتفاع، وسجلت درجات الحرارة مؤخرًا أعلى مستوى قياسي لها عند 36.7 درجة مئوية في مايو وسط مستويات رطوبة شديدة، وبالنظر إلى اتجاه الطقس الحار لفترات طويلة وهطول الأمطار الغزيرة فمن المرجح أن تزداد مشكلة حمى الضنك السنوية في سنغافورة.

هل يمكن أن تقضي سنغافورة على حمى الضنك؟

قال عالم المناخ، وينستون تشاو، من كلية الدراسات التكاملية بجامعة سنغافورة لشبكة سي إن إن: “لن نكون قادرين على القضاء على حمى الضنك، لأن الظواهر الجوية القاسية تخلق ظروف تكاثر مثالية للبعوض”، وأضاف أن سنغافورة تمتلك بنية تحتية ممتازة للرعاية الصحية، وسياسات لا حصر لها للحد من المخاطر، ولكن لا يوجد الكثير لفعله.

وعلى الرغم من إنفاق عشرات الملايين من الدولارات كل عام في محاولة لخفض أعداد البعوض، من خلال جهود التعفير والرش والطعوم السامة على مستوى الجزيرة، وحملات التوعية العامة، وحتى التجارب الجديدة باستخدام بعوض خاص رُبي في المختبر، تواصل الوكالات الحكومية في سنغافورة الإبلاغ عن ارتفاع في حالات الإصابة بحمى الضنك والبعوض.

حمى الضنك وباء لن يزول

وفقًا لتقرير سي إن إن، مع تفاقم تغيّر المناخ واشتداد حرارة الكوكب، من المرجح أن تستمر الأمراض التي ينقلها البعوض مثل زيكا وداء الشيكونجونيا وحمى الضنك في الانتشار، وسيكون لها تأثير أكبر في صحة الإنسان ورفاهيته، في حين يقول الخبراء إن العالم بحاجة إلى إجراء تغييرات لإبطاء تغير المناخ والاستعداد لعواقبه.

ومن جهته، قال تشاو: “تغير الظروف البيئية يؤدي إلى تضخيم معدلات تكاثر البعوض، لذا ما لم تتحسن حالة الطوارئ المناخية، فسيصبح من الصعب للغاية القضاء على مخاطر حمى الضنك تمامًا”.

ربما يعجبك أيضا