لماذا طالب البرلمان الألماني بتتبع مصادر تمويل منظمات الإسلام السياسي؟

أحمد ليثي

ظلت الإخوان بعيدة عن الرقابة الحثيثة في ألمانيا خلال طورها الأول، ولكن مع أحداث 11 سبتمبر بدأت الجهات الأمنية التحقيق في شبكات الجماعة وتأثيرها الأيديولوجي في التطرف والإرهاب.


يتزايد الانطباع داخل ألمانيا بأن السياسيين يتجاهلون مخاطر جماعات الإسلام السياسي، ولكن النقاشات الأخيرة تظهر المناهج المختلفة لسياسة أوروبا الغربية تجاه المنظمات الإسلامية.

وبحسب تقرير للكاتب الألماني، مايكل لوبش، نشره مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يوم الخميس 23 يونيو 2022، يُشتبه في أن الدعم الرسمي المقدم من تركيا يروج لإيديولوجية تتغذى على الدين والقومية والتعصب وتشكك في القيم الأوروبية.

الإسلام السياسي أخطر من الجماعات الجهادية

يقول مايكل لوبش إن المتطرفين الذين يملكون المال أخطر من سواهم، ولذلك اعتبر الإسلام السياسي أخطر على ألمانيا وأوروبا بصفة عامة من الجماعات الجهادية، مشيرًا إلى أنه على الرغم من تراجع التمويل من دول مثل قطر و السعودية وإيران، فإن المعاملات المالية من مصادر مشبوهة داخل أوروبا تواصل إرباك الأجهزة الأمنية، دون القدرة على فعل الكثير حيال ذلك.

وتعتبر مؤسسة “أوروبا تراست” التابعة لجماعة الإخوان أحد الأمثلة على ذلك، بحسب التقرير الذي أشار إلى أن المؤسسة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها أنشأت مركزًا إسلاميًّا في العاصمة الألمانية برلين، يُنظر إليه بعين الريبة، ويُراقبه المكتب الاتحادي لحماية الدستور، وهي وكالة أمن محلية ألمانية مكلفة بمكافحة الإرهاب و التطرف

القانون الألماني لا يسمح بتتبع التمويل

يرى التقرير أن الوضع القانوني الحالي في ألمانيا لا يسمح بفحص التمويل الذي تضخه الجماعات المتطرفة عن كثب، مشيرًا إلى بيان رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور والمبادرة البرلمانية في البوندستاج الذي قال إن الهيئات الأمنية لا يحق لها على الإطلاق إجراء تحقيقات مالية ضد الجمعيات الإسلامية “إذا لم تكن تشكل تهديدًا إرهابيًّا”

ودعا التقرير السياسيين والأجهزة الأمنية والسلطة التشريعية لسد هذه الفجوة، موضحًا أن الرقابة على مصادر التمويل تعتمد إلى حدّ كبير على الفصائل الحكومية، ووزارتي العدل والداخلية.

الوصول لمصادر التمويل يستغرق وقتًا

قال رئيس المجلس الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جاسم محمد، إن صندوقًا ماليًّا إخوانيًّا يُدار من داخل ألمانيا يتولى مسؤوليته إبراهيم الزيات الذي يعد وزير اقتصاد التنظيم، يؤسس لأنشطة ممنهجة، وله هدف طويل الأمد باستقطاب الشباب الألماني، خصوصًا المهاجر إلى المنظمة.

وأوضح جاسم في حديث لقناة سكاي نيوز عربية أن الحكومة والاستخبارات الألمانيتان اقتنعتا بضرورة تفكيك هذه الجماعات، ولكن الصلاحيات ما زالت محدودة في الوصول إلى مصادر التمويل خصوصًا الخارجية، مشددًا على أن تفكيك العلاقة بين الإخوان وواجهاتها في ألمانيا سيستغرق وقتًا.

أطوار السياسة الألمانية تجاه الإخوان

مرت السياسة الأمنية الألمانية إزاء جماعة الإخوان، وفق تقريرٍ لموقع عين أوروبية على التطرف، بـ4 أطوار منذ أول ظهور لها في البلاد خلال ستينات القرن الماضي. وفي الطور الأول عملت الجماعة بحرية كاملة في ألمانيا عبر “لجنة إنشاء المساجد” التي شيّدت مسجد ميونخ الذي صار لاحقًا مركزًا رئيسًا لها في أوروبا.

وفي أواسط الثمانينيات تحوّلت جماعة الإخوان إلى جمعية “الجماعة الإسلامية في ألمانيا” برئاسة مهدي عاكف، وظلت بعيدًا عن الأعين الرقابة الحثيثة، ولكن مع أحداث 11 سبتمبر 2001، بدأ الأمن الألماني التحقيق في شبكات الجماعة وتأثيرها الأيديولوجي في التطرف والإرهاب. وكانت هذه بداية الطور الثاني الذي تجنبت فيه الحكومة الألمانية التعامل مع الإخوان ومنظمات الإسلام السياسي.

كيف تواجه الحكومة الألمانية خطر التطرف؟

إجابةً عن هذا السؤال أمام البرلمان الألماني، قالت حكومة برلين إنها تعمل على الحدّ من خطر التطرف عبر عدة برامج، للتعامل مع التوجهات المعادية للديمقراطية على أساس ديني، وتقديم الدعم والمشورة للأفراد، وكذلك يشارك مكتب الهجرة واللاجئين في جهود مكافحة التطرف، خصوصا برامج تشجيع الحوار بين أفراد الشرطة وممثلين عن الطوائف الإسلامية.

ولا يقتصر الأمر على تدخل الحكومة الألمانية في ضبط سلوكيات الأفراد من طائفة معينة، بل يجب في الوقت نفسه إفساح المجال بين أبنائها للنقاش والتباحث بشأن الأسس الأيديولوجية لكيف يؤسِّس المتطرف فهمه للدين، وما الإجراءات الممكن اتخاذها لإبعاد الشباب الناشئ عن التطرف، بحسب الإفادات خلال الجلسة البرلمانية.

ماذا عن خطورة «الإسلاموية»؟

بحسب تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط، فأنه مع ظهور الجهاديين النشطين دوليًّا بعد أحداث 11 سبتمبر، ركزت الحكومات الأوروبية على التطرف الإسلامي الذي وضع الأنظمة الدستورية في أوروبا على المحك، ولكن الأحزاب الألمانية واصلت تجاهل خطر الإسلام السياسي.

وقدمت الحكومة الألمانية الفيدرالية قانون تعزيز الديمقراطية الذي تجاهل خطر الإسلام السياسي، وانتشر في الدوائر أنه على الرغم من أن أيديولوجية الإسلام السياسي تناهض الدستور الألماني، فإن القانون الجديد ينص على أن التطرف اليميني والعنصرية ومعاداة السامية وكراهية المسلمين تعتبر ردّة إلى الوراء.

ربما يعجبك أيضا