العنف في كشمير.. مشكلة متفاقمة عصية على الحل

علاء بريك

لا يكاد يمر عقد دون وقوع آلاف القتلى والجرحى في الإقيلم المتنازع عليه، فما الجديد في جولة الموت الأخيرة؟


تتصدر التطورات الأخيرة في إقليم كشمير المشهد الهندي المشهد من جديد بعد تجدد الأحداث الدامية في الإقليم، بحسب تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية.

التوترات المحلية داخل الإقليم تتصاعد على خلفية سياسات الحكومة المركزية تحت حكم رئيس الوزراء المتعصب، ناريندرا مودي، وبحسب التقرير يبرز اليوم نمطٌ جديد للعمل المسلح في الإقليم يختلف عما سبقه، فما القصة؟

جولة جديدة من العنف

خلال الأشهر الثلاث الماضية، اغتيل 6 أفراد على الأقل من الطائفة الهندوسية والوافدين الجدد على يد جماعات مسلحة في كشمير، معظمهم من المدنيين العائدين إلى الإقليم أو المقيمين الجدد فيه، بعدما شجعت الحكومة الهندية على عودة من نزح من الإقليم من الهندوس على خلفية أحداث التسعينات، وتعديلها لقوانين التملك والحالة الدستورية والقانونية لكشمير.

وترى الجماعات المسلحة الكشميرية أن سياسات الحكومة تستهدف إحداث تغيير ديموجرافي في المنطقة والتضييق على الأغلبية المسلمة، في حين تلقي الحكومة الهندية باللوم على الحكومة الباكستانية مدعيةً أنها تحارب جماعات إرهابية مدعومة من الخارج. ولا تمثل هذه الجولة من العنف حدثًا فريدًا، فبالنظر لتاريخ الإقليم لم يمر عقد من دون قتلى أو جرحى أو مواجهات دامية يذهب ضحيتها الآلاف من الطرفين.

موقف الحكومة الهندية

وسط تصاعد عمليات العنف ضد الأقليات، يعززها سياسات حكومة مودي، طالب عدد من موظفي الأقليات بنقلهم إلى أماكن عمل خارج الإقليم، بحسب التقرير، ورفضت الحكومة المطالب بحجة أن الوضع في الإقليم طبيعي وعدم وجود داعٍ للقلق. بيد أن التقرير يشير إلى كون الموقف الحكومي هذا يتلاعب بملف كشمير لصالح تحصيل مكاسب سياسية.

يضيف التقرير أن الحكومة الهندية تنظر إلى المسألة من زاوية أمنية وتتعمد تجاهل النظر في أيديولوجيتها القومية المتعصبة والأبعاد الإنسانية والسياسية للمسألة، وعلى ضوء هذه الرؤية الأحادية كان الحل الحكومي بطبيعة الحال نشر المزيد من القوات العسكرية في المنطقة والزعم أنها صفت الميليشيات المتورطة، لتكرر حديثها عن عودة الوضع لطبيعته.

رقعة متنازع عليها

يمكن إرجاع جذور العنف في الإقليم إلى كونه إقليمًا متنازعًا عليه بين الهند وباكستان، فبعد تقسيم الهند في 1947 نشبت بين الدولتين 3 حروب محورها منطقة كشمير ادَّعت فيه كِلا الدولتين حقها بكامل المنطقة البالغ مساحتها حوالي 139 ألف كيلو متر مربع. وبحسب جهات حقوقية، قتل أكثر من 100 ألف كشميري منذ عام 1989.

على صعيد القانون الدولي، تدخلت الأمم المتحدة وأقامت خطًا لوقف إطلاق النار بعد نحو عام من ضم الهند للإقليم وشملت مساعي الأمم المتحدة موافقة الطرفين على حق سكان الإقليم بإجراء استفتاء لتقرير المصير، اعترضت على إجرائه الهند لاحقًا وما زال تقرير المصير معلقًا.

رقعة مستهدفة

الوضع الدستوري للإقليم ضمن الدولة الهندية كان خاصًا، فتمتع إلى حدٍ ما بحكمٍ ذاتي وامتيازات تتعلق بالاستملاك وشغل الوظائف العامة، لكن منذ 2019 عمدت حكومة مودي إلى تقسيم الإقليم إلى منطقتين “جامو وكشمير، ولادخ”، واحتاطت الحكومة من تبعات خطواتها بنشر آلاف الجنود واعتقال السكان وفرض الإقامة الجبرية على الشخصيات العامة والقيادية ومنع الاتصالات والإنترنت. ما تسبب باستياء شعبي.

تفاقمت حالة الاستياء مع تشجيع الحكومة على عودة من هجر من كشمير إبان التسعينيات من طائفة البانديت الهندوسية وما ترتب عليها من انتزاع ملكيات كانت الأغلبية المسلمة وضعت يدها عليها لعشرات السنوات، وما زاد الأمر سوءًا تحيز الحكومة في الوظائف العامة الهامة للطائفة الهندوسية، ومنحها إقامات في الإقليم للوافدين من خارجه، وهو أمر لم يألفه أغلبية السكان.

جماعات جديدة لمقاومة قديمة

على العكس من الجماعات القديمة، مثل جماعة لشكر طيبة وحزب المجاهدين، لا تحمل الجماعات الجديدة البارزة حمولة دينية في مسمياتها، من قبيل جبهة المقاومة ونمور كشمير وجبهة الشعب المناهضة للفاشية والجبهة المتحدة لتحرير كشمير، وأعلنت بعض الجماعات استهدافها الأقليات في الإقليم.

بحسب التقرير، فالجماعات الجديدة لا تختلف في مسمياتها عن القديمة فحسب، بل في أهدافها الأبرز أيضًا، فنمط عملياتها يكشف أنها لا تركز كثيرًا على تصفية الحكم الهندي على الإقليم بقدر التركيز على مواجهة الخطوات الحكومية الرامية إلى تغيير التركيبة الدينية والاجتماعية في الإقليم.

وتستند الجماعات الجديدة إلى العمل السري وعدم كشف شبكاتها على العلن، وبحسب مصادر أمنية، فأغلب منفذي العمليات الأخيرة مدنيون بسجل أمني نظيف. على الصعيد العملياتي، تختلف الجماعات الجديدة عن القديمة في أن هجماتها لم تستثن المدنيين ممن وفدوا مؤخرًا إلى الإقليم، على العكس من عمليات الجماعات القديمة التي ركزت على القوى الأمنية.

ربما يعجبك أيضا