بديلًا للحزام والطريق الصينية.. «السبع» تطلق مبادرة لتمويل البنية التحتية عالميًّا

رنا أسامة

مبادرة السبع ستدعم مشروعات تعزز المناخ وأمن الطاقة، والاتصال الرقمي، والصحة والأمن الصحي، والمساواة بين الجنسين.


أطلقت الولايات المتحدة، بالشراكة مع دول مجموعة السبع “جي 7″، مبادرة الأسبوع الماضي، بهدف جمع 600 مليار دولار لتمويل مشروعات البنية التحتية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على مدار 5 سنوات المقبلة.

وفي حين أشاد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالمبادرة، بديلًا لمبادرة الحزام والطريق الصينية، أصدر البيت الأبيض تفاصيل شحيحة بشأن كيفية تمويل مشروعاتها وآلية مراقبتها، ما أثار شكوكًا لدى الكونجرس الذي يسعى لمواجهة نفوذ الصين خارج حدودها بمسؤولية.

مبادرة الحزام والطريق الصينية.. فخ ديون

منذ العام 2013، وقّعت الصين أكثر من 170 اتفاقية تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع 125 دولة، والتزمت بقُرابة 800 مليار دولار في شكل قروض لدول ناشئة لبناء بنية تحتية، بما في ذلك موانئ وطرق وجسور، حسبما كتب كريج سينجلتون، المحلل والزميل المساعد لدى مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهي مؤسسة فكرية أمريكية، في تقرير بتاريخ 8 يوليو 2022.

ووصفت حكومات غربية المبادرة الصينية بأنها “فخ ديون”، لأن بعض مشروعاتها تجبر البلدان المثقلة بالديون على التخلي عن أصولها الرئيسة، إذا فشلت في الوفاء بالتزامات سداد الديون. ووجدت دراسة أجرتها كلية ويليام آند ماري في العام 2018، أن القروض الصينية غير المُبلغ عنها لمقترضين خارجيين، معظمهم من بلدان نامية، بلغت قُرابة 15% من متوسط الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان.

تحديات في سداد الديون

في حين انخفضت قروض التنمية الصينية الصادرة انخفاضًا كبيرًا، من 75 مليار دولار في العام 2016 إلى 4 مليارات دولار في العام 2020، يواجه مستفيدون من مبادرة الحزام والطريق تحديات في سداد الديون. استجابة لذلك، عرضت الصين تأجيلات لسداد الديون وإعادة هيكلة 12 مليار دولار لمتلقي المبادرة منذ بداية وباء فيروس كورونا.

ومع ذلك، قاومت بكين دعوات للإعفاء من ديون المبادرة، لأن ذلك من شأنه أن يدمر الميزانيات العمومية للبنوك المملوكة للدولة في الصبن، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني رياحًا معاكسة عاتية، وفق التقرير.

مبادرة السبع

في إعلانه عن مشاركة واشنطن في مبادرة السبع، المعروفة رسميًّا باسم الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، تعهد بايدن بتقديم 200 مليار دولار. وبحسب ما ورد، سيتوفر هذا المبلغ من خلال تمويل حكومي، ورأس مال خاص من صناديق تقاعد وصناديق أسهم خاصة وصناديق تأمين، من بين أمور أخرى.

وعلى النقيض من مبادرة الحزام والطريق، التي تركز على تمويل البنية التحتية المادية، ستدعم مبادرة السبع حصريًا مشروعات “تعزيز المناخ وأمن الطاقة، والاتصال الرقمي، والصحة والأمن الصحي، والمساواة بين الجنسين”، وفق مذكرة صادرة عن البيت الأبيض. سيقود مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، عملية مشتركة بين الوكالات الفيدرالية، مدتها 6 أشهر لصياغة تنفيذ المبادرة، سيقدم على إثرها توصيات لبايدن.

أسئلة عالقة

أشار التقرير إلى الجهود المُنسقة التي قادتها الولايات المتحدة لتقويض مبادرة الحزام والطريق طال أمدها. مع ذلك، لا تزال ثمة أسئلة عالقة بلا إجابات بشأن نطاق مبادرة السبع، وكذلك المخاطر الائتمانية الناشئة عن تمويل البنية التحتية للبلدان المثقلة بالديون. على سبيل المثال ، أشار بايدن إلى أن الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار ليست “مؤسسة خيرية”، لكنها بالأحرى “استثمارًا سيحقق عوائد للجميع، بما في ذلك الشعب الأمريكي”.

وفي حين عدم وضوح إن كانت أموال المبادرة قروضًا لا مِنحًا، فلا يزال من غير الواضح إذا كان بإمكان دافعي الضرائب الأمريكيين تعويض الخسائر المحتملة، إذا عجزت بلدان مُستفيدة عن سداد تلك القروض، في وقت لم يشرح فيه البيت الأبيض أيضًا معايير منح الأولوية لمشروعات المبادرة، ومدى إمكانية استفادة دول تُصنّف على أنها غير حرة أو غير عادلة للمبادرة.

تدقيق من الكونجرس

بحسب التقرير، لا يزال من غير المؤكد أيضًا إذا كان البيت الأبيض يعتزم إعادة توجيه التمويل من برامج التنمية الحالية، إلى مشروعات مبادرة السبع التي تدعمها واشنطن، وآلية تقييم وإدارة المخاطر المرتبطة باستثماراتها في البلدان ذات المستويات العالية من الفساد أو عدم الاستقرار السياسي.

وفي خِضم ذلك، فإن مبادرة السبع تستلزم تدقيقًا من الكونجرس، إضافة إلى تعيين مفتش عام مستقل لإجراء عمليات التدقيق والتفتيش على أنشطة المبادرة، على نفس منوال المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، الذي وثق تفشي الهدر والاحتيال وإساءة استخدام مبلغ 146 مليار دولار، الذي خصصه الكونجرس لدعم جهود إعادة الإعمار.

ربما يعجبك أيضا