الروبل الأقوى أداء.. ادعاءات مضللة حول الاقتصاد الروسي بعد الحرب بأوكرانيا

رنا أسامة

تعكس صادرات النفط الروسية الآن تراجع نفوذ بوتين اقتصاديًّا وجيوسياسيًّا بعد 5 أشهر من الحرب الروسية الأوكرانية.


تشتد الحرب المستمرة الأوكرانية وتتواصل منذ 5 أشهر، ولا يزال النقص في الفهم واضحًا لدى صانعي سياسة ومعلقين غربيين، حول عواقب تلك الحرب على الاقتصاد الروسي، محليًّا وعالميًّا.

وبخلاف أنها قد تكون غير فعالة أو مخيبة للآمال، مثلما جادل كثيرون، فإن للعقوبات الغربية تأثيرًا مدمرًا في الاقتصاد الروسي، كما قال الباحثان جيفري سونينفيلد، وستيفن تيان في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، نشرته الجمعة الماضي 22 يوليو 2022.

الادعاء الأول:  روسيا تستطيع بيع صادراتها من الغاز إلى آسيا بدلًا من أوروبا

حاول الباحثان تفنيد 7 ادعاءات مرتبطة بأداء الاقتصاد الروسي، من بينها إمكانية إعادة توجيه صادرات الغاز الروسية وبيعها إلى آسيا بدلًا من أوروبا، الذي يعد من الأحاديث الأكثر تضليلًا لبوتين، فالغاز الطبيعي ليس تصديرًا قابلًا للاستبدال لروسيا، ويمثل أقل من 10% من الغاز الروسي، لذا تظل صادرات الغاز الروسية معتمدة على خطوط أنابيب ثابتة.

والغالبية العظمى من خطوط أنابيب الغاز الروسية التي تتدفق نحو أوروبا، غير قابلة للتوصيل بشبكة منفصلة من خطوط الأنابيب التي تربط شرق سيبيريا بآسيا، حاملة 10% من الغاز المتدفق عبر خطوط الأنابيب الأوروبية، فيما نسبة 16.5 مليار متر مكعب من الغاز الذي صدرته روسيا إلى الصين العام الماضي، تمثل أقل من 10٪ من مقدار الغاز الطبيعي الروسي لأوروبا، البالغ 170 مليار متر مكعب.

روسيا بحاجة إلى الأسواق العالمية

بصفة عامة، أشار المقال إلى أن روسيا بحاجة إلى الأسواق العالمية أكثر بكثير من حاجة العالم إلى إمداداتها، في وقت تلقت فيه أوروبا 83% من صادرات الغاز الروسي واستمدت 46% فقط من إمداداتها من روسيا في 2021.

وتظهر بيانات، نشرتها شركة الطاقة الروسية الحكومية جازبروم، أن إنتاج الغاز انخفض بالفعل بأكثر من 35% على أساس سنوي هذا الشهر. وفي حين يواصل بوتين استخدام الطاقة كورقة ضغط لابتزاز أوروبا، فإنه يكلفه تكلفة مالية كبيرة.

الادعاء الثاني: النفط أكثر قابلية للاستبدال من الغاز لذا يستطيع بوتين بيع المزيد منه إلى آسيا

تعكس صادرات النفط الروسية الآن تراجع نفوذ بوتين اقتصاديًّا وجيوسياسيًّا. ومع امتلاك الغرب خيارات شرائية للنفط أكثر من روسيا، فإنها تقدم للصين والهند تخفيضات غير مسبوقة بواقع 35 دولارًا تقريبًا على مشتريات نفط الأورال الروسي، في سابقة لم تحدث حتى خلال أزمة ضم شبه جزيرة القرم في 2014، حينما بلغت قيمة مشتريات النفط الروسي 5 دولارات فقط.

وعلاوة على ذلك، فإن ناقلات النفط الروسية تستغرق ما معدله 35 يومًا للوصول إلى شرق آسيا، مقابل 2- 7 أيام للوصول إلى أوروبا. لهذا السبب تاريخيًّا تدفق 39% من النفط الروسي إلى آسيا مقابل 53% إلى أوروبا.

الادعاء الثالث: تعمل روسيا على تعويض الواردات الغربية المفقودة باستبدالها بأخرى آسيوية

تلعب الواردات دورًا مهمًّا في الاقتصاد المحلي لروسيا، الذي يشكل حوالي 20% من إجمالي الناتج المحلي الروسي. ورغم أوهام بوتين الخاصة باكتفاء بلاده ذاتيًّا، فإنها في حقيقة الأمر تحتاج إلى واردات حاسمة من شركاء تجاريين، مع انهيار الواردات الروسية بنسبة تزيد عن 50% في الأشهر الأخيرة، بحسب المقال.

ومع ذلك لم تدخل الصين السوق الروسية بالقدر الذي كان يثير مخاوف كثيرين. وفق أحداث النشرات الشهرية الصادرة عن الإدارة العامة الصينية للجمارك، تراجعت الصادرات الصينية إلى روسيا بأكثر من 50% من بداية العام حتى إبريل، بانخفاضها من 8.1 مليار دولار شهريًّا إلى 3.8 مليار دولار.

الادعاء الرابع: الاستهلاك المحلي الروسي لا يزال قويًّا

دحضًا لادعاء الكرملين بأن الاستهلاك المحلي الروسي لا يزال قويًّا، نوه المقال بأن بعض القطاعات الروسية الأكثر اعتمادًا على سلاسل التوريد الدولية، تضررت جراء ارتفاع التضخم بنسب تتراوح بين 40 و60% لانخفاض حجم المبيعات. على سبيل المثال، انخفضت مبيعات السيارات الأجنبية في روسيا بمعدل 95% مع توقف كامل للمبيعات عبر شركات سيارات كبرى.

وفي ظل نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار وانخفاض معنويات المستهلكين الروس، ليس مستغربًا أن تتراجع قراءات مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الروسي، التي تصور كيف ينظر مديرو المشتريات إلى الاقتصاد الروسي، بجانب انخفاض الإنفاق الاستهلاكي ومبيعات التجزئة بحوالي 20% سنويًّا.

الادعاء الخامس: الشركات العالمية لم تنسحب من روسيا والحديث عن فرار رجال أعمال ومواهب ورؤوس أموال من أمر مبالغ فيه

بحسب المقال، تمثل الشركات العالمية حوالي 12% من القوى العاملة في روسيا، بواقع 5 ملايين عامل. بيد أنه مع تراجع الأعمال، فإن 1000 شركة تمثل حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي لروسيا قلصت أعمالها في البلاد، بما سيؤثر على الاستثمار الأجنبي في موسكو لـ3 عقود.

الأمر الذي يدحض ادعاءات روسيا، بحسب المقال، ويثبت أن ثمة فرارًا غير مسبوق لرؤوس الأموال من البلاد، في هجرة جماعية لـ500 ألف فرد، معظمهم عمال ذوو تعليم عالٍ ومهارات فنية لا يمكن تعويضهم. كذلك أقر عمدة موسكو بخسارة فادحة متوقعة في الوظائف.

الادعاء السادس: بوتين يحقق فائضًا في الميزانية بفضل ارتفاع أسعار الطاقة

تروج روسيا أنها تحقق فائضًا في الميزانية بفضل ارتفاع أسعار الطاقة، لكنها في الحقيقة تعمل على قدم وساق لسد عجز في ميزانيتها هذا العام، يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانواف، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات بسبب الإنفاق غير المستدام لبوتين.

وعلاوة على الزيادات الهائلة في الإنفاق العسكري، يلجأ بوتين إلى التدخل المالي والنقدي الدراماتيكي غير المستدام، بما ساهم في مضاعفة المعروض النقدي في روسيا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية. أضاف المقال: “يبدو واضحًا أن إنفاق بوتين المتهور يضع موارد الكرملين المالية تحت ضغط”.

الادعاء السابع: الروبل الروسي هو العملة الأقوى أداءً في العالم هذا العام

أشار المقال إلى أن تقدير الروبل يعد إحدى نقاط الحديث الدعائية المفضلة لبوتين، التي تعكس سيطرة قمعية وغير مسبوقة على رأس المال في روسيا. بموجب القيود الروسية على رأس المال، يستحيل على الروس شراء دولارات بصفة قانونية أو حتى الوصول إلى ودائعهم بالدولار.

وشدد على أن سعر الصرف الرسمي في روسيا مضلل على أية حال، مع تداول الروبل بأحجام أقل مما كانت عليه قبل الحرب بسبب انخفاض السيولة. كما أقر بنك روسيا سابقًا بأن سعر الصرف يمثل انعكاسًا لسياسات حكومية وتعبيرًا صريحًا عن الميزان التجاري للبلاد، بدلًا من أسواق الصرف الأجنبي السائلة القابلة للتداول بحرية.

ربما يعجبك أيضا