تحول مفاجئ.. ما دلالة تزويد بيلاروسيا بصواريخ ذات قدرة نووية؟

رنا أسامة

تزويد بيلاروسيا بصواريخ إسكندر- إم من شأنه أن يزيد بمقدار 4 أضعاف قدرة ترسانتها من الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الأرض على المواجهة.


أثار إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 25 يونيو 2022، موافقته على نقل صواريخ إسكندر- إم الباليستية قصيرة المدى ذات القدرة النووية إلى بيلاروسيا قلقًا عالميًا.

ووصف محلل الأبحاث حول الدفاع والشؤون العسكرية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، تيموثي رايت، في تحليل نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 21 يوليو 2022، خطوة بوتين بغير المفاجئة، وأن روسيا تحاول تعقيد خطط الدفاع لحلف شمال الأطلنطي على الجانب الشرقي للناتو.

خطوة مفاجئة

في خطوة بدت مفاجئة، ستزود روسيا جارتها بصواريخ إسكندر-إم، بدلًا من النسخة “إي” التي قدمتها موسكو للجزائر وأرمينيا، وتتسم صواريخ إسكندر- إي بحمولة مُخفضة امتثالًا لإرشادات ومبادئ نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ متعدد الأطراف، وأشار تيموثي إلى أن الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، سعى منذ عام 2015 إلى تزويد بلاده بهذا السلاح، لتحديث وتحسين قدرات الصواريخ الأرضية التقليدية.

وبموجب هذه المبادئ التوجيهية، فإن تصدير الصواريخ التي تزيد حمولتها عن 500 كيلوجرام ويتجاوز مداها الـ300 كيلومتر يحدث فقط في ظروف استثنائية، وتستغل روسيا موقعها الحالي  كرئيس لنظام التحكم في تكنولوجيا القذائف، بحسب التحليل.

36 منصة صاروخية

رغم أن بيلاروسيا طورت بعض قدراتها الصاروخية التقليدية التي تُطلقها أرضًا خلال العقد الماضي، فإن مخزون صواريخها يتكون في الغالب من أنظمة تعود إلى الحقبة السوفيتية.

وبالإضافة إلى 6 قاذفات صاروخية حديثة متعددة الإطلاق من طراز بولونيز-إم، يُقدر المعهد أن بيلاروسيا تمتلك حاليًا 36 منصة لإطلاق صواريخ أو تي آر-21 توشكا، الباليستية قصيرة المدى البالغ مداها 120 كيلومترًا، التي استخدمتها جمهوريات سوفيتية عديدة سابقة منذ عام 1975، ووفق التحليل، فإن أنظمة الصواريخ مقسمة عبر 3 ألوية مختلفة مكونة من 12 قاذفة لكل منها.

تهديد لأهداف جديدة في دول الجوار

أشار التحليل إلى أن تزويد بيلاروسيا بصواريخ إسكندر- إم، البالغ مداها 500 كيلومتر، من شأنه أن يزيد بمقدار 4 أضعاف قدرة ترسانتها من الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الأرض صوب أهداف أرضية.

وفي حين أن الصواريخ الروسية يمكن أن تصل بالفعل إلى بولندا ودول البلطيق من إقليم كالينينجراد، فإن صواريخ إسكندر في بيلاروسيا من شأنها أن تهدد أهدافًا جديدة في رومانيا والمجر وسلوفاكيا والتشيك، وربما توفر تغطية للقوات الروسية في مولدوفا. كما ستزود بيلاروسيا بقدرات محسنة لتوجيه ضربات دقيقة.

1 8

إسكندر وتوشكا

من غير الواضح عدد صواريخ إسكندر المُزمع أن تنقلها روسيا، وكيف يمكن أن تؤثر على ترتيب الحرب في أوكرانيا؟، وفي حين أن مينسك ربما تفضل تزويدها بما يكفي من صواريخ إسكندر لتحل محل صواريخ توشكا، ومحتمل أن تمنح موسكو الأولوية لقواتها المسلحة مع الاستخدام المكثف لصواريخ إسكندر في الحرب بأوكرانيا، وقد تضطر مينسك في البداية لاستخدام صواريخ إسكندر وتوشكا معًا.

وبحسب التحليل، فإن صواريخ إسكندر وتوشكا لها قدرات مزدوجة، ما يعني أنه يمكن تزويدهما إما بحمولات تقليدية أو نووية، مع ذلك، فمن غير المؤكد ما إذا كان إسكندر قابل للتبديل مثل الصاروخ الباليستي متوسط ​​المدى دي إف-26 الصيني، الذي يحتوي على رأس حربي يمكن الوصول إليه واستبداله بسرعة بآخر نووي أو تقليدي.

مفاجأة نووية

في سياق تحول سياساتها النووية، أعلنت روسيا أنها تخطط لترقية أو تحديث طائرة الهجوم الأرضي النفاثة البيلاروسية سوخوي سو-25، لتزويدها بأسلحة نووية، وقال بوتين إن روسيا بإمكانها تدريب أطقم جوية بيلاروسية، وقدر المعهد امتلاك بيلاروسيا 22 طائرة من طراز سوخوي-25، رغم عدم وضوح عدد الطائرات التي تقترح روسيا تعديلها وعدد أطقم الطائرات التي ستخضع لتدريب على تسليم أسلحة نووية.

وسوخوي- 25 هي طائرات دعم جوي قريب، يحتمل أن تقتصر مهمتها على قصف سلاح نووي فقط في وضع السقوط الحر، ليتشابه دورها مع دور طائرات الناتو ذات القدرة المزدوجة والمخصصة للمهام النووية للحلف، ومع ذلك، فإن قدرة سوخوي-25 على البقاء ستكون أقل بكثير من نظيرتها لدى الناتو، بحسب التحليل.

4 طائرات سوخوي- 30

تشغل بيلاروسيا 4 طائرات سوخوي- 30، ستكون أكثر ملاءمة لتزويدها بأسلحة نووية لمداها الأطول وحمولتها الأكبر وأداء طيرانها الأفضل، لذا لا يبدو غريبًا أن تختار بيلاروسيا بدلًا من ذلك سوخوي- 25 الأقل قدرة.

ورجح التحليل أن تكون روسيا وبيلاروسيا أكثر اهتمامًا بالإعلان عن تزويد مينسك بطائرات سوخوي-25، لإضفاء مصداقية أكبر على خططهما للتحديث.

تغيير حسابات

رغم اهتمام بيلاروسيا بصواريخ إسكندر، إلا أن روسيا رفضت سابقًا تزويد بيلاروسيا بها لعوامل من بينها التكلفة ومحدودية قدرة الإنتاج، لكن ثمة تطورات طرأت مؤخرًا وغيرت حسابات موسكو، أهمها استسلام لوكاشينكو لمطالب بوتين طويلة الأمد بقبول قوات روسية دائمة على أراضيه، وفق التحليل.

يأتي ذلك إلى جانب الموافقة على تغييرات لوكاشينكو المرغوبة على دستور بيلاروسيا في استفتاء فبراير 2022، مع تأييد 65.2٪ لتلك التغييرات التي شملت إنهاء الحياد البيلاروسي والحظر السابق لامتلاك أسلحة نووية. كما يحظر الدستور الجديد على جيران مينسك الهجوم من الأراضي البيلاروسية، لذلك يبدو أن روسيا، وبيلاروسيا ذاته، على استعداد لتجاهل الدستور الجديد عندما يناسبها ذلك.

خطوة إلى الوراء

استبعد التحليل احتمالية إعادة إدخال الأسلحة النووية في بيلاروسيا على نطاق أشبه بالانتشار السوفيتي خلال الحرب الباردة، لكنه قال إنه سيمثل إذا وقع خطوة للوراء للأمن الأوروبي الأطلنطي.

وأضاف إنه إذا نشرت روسيا أسلحة نووية في بيلاروسيا، فإنها قد تضطر لترتيب قواعد نووية على نحو مشابه لنظام الاتحاد السوفيتي مع أعضاء حلف وارسو، لكن من غير المرجح أن تشكل ترتيبًا للمشاركة النووية مع بيلاروسيا على غرار الناتو.

ربما يعجبك أيضا