لماذا تكتسب مناورات «حافة الباسيفيك» أهمية خاصة هذا العام؟

آية سيد
ريمباك

طبيعة مناورات "ريمباك" هذا العام وسياقها تكسبها المزيد من الأهمية، لا سيما في استعراض التطورات البحرية الإقليمية.


في نهاية يونيو الماضي، انطلقت مناورات حافة الباسيفيك، المعروفة بـ”ريمباك”، بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة 26 دولة حول جزر هاواي وجنوب كاليفورنيا.

وعلى الرغم من أن مناورات “ريمباك” تنعقد كل عامين، فإن طبيعة مناورات هذا العام وسياقها تكسبها المزيد من الأهمية، خصوصًا مع استعراض التطورات البحرية الإقليمية، وفق ما جاء في مقال نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، يوم الجمعة 22 يوليو 2022.

«ريمباك 2022»..مناورات غير عادية

تنعقد مناورات “ريمباك” في نسختها 28 هذا العام، بمشاركة 38 سفينة سطح و25 ألف فرد. وعلى الرغم من أن الإحصائيات الأساسية للمناورات تبدو روتينية نسبيًّا، فالتفاصيل تكشف قصة أخرى، بحسب كاتبي المقال، الباحث في شؤون القوات البحرية والأمن البحري، نيك تشايلدز، والباحث المعني بالتحليل الدفاعي والعسكري، جيمس هاكيت.

وفي هذا الإطار، يذكر الباحثان أن الولايات المتحدة تظل المساهم الأكبر، وتشارك بحاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن”، والسفينة الهجومية البرمائية كبيرة السطح “يو إس إس إيسكس”، إضافة إلى الطراد “يو إس إس مايكل مونسور” من فئة “زوموالت” الذي يشارك للمرة الأولى.

تطور القوات البحرية الإقليمية

يشير الباحثان إلى أن المناورات تكشف عن القدرة المتزايدة للبحرية الكورية الجنوبية التي تشارك بالسفينة الهجومية البرمائية كبيرة السطح الجديدة “مارادو”، والطراد المزود بنظام الدرع القتالي إيجيس “سيجونج العظيم”، إضافة إلى مدمرة وغواصة هجومية تعمل بالطاقة التقليدية، وطائرة “بي-3 أوريون” ووحدة بحرية.

وتشارك اليابان بحاملة المروحيات “جيه إس إيزومو”، وهي قيد التعديل حاليًّا لتشغيل الطائرة المقاتلة “لوكهيد مارتن إف-35 بي لايتنينج 2”. ويقول الباحثان إن هذا يعكس توسيع قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية لقدراتها، ويشمل ذلك العمل بمزيد من الفاعلية والاستقلالية.

وبالنسبة إلى أستراليا، فإنها تشارك بالسفينة الهجومية البرمائية كبيرة السطح “كانبرا”، وسفينة “أديلايد”، اللتين أصبحتا حجر الزاوية لعودة البحرية الملكية الأسترالية إلى عمليات فرق المهام واستعراض القوة المحتمل.

اتجاهات تعكسها «ريمباك»

تعكس “ريمباك 2022” العديد من الاتجاهات الأخرى، وفق الباحثين، فالمناورات تحمل شعار “شركاء كفء قادرون على التكيف”، ما يشدد على أولوية الدفاع الأمريكية التي تهدف إلى تحسين قابلية التشغيل البيني، وقابلية تبادل الأدوار مع الحلفاء والشركاء كجزء من استراتيجية واشنطن للردع المتكامل.

ويلفت الباحثان إلى وجود دمج أكبر للمنصات غير المأهولة، مثل تشغيل مسيرات “إم كيو-“9 في سياق بحري، وكذلك يوجد المزيد من التركيز على نظام الشبكات وقدرات الفتك الموزعة. وتضمنت المناورات عنصرًا جويًا مهمًا بمشاركة 170 طائرة.

التدريبات البرية

قبل بدء المرحلة البحرية من المناورات، شملت “ريمباك” تدريبًا بريًا بمشاركة قوات من أستراليا، وإندونيسيا، وماليزيا، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وسريلانكا. وبحسب الباحثين، شملت هذه التدريبات حرب الأدغال، ومهارات القناصة والقتال في المناطق الحضرية، إلى جانب المهارات العسكرية العامة.

وشارك أفراد من القوات الخاصة الألمانية، واليابانية والأمريكية في التدريبات البرية في هاواي، في حين تضمنت تدريبات القوات الخاصة البحرية عناصر من ألمانيا، والهند، وكوريا الجنوبية.

ويلفت الباحثان إلى أن الوحدة الألمانية شكلت جزءًا من التواجد الأوروبي المحدود في المناورات، وأرسلت فرنسا سفينة واحدة في 2022، وهي “برايريال” المتمركزة في الباسيفيك، برغم التركيز الاستراتيجي الأوروبي المتزايد على المنطقة.

هل مناورات «ريمباك» موجهة إلى الصين؟

يصر القادة الأمريكيون على أن مناورات “ريمباك” ليست موجهة ضد أي دولة، إلا أنه، بحسب الباحثين، كل هذه الأنشطة واتجاهات التدريب مدفوعة إلى حد كبير بالقدرات البحرية المتنامية والجزم المتزايد للصين، وتعكس جهود الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها لمواجهتها، كما أنها تعكس أيضًا الإحساس الأكثر حدة بالمنافسة البحرية المتزايدة.

وعلاوة على هذا، تنعقد مناورات “ريمباك” في ضوء التوترات المتصاعدة بشأن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها المحتملة على آسيا، مثل محاولة الصين الاستيلاء على تايوان بالقوة، وكيف يمكن مواجهة ذلك. ويذكر الكاتبان أيضًا أن أحد العناصر المهمة الأخرى في سياق “ريمباك” لهذا العام هو النشاط البحري والجوي لروسيا والصين في المنطقة مؤخرًا الذي كان بالتنسيق بينهما في بعض الحالات.

وختامًا، يقول الباحثان إن المناورات البحرية الأكثر تعقيدًا، والأكثر حزمًا في بعض الحالات، تكتسب أهمية كجزء من الرسائل الاستراتيجية بين القوى العظمى، لا سيّما في منطقة الهندوباسيفيك. ويظهر هذا خصوصًا ، في وقت تصارع الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها مع تحدي الصين. ومن هذا المنطلق، يعد أحد العناصر المهمة في “ريمباك” أنها تحدث وسط عدد متزايد من المناورات متعددة الجنسيات.

ربما يعجبك أيضا