التكنولوجيا الغربية تتدفق إلى روسيا رغم العقوبات

آية سيد
المكونات الإلكترونية

بعد استعراض رويترز لسجلات الجمارك الروسية، وجدت أن أكثر من 15 ألف شحنة من المكونات الإلكترونية الغربية وصلت إلى روسيا بعد بد حربها على أوكرانيا في 24 فبراير وحتى نهاية مايو 2022.


على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في 24 فبراير 2022، أعلن الغرب عن عقوبات صارمة ضد روسيا، وقالت شركات التكنولوجيا إنها أوقفت صادراتها إلى هناك.

إلا أن إمدادات المكونات الإلكترونية الغربية، المستخدمة في صناعة الأسلحة، لا تزال تتدفق إلى روسيا، حسب تحقيق استقصائي أجرته وكالة “رويترز” بالتعاون مع المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) وموقع iStories، الذي يركز على روسيا، ونُشر أمس الاثنين 8 أغسطس 2022.

ماذا أظهرت الأسلحة الروسية؟

حسب السلطات الأوكرانية، أطلقت القوات الروسية أكثر من 3650 صاروخًا وصاروخًا موجهًا في الأشهر الـ5 الأولى من الحرب. ويفيد التحقيق بأن “رويترز” اطلعت على أسلحة روسية جمعها الجيش الأوكراني من ميدان المعركة، وهذه الأسلحة تحتوي على إلكترونيات روسية، لكن غالب مكوناتها الإلكترونية الأهم هي أجهزة تحكم دقيقة، ورقائق قابلة للبرمجة، ومعالِجات إشارة، تحمل أختام مصنعين أمريكيين.

ومن هؤلاء المصنعين شركة “تكساس إنسترومنتس”، و”ألتيرا” المملوكة لشركة إنتل، و”زايلنيكس” المملوكة لشركة “إيه إم دي”، و”ماكسيم إنتيجريتد” التابعة لشركة “أنالوج ديفايسيز”، و”سايبريس” لأشباه الموصلات المملوكة حاليًّا لشركة “إنفنيون” الألمانية. ويذكر التحقيق أن الكثير من الأسلحة الروسية يحتوي على رقائق عادية ومكونات موجودة في منتجات استهلاكية لا تخضع لقيود التصدير غالبًا.

المكونات الإلكترونية

رقاقة من تصنيع شركة ماكسيم مستخدمة في صاروخ روسي

تدفق الصادرات بعد الحرب

عقب اندلاع الحرب، حظرت الولايات المتحدة وغيرها من الدول صادرات التكنولوجيا المتطورة إلى روسيا، في محاولة لعرقلة صناعتها الدفاعية، وأعلنت شركات التكنولوجيا وقف كل الصادرات إلى روسيا. إلا أن فريق التحقيق وجد أن تدفقات التكنولوجيا الغربية إلى روسيا لم تتوقف، بل وصلت آلاف الشحنات منذ بداية الحرب.

وعلى الرغم من أن وكلاء الشحن في المعظم كانوا موردين غير معتمدين، كان من ضمنهم بعض المصنعين المعروفين. وبعد استعراض “رويترز” لسجلات الجمارك الروسية، وجدت أن أكثر من 15 ألف شحنة من المكونات الإلكترونية الغربية وصلت إلى روسيا بعد بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير وحتى نهاية مايو.

تعليق الشركات على بيانات الجمارك الروسية

قدمت رويترز إلى الشركات المشار إليها بيانات سجلات الجمارك الروسية عن شحنات منتجاتها بعد بدء الحرب. وحسب التحقيق، قالت شركات “إيه إم دي” و”أنالوج ديفايسيز” و”إنفنيون” إنها تحقق داخليًّا في الأمر، وقالت “إنفنيون” و”تكساس إنسترومنتس” إن شحناتهما كانت في الطريق بالفعل قبل بدء الحرب، وقالت “إنتل” إنها أوصلت طلبيات داخلية ثم أوقفت عملياتها داخل روسيا منذ إبريل الماضي.

وعند السؤال عن استخدام رقائقها في منظومات الأسلحة الروسية، قالت الشركات إنها تمتثل لضوابط التصدير والعقوبات التجارية. وفي هذا الشأن، أعربت “إنفنيون” عن “قلقها البالغ” من استخدام منتجاتها لأغراض ليست مصممة لها. في حين قالت “إنتل” إنها لا تدعم أو تتساهل مع استخدام منتجاتها لانتهاك حقوق الإنسان.

المكونات الإلكترونية

رقاقة من تصنيع شركة ألتيرا

استخدام الرقائق العادية في الأسلحة

أظهر فحص أحد صواريخ كروز الروسية غير المنفجرة أن روسيا لا تعتمد على التكنولوجيا المتطورة في أسلحتها دقيقة التوجيه. وفي هذا السياق، قال خبير أسلحة أوكراني يحظى بإمكانية الوصول للأسلحة الروسية المستعادة: “في الغالب، إنها الرقائق نفسها التي تجدها في سيارتك أو الميكروويف”.

وفي السياق ذاته، استعرض أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة كامبريدج، جيهان آماراتونجا، قائمة تضم أكثر من 600 مكونًا غربيًّا جمعتها رويترز والمعهد الملكي للخدمات المتحدة من الأسلحة الروسية في أوكرانيا. وقال آماراتونجا: “إنها منتجات موجودة في كثير من الأنظمة الإلكترونية الصناعية، وليست منتجات عسكرية متخصصة”، لافتًا إلى أن كل الدوائر المدمجة العادية يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية.

مخاوف من استخدام المكونات الإلكترونية في التجسس

يلفت التحقيق إلى أن شركات الدفاع الروسية لا تستخدم أي مكونات متاحة وحسب، فحتى الرقائق العادية يجب أن تمر بعملية شراء بيروقراطية صارمة مصممة لاختبار تلك الرقائق واعتمادها والتأكد من أنها لا تحتوي على أي “أبواب خلفية” تتيح التجسس أو التخريب الغربي.

وفي هذا الشأن، عرض خبير أوكراني على رويترز صورًا تظهر 3 ملصقات هولوجرافية تحمل شعار السيف والدرع، وهو شعار جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. ووفق الخبير، ظهرت هذه الملصقات على مكونات إلكترونية جرى استعادتها من صواريخ، ومروحيات وطائرات مقاتلة روسية.

مكونات إلكترونية

شعار جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يظهر على مكون لصاروخ روسي

توصيات لمنع حصول روسيا على المكونات الإلكترونية

في هذا الإطار، قدم المعهد الملكي للخدمات المتحدة مجموعة من التوصيات لمنع وصول الرقائق وغيرها من المكونات الحيوية إلى روسيا. وتشمل هذه التوصيات مراجعة ضوابط الصادرات الحالية وتعزيزها، والتعاون متعدد الجنسيات لتحديد شبكات الشراء السرية الروسية وإغلاقها.

وإضافة إلى هذا، أوصى المعهد بمنع الدول الداعمة لروسيا من تصنيع الإلكترونيات الدقيقة الحساسة، ولفت إلى أهمية تثبيط الدول الثالثة عن إعادة تصدير أو إعادة شحن البضائع الخاضعة للرقابة إلى روسيا.

ربما يعجبك أيضا