تعزيز دفاعي ومراقبة بحرية بالباسيفيك.. كيف تواجه أمريكا تهديدات الصين؟

رنا أسامة

بحث الرئيس الفلبيني مع بلينكن ترتيبات الدفاع المشترك بين واشنطن ومانيلا، في وقت يحافظ فيه الجيش الأمريكي منذ فترة طويلة على وجوده بالفلبين.


في خضم التوترات المتصاعدة مع الصين بمضيق تايوان، جددت أمريكا التزامها بالدفاع عن الفلبين، وسلمت ماليزيا أول طائرة دورية بحرية لتحسين أمنها البحري.

وخلال زيارة استمرت يومًا واحدًا إلى مانيلا، يوم السبت 6 أغسطس 2022، شدد وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني بلينكن، على التزام بلاده بتعزيز تحالفها العسكري في آسيا، لمواجهة التوترات المتصاعدة، حسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز.”

زيارة بيلوسي لم تفاقم التوترات

قال رئيس الفلبين، فرديناند ماركوس جونيور، لوزير الخارجية الأمريكي، في بداية لقائهما بالقصر الرئاسي الفلبيني، إن زيارة رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، لتايوان لم تفاقم التوترات، بل أظهرتها، موضحًا أن “التوترات ظلت على هذا المستوى لفترة طويلة، لكننا ألفناها ووضعناها جانبًا”.

ويأتي ذلك في حين تواصل الصين إجراء تدريبات عسكرية بالمياه المحيطة بتايوان، بعد يومين من إطلاقها 11 صاروخًا باليستيًّا على المنطقة نفسها، سقط 5 منها في المياه التي تعد جزءًا من المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان. ومن المقرر أن تستمر المناورات الصينية التي تشمل إطلاق صواريخ ونشر طائرات مقاتلة حتى 9 أغسطس الحالي.

ترتيبات دفاعية مشتركة

أدانت أمريكا واليابان ودول أخرى، في بيانات منفصلة، تصرفات الصين على وقع زيارة بيلوسي إلى تايوان، داعية إياها إلى وقف التصعيد، على أساس أن الزيارة كانت متسقة مع السياسة الأمريكية. وفي تلك الأثناء، بحث الرئيس الفلبيني مع بلينكن ترتيبات الدفاع المشترك بين واشنطن ومانيلا، في وقت يحافظ فيه الجيش الأمريكي منذ فترة طويلة على وجوده بالفلبين.

ويناقش مسؤولون أمريكيون إمكانية الوصول، على نحو أوسع، إلى القواعد العسكرية في الفلبين، وإجراء مزيد من التدريبات بين الجيشين الأمريكي والفلبيني، وجعل أنظمة دفاعهما أكثر قابلية للتشغيل المتبادل، كجزء من استراتيجية واشنطن بمنطقة الهندوباسيفيك الرامية لزيادة التعاون مع حلفائها لمواجهة التهديدات الصينية.

الولايات المتحدة والفلبين

واشنطن ومانيلا.. تحالف قوي

أشار ماركوس، خلال لقائه ببلينكن، إلى الحاجة إلى تطوير العلاقات الأمريكية الفلبينية في مواجهة التغييرات الراهنة، مضيفًا أن معاهدة الدفاع المتبادل التي تلزم البلدين بمساعدة إحداهما الأخرى حال حدوث عدوان أجنبي تتطور باستمرار. وكذلك وصف وزير الخارجية الأمريكي العلاقات بين واشنطن ومانيلا بأنها استثنائية، والتحالف بينهما قوي وآخذ في النمو.

ويعدّ بلينكن أكبر مسؤول أمريكي يلتقي الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس جونيور، نجل الرجل القوي الراحل الذي ساعدته واشنطن على الفرار إلى منفاه في هاواي بعد انتفاضة شعبية عام 1986، وأنهت حكمه الذي دام عقدين من الزمن، وتوفي هناك في العام 1989، وفق “نيويورك تايمز”.

التزام أمريكي صارم

برز السؤال بشأن كيفية الموازنة بين مواجهة تهديدات الصين في المنطقة والتعامل معها كشريك اقتصادي مهم، خلال مباحثات بلينكن مع مسؤولين فلبينيين، يوم السبت الماضي، ومع شخصيات آسيوية بارزة في قمة إقليمية بكمبوديا هذا الأسبوع.

وقال وزير الخارجية الفلبيني، إنريكي مانالو، في لقاء افتراضي مع نظيره الأمريكي لإصابته بفيروس كورونا، إن البلدين يبحثان إمكانية تسيير دوريات بحرية مشتركة في المحيط الهادئ. وصرح بلينكن بأنه جدد في مناقشاته التزام الولايات المتحدة الأمريكية “الصارم” بالدفاع عن الفلبين ضد أي هجوم مسلح.

الرئيس الفلبيني ووزير الخارجية الأمريكي

بكين ومانيلا.. صراع شبه مؤكد

في حين تبنى الرئيس الفلبيني السابق، رودريجو دوتيرتي، سياسات أكثر تصالحية تجاه الصين، تعهد ماركوس بتأييد حكم المحكمة الدولية لعام 2016، الذي قرر عدم أحقية الصين في مطالبها بالسيادة على معظم أنحاء بحر الصين الجنوبي، وهو أمر من شبه المؤكد أنه يضع حكومة ماركوس في صراع مع بكين.

وأشارت الصحيفة، في هذا الصدد، إلى أن دوتيرتي، الذي تولى رئاسة الفلبين 6 سنوات، تحرك في مرحلة ما لإنهاء اتفاقية القوات الزائرة، وهي اتفاقية عسكرية مهمة بين الولايات المتحدة والفلبين، يدعمها الجيش الفلبيني بشدة، الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين مانيلا وواشنطن، ولكنه أعادها مجددًا في العام الماضي.

الصين تعاقب العالم

في المؤتمر الافتراضي مع وزير الخارجية الفلبيني، انتقد بلينكن قرار الصين وقف التعاون مع الولايات المتحدة في 8 مجالات، على وقع زيارة بيلوسي تايوان، بما في ذلك محادثات عسكرية ومفاوضات بشأن تغيّر المناخ. وقال وزير الخارجية الأمريكي إن تعليق الصين التعاون المناخي لا يعاقب الولايات المتحدة، بل يعاقب العالم، لا سيّما النامي.

وحذر نظيره الصيني، وانج يي، في اجتماع لوزراء الخارجية، صباح السبت، في قمة إقليمية بكمبوديا، من تبعات استمرار التصعيد الصيني. وأضاف في حوار صحفي بمانيلا: “أظن أن الحفاظ على الحوار يحظى بأهمية أكبر في فترات التوترات”.

تحسين الأمن البحري

على المنحى ذاته، سلمت البحرية الأمريكية إلى ماليزيا أول طائرة من 3 طائرات نقل عسكرية خضعت لترقية من أجل تعزيز أدائها في مهام الدوريات البحرية، في إطار صفقة بتمويل أمريكي لمساعدة الدول الإقليمية على تحسين الأمن البحري.

وأعلنت قيادة الأنظمة الجوية البحرية الأمريكية، 3 أغسطس، أن سلاح الجو الملكي الماليزي تلقى طائرة النقل العسكرية سي إن-235، بعد قرابة 4 سنوات من توقيع الولايات المتحدة خطاب قبول الصفقة، وفق ما ذكره موقع “ديفينس نيوز” الأمريكي.

البحرية الأمريكية تسلم ماليزيا طائرة من 3 طائرات نقل عسكرية

مراقبة بحرية وطائرات سي إن 235

وفق الموقع، خضعت الطائرة لترقية لتُعنى بمهام مراقبة بحرية غير محددة بتزويدها بجهاز رادار للمراقبة البحرية، وبرج كهربائي ضوئي يعمل بالأشعة تحت الحمراء. كذلك سلمت البحرية الأمريكية ماليزيا محطات أرضية ثابتة ومتنقلة، لمساعدة ماليزيا على تعزيز والوعي بمجال الأمن البحري داخل المنطقة الاقتصادية الماليزية الخالصة، حسب ما أفادت قيادة الأنظمة الجوية البحرية الأمريكية.

ولدى ماليزيا حاليًّا 7 طائرات من طراز سي إن- 235، مع السرب رقم 1 التابع لسلاح الجو الملكي الماليزي، ومقره في كوتشينج بولاية ساراواك في شرق ماليزيا. ويشغل سلاح الجو الماليزي 3 طائرات من طراز بيتشكرافت كينج إير بي-200 في مهام مراقبة بحرية، في حين سلمتها الحكومة الأمريكية أيضًا 6 طائرات دون طيار من طراز “بوينج إنسيتو سكان إيجل”.

ربما يعجبك أيضا