“ربيع سيول” في الشمال.. حفل خاص واعتذار نادر وماذا بعد؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

مسرح بيونج يانج الشرقي الكبير يحتضن حفلا لفن “الكي بوب”، هذا الخبر ربما يبدو عاديا وغير مثير للاهتمام، إلا أن الشيطان دائمًا يكمن في التفاصيل، الحفل لفرقة كورية جنوبية استضافه الشمال، والأهم أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون حضره وإلى جواره زوجته وشقيقته ورئيس اللجنة المركزية للحزب الكوري الشمالي الحاكم كيم يونج تشول، وعدد من كبار المسؤولين.

الحفل الذي أقيم الأحد الماضي، يعد الأول من نوعه منذ أكثر من 10 أعوام، حيث سافر أعضاء فرقة “ريد فيلفت” الجنوبية إلى الجارة الشمالية، لتقديم مجموعة عروض تحت عنوان “الربيع قادم”، عرضهم الأول حضره الزعيم الكوري كيم جونج واستمر لمدة ساعتين، والغريب من الأمر أن كيم بدا مستمتعا بالعرض ومتفاعلا من موسيقى “الكي بوب”، في إشارة واضحة على تحسن العلاقات بين البلدين، فالفنون الكورية الجنوبية محظورة في عموم كوريا الشمالية، بل إن القانون في فترة من الفترات كان يعاقب على استهلاك الثقافة الشعبية الجنوبية في الشمال.

من المفارقات في هذا الحفل غير العادي، أن كيم لم يكتف بالتفاعل مع الأغاني التي قدمتها فرقة “ريد فيلفت” بل أنه حرص عقب الانتهاء، على مصافحة أعضاء الفرقة فردا فردا والثناء على ما قدموه والتقاط الصور التذكارية معهم، في مشهد غير مألوف للزعيم الكوري -المهووس باستعراض القوة- أمام عدسات المصورين.

وعبر كيم عن سعادته بعروض الفرقة الضيفة قائلا: لقد تأثرت للغاية وغمرتني الفرحة وأنا أشاهد مواطنينا يتفاعلون بفهم عميق وبصدق مع الفنون الشعبية الكورية الجنوبية، مضيفا أن عروض الفرقة الفنية من الجنوب تحت عنوان ” الربيع قادم ” بشرت جميع أفراد الأمة في الشمال والجنوب بربيع السلام، الذي تتفتح فيه الزهور، ونأمل في أن تكون زيارة الفرقة الفنية من الجنوب هذه المرة فرصة ذات مغزى تجسد توحد الأمة الكورية.

ومرة أخرى أكدت حكومة كيم حرصها على تحسين العلاقات مع جارتها، عندما أرسلت رئيس اللجنة المركزية للحزب الحاكم كيم يونج تشول إلى مقر إقامة الصحفيين الجنوبيين المعنيين بتغطية جولة “ريد فيلفت”، لتقديم اعتذار رسمي باسم الحكومة على مضايقات تعرضوا لها من قبل حراس كيم عند محاولتهم الدخول إلى مسرح بيونج يانج الشرقي الكبير الأحد الماضي، حيث تم منعهم من الدخول، ما دفع حكومتهم إلى الاحتجاج رسميا.

 وقال الجنرال تشول -المتهم من قبل الجنوب بالتورط في هجوم أدى إلى مقتل 46 بحارًا عام 2010- كان من الخطأ عرقلة التغطية الإعلامية للحفل من قبل حراس الزعيم كيم، متقدما باعتذار رسمي لأعضاء الفرقة، ومتعهدا بتسهيل مهمتهم خلال الأيام القادمة من جولة الفرقة في البلاد.

هذا الاعتذار نادر للغاية من قبل النظام الكوري الشمالي، فحتى في ظل حربه الكلامية مع النظام الأمريكي وغيره من الأنظمة، لم نسمع يوما أنه اعتذر بشكل واضح ومعلن هكذا لأحد، كما أن الاعتذار جاء سريعا، بعد الحفل بيوم واحد وربما بساعات، فالحفل كان في المساء والاعتذار جاء في صباح اليوم التالي، ما يعني أن لدى كيم رغبة حقيقة في إصلاح العلاقات مع سيول، ويكفي أن نعرف أن موسيقى البوب الكوري -وهي لون من الفنون الكورية الجنوبية بدأ في أوائل التسعينيات من القرن الماضي- كانت تبث في مكبرات الصوت على الحدود بين البلدين ضمن الحرب النفسية بين الكوريتين.

وعلى الرغم من أن عروض “الربيع قادم”، حملت بعنوانها وبتفاعل كيم والجمهور الكوري الشمالي معها الكثير من التفاؤل بتحسن العلاقات بين الجارتين، إلا أن بعض الأنباء الواردة من الشمال أخيرا حملت في طياتها مؤشرات على توتر يلوح بالأفق، إذ أفادت وكالة “يونهاب” الرسمية صباح اليوم، بأن كوريا الشمالية طلبت تأخير عقد المحادثات الخاصة بمناقشة مراسم تأمين وتغطية القمة المرتقبة بين الكوريتين لمدة يوم واحد.

وفي الثاني من أبريل ذكرت الوكالة الكورية الشمالية الرسمية أن بيونج يانج وجهت انتقادات لاذعة للدورة العاشرة من المباحثات الدفاعية بين سيول وواشنطن وطوكيو، مؤكدة أن دعم سيول للمشروع الأمريكي لخنق كوريا الشمالية يعد سلوكا مخيبا لآمال الكوريين بتحقيق السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية ووحدتها المستقلة، وقد يؤدي إلى إندلاع المواجهات والحرب بين الكوريتين… ما يجعل الأبواب مشرعة أمام جميع الاحتمالات فيما يتعلق بنتائج القمة المزعومة بين البلدين نهاية الشهر الجاري.

ربما يعجبك أيضا