رحيل جميل راتب.. ويبقى إبداع الشرير الوسيم حاضرًا

عاطف عبداللطيف

رؤية – عاطف عبد اللطيف

“الموت بالنسبة لي راحة من المشاكل والمرض”، تلك كانت فلسفة الفنان العالمي جميل راتب، الذي رحل عن دنيانا، اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز الـ92 عامًا، مخلفًا إرثًا فنيًا وثروة إبداعية كبيرة، بعد صراع طويل مع المرض لازمه الفترة الأخيرة من حياته بمشاكل في السمع والحركة والإدراك.

إنه نموذج لفنان عالمي وصل إلى قمة النجومية بعد مشوار طويل من التعب والاهتمام بالفن والكفاح، امتزجت عبقريته الفنية في تقديم أدوار الشر والخير والارستقراطي والنصاب، قدم عدة أفلام عالمية مع مشاهير النجوم قبل أن يعود إلى القاهرة ويحقق نجاحات واسعة في السينما والتلفزيون مقدمًا أعمالًا مميزة حققت نجاحات جماهيرية وحازت على إعجاب النقاد أيضًا، حتى صار اسمه بمثابة “ماركة مسجلة” على أي عمل فني ووجوده دليل على الجودة الفنية والقيمة الإنسانية.

فهو “لطفي” الانتهازي في مسلسل “رحلة المليون” مع الفنان محمد صبحي، و”البهظ” تاجر المخدرات في فيلم الكيف، والدكتور أبوالغار صاحب المبادئ في مسلسل “الراية البيضا” أمام القديرة سناء جميل، هذه أهم أدوار الفنان الراحل جميل راتب التي تعد من علامات الدراما التلفزيونية والسينما المصرية والتي تركت انطباعات مميزة لدى المشاهدين لا تغادر الأذهان وتعلق بالوجدان.

مشوار نجاح

ولد جميل أبوبكر راتب عام 1926 في القاهرة لأب مصري مسلم وأم مصرية صعيدية أبنة أخ الناشطة المصرية هدى شعراوي وليس كما يشاع أنه من أم فرنسية، أنهى التوجيهية في مصر وكان عمره 19 عامًا، والتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته، وفي بداية الأربعينيات حصل على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر.

ويعد دوره بفيلم الصعود إلى الهاوية نقطة التحول الرئيسية في مشواره مع السينما المصرية، ويعد “أنا الشرق” أول فيلم مصري شارك في بطولته عام 1946، وشاهده أندريه جيد في “أوديب ملكًا” فنصحه بدراسة فن المسرح في باريس فقبل النصيحة.

عاد عام 1974 إلى القاهرة لأسباب عائلية، وشارك مع محمد صبحي في جميع أجزاء مسلسل “يوميات ونيس” عام 1994. وبعد عودته للقاهرة رشح لدور الضابط في فيلم “الكرنك” الذي لعبه كمال الشناوي، ثم رشحه المخرج صلاح أبوسيف في دور مهم بفيلم “الكداب” بعدها انهالت عليه الأدوار من مخرجي السينما، وبعدما نجح سينمائيًا في مصر طلبته السينما الفرنسية.

وشارك في بطولة العديد من الأفلام المصرية، وأصبح الفرنسيون يطلبونه في أدوار البطولة فعمل 7 أفلام في السنوات العشر الأخيرة كما عمل أيضًا في بطولة ثلاثة أفلام تونسية إنتاج فرنسي مصري مشترك.

إلى جانب أنه ممثل كبير، اعتز بعمله كمخرج وخاض تجربة الإخراج المسرحي مقدمًا أعمالًا مسرحية منها “الأستاذ” من تأليف سعد الدين وهبة، و”زيارة السيدة العجوز” والتي اشترك في إنتاجها مع محمد صبحي و”شهر زاد” من تأليف توفيق الحكيم.

كرمه مهرجان القاهرة السينمائي بعد رحلة طويلة من التمثيل في مسارح باريس وعدد 67 فيلمًا مصريًا وعدد كبير من أفلام السينما العالمية.

وصايا

وكشف التهامي هاني، مدير أعمال جميل راتب، عن اللحظات الأخيرة في حياة الفنان الراحل، مؤكدًا على أن الوفاة حدثت في الساعة 5:40 دقيقة من صباح اليوم بتوقيت القاهرة.

وأوضح هاني، أن صلاة الجنازة على الفنان الراحل، عقب صلاة الظهر من مسجد الأزهر الشريف، مؤكدًا على أن الفنان الراحل طلب عدم وجود عزاء.

داوم الفنان الراحل على التدخين الشره خلال فترات طويلة من حياته، وأقلع عنه قبل 12 عامًا من وفاته لتجنب مضاعفات مرضية بالصدر والتنفس وحالات من الدوار، ناصحًا الإعلامية راغدة شلهوب في تصريحات إعلامية بالإقلاع عن التدخين.

مات الوسيم الشرير ذو الملامح الأوروبية والطبيعة المصرية والأخلاق العربية جميل راتب، لكن لن ينساه محبوه.

رحل الجسد ويبقى الفن.

ربما يعجبك أيضا