رحيل رأس الأفعى.. “برنارد لويس” مخطط تمزيق الدول العربية

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون, لا يمكن تحضرهم, وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات, ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم, وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية” هكذا كان يقول “برنارد لويس” عن العرب.

توفي “برنارد لويس” مخطط مشروع “سايكس بيكو2″، وتقسيم الدول العربية، عن عمر ناهز الـ101 عام، قضى معظمها في رسم خارطة الفوضى الخلاقة وتقسيم منطقة الشرق الأوسط بإغراقها في الخلافات المذهبية، فقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” خريطة تظهر فيها خمس دول بالشرق الأوسط وقد قسمت إلى 14 دولة وفقا لاعتبارات قبلية وطائفية، وبالبحث عن مصدر السم كان رأس الأفعى المستشرق والمؤرخ “برنارد لويس” صاحب أول مخطط مكتوب لتقسيم المنطقة وصاحب نظرية أن الاستعمار للشعوب العربية نعمة تخلصهم من آفة الجهل والتخلف التي أرستها فيهم الأديان السماوية ولاسيما الإسلام.

الدارس للتاريخ الإسلامي

ولد لويس في أسرة يهودية في إنجلترا عام 1916, اهتم  بدراسة اللغات الشرقية منذ صغره وتخصص في دراسات الشرق الأدني والأوسط، تخرج عام 1936 في جامعة لندن، مع تخصص في الشرقين الأدنى والأوسط، حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات من الكلية نفسها متخصصا في تاريخ الإسلام.

اتجه “لويس” أيضا لدراسة القانون، وأراد أن يصبح محاميًا، ثم عاد إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط 1937.. التحق بالدراسات العليا في جامعة السوربون، حيث حصل على “دبلوم الدراسات السامية” في 1937، ثم عاد إلى لندن كمساعد محاضر في التاريخ الإسلامي.

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية استدعي “لويس” للخدمة في الجيش البريطاني وبالفعل خدم في جهاز الاستخبارات, والذي يعتقد أنه ما زال على صلة به حتى وفاته، ثم انتقل للولايات المتحدة الأمريكية وعمل كأستاذ محاضر بجامعة برنستون وجامعة كورنل، حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1982 كما نال جوائز من قبل مؤسسات تعليمية أمريكية لكتبه ومقالاته في مجال الإنسانيات.

خرائط لويس

لويس صاحب أول مخطط مكتوب ومدعم بالخرائط لتقسيم المنطقة, حيث وضعه في عام1980 في أعقاب تصريحات أدلى بها مستشار الأمن القومي الأمريكي “بريجيسينكي” قال فيها: إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية من الآن فصاعدا هي كيف ستسعر نيران حرب خليجية ثانية تستطيع من خلالها تصحيح حدود “سايكس بيكو” في المنطقة.

في هذه اللحظة كلفت وزارة الدفاع الأمريكية “لويس” شخصيا لوضع مخطط التقسيم، ومنذ هذا الحين وهو مدرج علي رأس السياسات المستقبلية للولايات الأمريكية المتحدة، وجاء في هذا المخطط تقسيم 18 دولة عربية إلي مجموعة دويلات صغيرة تعيش إلى جانب دولة إسرائيل الكبرى.

مذهب لويس

حسب صحيفة “واشنطن بوست”، شكلت أعماله وجهة النظر الغربية تجاه قضايا الشرق الأوسط، وصراع الحضارات، رغم تمزيق النقاد لكثير من أطروحاته ، فعلى مدار سنواته عمله، طرح أكثر من 30 مؤلفا ومئات المقالات والمحاضرات بأكثر من 10 لغات، تحدث معظمها عن خطوط ومعالم الشرق الأوسط الحديث، كالانقسامات الطائفية وصعود “الإسلام الراديكالي” و”الدكتاتورية الراسخة” المدعومة نسبيًّا من الغرب.

اكتسب المؤرخ اليهودي الأصل مكانة مرموقة بين الساسة، بدءا من إسرائيل حيث استضافته “جولدا مائير”، ومرورا باهتمام المخابرات البريطانية به، واستقبال البابا “يوحنا بولس” الثاني، انتهاء باستقطاب ساسة واشنطن له.
ولطالما أثارت أقاويله السخط والدهشة بين متابعيه، كموقفه من التدخل في العراق، حين أطلق مقولته “كن قاسيًا أو اخرج”، في ما أطلق عليه البعض اسم “مذهب لويس”.

وقد نفى مرارًا وتكرارًا تأييده لغزو العراق، قائلًا: إنه كان يدعو إلى تقديم مساعدات أكبر إلى الأكراد المتحالفين مع الغرب في شمال العراق كقوة موازية لنظام بغداد.

في الوقت ذاته يعتبر أحد أبرز منكري مذابح الأرمن حيث تغير موقفه جذريا من الاعتراف بحدوث “مجازر أودت بحياة أكثر من مليون ونصف على يد العثمانيين” إلى رفض تسمية ما حدث بالمجزرة واعتبارها “أعمال مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء”.
أدى موقفه هذا إلى محاكمته في فرنسا حيث قررت المحكمة كونه مذنبا بتهمة إنكار مذبحة الأرمن وتغريمه مبلغا رمزيا قدره فرنك فرنسي واحد.

معاهدة سايكس بيكو

وقعت في سنة 1916 بين لندن وباريس، وتم بموجبها تقاسم أراضي الوطن العربي والشرق الأوسط، ما بين بريطانيا وفرنسا، وقد كانت معاهدة سرية، شاركت فيها روسيا القيصرية، التي كانت أيضا تطمح في نفوذ على هذه المنطقة، لكنها سقطت قبل أن تحظى بنصيب فيها، وعندما سيطرت الثورة الشيوعية على موسكو، كشفت أسرار الاتفاقية، فثار العرب بقيادة الشريف حسين عليها، واضطرت بريطانيا إلى إجراء تعديلات عليها، أدت إلى قيام المملكات والدول العربية، لكن بريطانيا نكثت بوعودها، آنذاك، للعرب ولشريكتيها روسيا وفرنسا، وقدمت وعدها الشهير “وعد بلفور”.

وتم إحياء “معاهدة سايكس بيكو” بسم الأفعى “لويس” وسط أخطار بتفتيت دول عربية، وبات يطرح بقوة مشروع لإعادة تقسيم الوطن العربي إلى دويلات تقوم على الانتماءات الطائفية، دولة للمسيحيين ودولة للشيعة أو العلويين أو السنة أو الأكراد، ما يشجع إسرائيل على اتخاذ صفة طائفية شرعية هي “الدولة اليهودية”.

ربما يعجبك أيضا