رسائل متبادلة مع واشنطن.. طهران تعود بنظرة واقعية إلى مفاوضات فيينا!

يوسف بنده

رؤية

تستأنف مفاوضات الجولة الثامنة في فيينا بين إيران ومجموعة “4+1” بعد توقف دام 3 أيام بغية مواصلة المشاورات والمحادثات المكثفة بين المفاوضين للوصول إلى اتفاق.

وقد تواصلت عملية التفاوض بين إيران ومجموعة 4 + 1 في فيينا في إطار الجولة الثامنة، جولة ترافقت بحدوث العديد من التغييرات عن الجولات السابقة، سواء في المفاوضات التي تمخّض عنها الاتفاق أو في الجولات الست من المحادثات قبل وصول الحكومة الإيرانية إلى سدة الحكم.

وفيما يسود الترقب بانتظار ما ستتمخّض عنه جولة المفاوضات الثامنة في فيينا حول الملف النووي الإيراني، والتي ربما ستكون الأخيرة للمفاوضات، تبرز بعض التغيرات في المفاوضات الحالية، لاسيما دور روسيا والصين الداعم لإيران في المفاوضات، اللذين أقنعا إيران بالعدول عن سياستها خلال هذه المفاوضات.

وخلال أيام المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي كانت هنالك محادثات مكثفة على مستوى رؤساء الوفود والخبراء بين إيران ومجموعة “4+1” والاتحاد الأوروبي في مجال رفع الحظر والقضايا النووية. وبالتزامن مع ذلك عقد أعضاء الاتفاق النووي من دون حضور إيران عدة جلسات مع الوفد الأمريكي الذي يترأسه المندوب الأمريكي الخاص في الشأن الإيراني روبرت مالي.

وقد أكد نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، رئيس الوفد الإيراني المشارك في مفاوضات فيينا “علي باقري كني”، أن نتائج المباحثات التي جرت خلال الأيام الأخيرة تشير إلى حصول تقدم جيد في مجال إلغاء الحظر.

وفي تصريح للصحافيين قبيل مغادرته العاصمة النمساوية باتجاه طهران يوم الخميس، أوضح باقري كني: أن المباحثات التي أجريت في إطار الجولة الثامنة من المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 4+1 الدولية، تمحورت بشكل أساسي على موضوع إلغاء الحظر.

وأشار في هذا السياق، إلى استمرار المباحثات بشتى القضايا بين الجانب الإيراني والأطراف الأخرى؛ ومنها موضوع الحصول على ضمانات (فيما يخص إلغاء الحظر).

وبشأن طلب إيران ضمان عدم انسحاب أي إدارة أمريكية مستقبلية من اتفاق محتمل لإحياء الاتفاق النووي، قال المصدر الأوروبي إن طلب إيران “له جوانب سياسية وقانونية”، لكن “جميع الأطراف اتفقت أخيرًا على ضرورة إدراج هذه القضايا في النصوص”.

نظرة واقعية

وبينما قال سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة خارجية إيران، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، اليوم الإثنين 3 يناير (كانون الثاني)، عن الوضع الحالي لمحادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي: “إذا كان لدينا نص مشترك اليوم، فذلك لأن الغرب أدرك أنه يجب عليه التراجع عن مطالبه القصوى، وما لدينا اليوم هو نتيجة هذه الواقعية من الأطراف الغربية في محادثات فيينا”.

لكن الحقيقة أن إيران هي من عادت بنظرة واقعية إلى هذه المفاوضات بعدما عدلت من سياستها التفاوضية بفضل الدور الذي مارسته روسيا والصين في الضغط عليها. وهو ما قاد حالة من الجدل داخل إيران واتهام الحكومة بالرضوخ للسياسة الروسية. خاصة أن روسيا قادت عملية التفاوض الثنائي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما بدا من خلال صورة لقاء ثنائي بين المبعوثين الروسي والأمريكي، ميخائيل أوليانوف وروبرت مالي، خلال محادثات فيينا. وكتب بعض مستخدمي الشبكات الافتراضية صورة للقاء بين أوليانوف ومالي، وكتبوا أن الاتفاق الرئيسي بشأن البرنامج النووي الإيراني سيتم بين هذين البلدين ودون حضور ممثل إيران.

وفي وقت سابق، قال ميخائيل أوليانوف، مبعوث روسيا في محادثات فيينا، إن الصين وروسيا أقنعتا إيران بالتراجع عن بعض مواقفها الأساسية، بما في ذلك رفع العقوبات دون مناقشة التزاماتها النووية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، صلاح الدين هرسني، في مقال له بصحيفة “جهان صنعت” إنه لا ينبغي السماح لروسيا بأن تنوب عن إيران في المفاوضات النووية، مؤكدا أن روسيا لم ولن تكون حليفا استراتيجيا لإيران، وفي أفضل حالاتها تكون العلاقة بين البلدين هي علاقة تكتيكية تعتمد على مبدأ “السلام البارد”.

وهاجم الكاتب الوفد الإيراني المفاوض في فيينا كما اتهمه بأنه لا يتقن اللغة الإنجليزية بشكل جيد لهذا يتولى المبعوث الروسي التفاوض مع الأمريكان في ظل انقطاع الاتصالات المباشرة بين طهران وواشنطن، مؤكدا أن الأدلة والبراهين الموجودة تثبت أن المبعوث الروسي يحرص على عدم نجاح المفاوضات النووية لأن الروس يدركون أن وجود علاقة مستدامة بين إيران والغرب لن تكون في مصلحة روسيا.

وأضاف الكاتب: “في الواقع وضع ميخائيل أوليانوف في موضع التفاوض بالنيابة عن إيران يكون بمثابة وضع ثعلب على حراسة حظيرة للدجاج”، موضحا أنه لا يجب أن يتفاءل الإيرانيون بنتائج المفاوضات التي يديرها المبعوث الروسي بالنيابة عن إيران.

رسائل متبادلة مع واشنطن

قال سفير إيران السابق في النرويج، عبدالرضا فرجي راد، لصحيفة “ستاره صبح” الإيرانية، إن هناك رسائل مكتوبة تم تبادلها بين الجانبين الإيراني والأمريكي في فيينا، وهي في الواقع بديل عن المفاوضات المباشرة، موضحا أن تبادل الرسائل المكتوبة هذا يوحي بأن التفاوض المباشر بين الجانبين محتمل. وتتعزز هذه الاحتمالية وتصبح متوقعة أكثر من السابق.

وكتب الخبير الإيراني، محمد صالح صدقيان، على تويتر: “تستأنف اليوم الإثنين أعمال الجولة الثامنة من #المفاوضات_النووية وسط تفاؤل حذر بسبب غياب الثقة. شخصيا أميل إلى لقاء مباشر بين الجانبين الإيراني والأمريكي لتسريع عملية المفاوضات لكن ذلك يحتاج إلى خلق بيئة مناسبة لاحتضان هذا اللقاء. الجانب الأمريكي وحده يستطيع خلق مثل هذه البيئة”.

وأشارت صحيفة “جهان صنعت” إلى المقترح الأمريكي الجديد المتمثل بأن تقوم طهران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة وتقوم واشنطن في المقابل بتحرير جزء من الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج، معتقدة أن هذا المقترح ورغم إظهار الجانب الإيراني عدم ترحيبه به إلا أنه يبدو مقترحا منطقيا، وأن الحل العملي الوحيد أمام أزمة الملف النووي الإيراني هي أن يتم حل القضايا بشكل مرحلي ومتدرج.

ونقلت الصحيفة كلام المحلل السياسي حسن بهشتي بور الذي قال للصحيفة: إن هذه الخطوة هامة في مسار نجاح المفاوضات ويجب أن تتم بشكل متزامن بحيث لن تعود هناك حاجة للضمانات، فأثناء تحرير الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج تقوم طهران بوقف عمليات التخصيب بنسبة 60 في المائة، منوها إلى أن الأطراف التي ستجلس على طاولة الحوار اليوم الاثنين يجب أن تدرس هذا الموضوع بشكل جيد وتحدد نسبة الأصول التي سيتم تحريرها.

كما قال الخبير في العلاقات الدولية، علي بيكدلي، للصحيفة إنه وبالنظر إلى اتساع دائرة القضايا الخلافية بين طهران وواشنطن فمن الأفضل اعتماد طريقة مرحلية ومتدرجة في حل القضايا العالقة بين البلدين.

ربما يعجبك أيضا