رسالة صينية خفية إلى واشنطن بمؤتمر «الشيوعي» الصيني.. ما مضمونها؟

رنا أسامة

بعث الزعيم الصيني شي جين بينج برسالة مبطنة إلى الولايات المتحدة من دون التطرق مباشرة إلى العلاقات الآخذة في التردي بين البلدين.. ماذا قال؟


تناولت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصينية، خطاب زعيم الصين في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني التاريخي، الذي ينعقد مرتين كل عقد.

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته، أمس الأحد 16 أكتوبر 2022، إن الزعيم الصيني، شي جين بينج، لم يتطرق في خطابه بالمؤتمر إلى سياسة خارجية محددة، أو أي من التحديات الرئيسة التي واجهت الصين على مدى الأعوام الـ5 الماضية.

رسالة غير مباشرة

لم يتطرق شي، في خطابه الذي دام 100 دقيقة، إلى علاقة الصين المتردية مع الولايات المتحدة، أو موقف الصين من الحرب الروسية الأوكرانية، أو سياستها “صفر كوفيد” المثيرة للجدل.

ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنه كانت ثمة رسالة صينية غير مباشرة، لكنها كانت واضحة إلى واشنطن، مفادها أن بكين لن تتراجع على الرغم من تصاعد التوترات مع الغرب.

عبارات عامة

في خطابه بقاعة الشعب الكبرى ببكين، تحدث الزعيم الصيني بعبارات عامة، مشيدًا بإنجازات بلاده تحت قيادة الحزب الشيوعي منذ عام 2017. وقال شي إن الأعوام الـ5 المنقضية منذ المؤتمر الوطني الـ19 كانت استثنائية وغير اعتيادية على الإطلاق.

وأضاف شي أن الحزب الشيوعي تعامل بفاعلية مع الوضع الدولي الذي وصفه بأنه “شائك ومعقد”، وما تلاه من مخاطر وتحديات هائلة، ودفع إلى تطبيق مفهوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.

“ابتزاز” للمرة الأولى

جاء في خطاب شي، أنه في مواجهة التغيرات السريعة على المسرح الدولي، لا سيما في مواجهة ما أسماه “الابتزاز الخارجي والحصار والضغط الشديد” الذي يمارسه الغرب، ظلت المصالح الوطنية للصين وسياستها الداخلية في صدارة اهتمام الحزب.

ووفق الصحيفة، كانت هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها شي كلمة “ابتزاز” لتوصيف موقف سياسي. ومضى الزعيم الصيني في خطابه، يؤكد أن بكين تتبنى سياسة خارجية سلمية مستقلة، تعارض بحزم أشكال الهيمنة كافة، وسياسات القمع وعقليات الحرب الباردة.

إشارة خفية

من دون التطرق إلى أوكرانيا صراحة، قال شي إن الصين شاركت بنشاط في إصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمي، ودعمت بقوة النظام الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

ويمثل دفاع شي عن ميثاق الأمم المتحدة إشارة خفية إلى موقف الصين من الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر، وفق ما ذكره أستاذ السياسة الدولية في جامعة المحيط الصينية، بانج تشونج ينج.

وجهة نظر مختلفة

بحسب بانج، فقد كانت إشارة شي إلى ميثاق الأمم المتحدة أمرًا دالًا، باعتبار أن الحرب التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا تنتهك ذلك الميثاق الأممي من منظور مفاهيم السيادة.

ومن هذا المنطلق، رأى بانج أن الصين ترسم خطوطًا فاصلة بينها وبين روسيا، وتقول بصفة أساسية إنها تتبنى وجهة نظر بشأن أوكرانيا عن روسيا.

شي جين بينج 1

صفعة تكنولوجية

وفي حين تصاعدت التوترات بين بكين وواشنطن الأسبوع الماضي، على وقع فرض عقوبات أمريكية مشددة على رقائق أشباه الموصلات الصينية، تجنب شي في خطابه الحديث مباشرة عن العلاقة بين البلدين.

وأدخلت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ضوابط تمنع شركات الرقائق الأمريكية من تصدير التكنولوجيا والخدمات إلى بكين، في حين عدته “ساوث تشاينا مورنينج بوست” صفعة لصناعة التكنولوجيا في الصين، لا سيما أنها تمثل أولوية قصوى لبكين.

معايير أساسية

وبعبارات فضفاضة، قال شي إن الصين تعارض بوضوح أي ممارسات أحادية وحمائية وتنمر، وتشارك فيما يطلق عليه “دبلوماسية الدولة الكبرى ذات الخصائص الصينية”. أضاف: “إننا في الصين نشجع إنشاء مجتمع المصير المشترك للإنسانية، وندعم بقوة الإنصاف والعدالة في المحافل الدولية”.

وعلى الرغم من أن شي لم يتطرق صراحة في خطابه إلى الولايات المتحدة، قال إن التعليم والتكنولوجيا والموهبة معايير أساسية لتنمية الصين كدولة قوية، مجددًا التشديد على الحاجة إلى الاعتماد على الذات تكنولوجيًّا.

الصين والدول النامية

التنافس بين الولايات المتحدة والصين انعكس أيضًا في حديث شي عن علاقات بكين مع دول نامية أخرى.

قال شي في خطابه الافتتاحي بالمؤتمر الذي يوصف بالحاسم، إن الصين تتمسك بمفاهيم الصدق والإخلاص والاستقامة والمنفعة لتعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية وحماية مصالحها المشتركة.

تنافس أمريكي- صيني

أوضح بانج أن التنافس الأمريكي الصيني في الدول النامية، يتجسد في استراتيجية بايدن بالمحيطين الهندي والهادئ (الهندوباسيفيك)، التي تهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وفي حين أن الصين تواجه مشكلات تتعلق بقروض مع دول نامية، لفت بانج إلى أن تأكيد شي وجود مصالح مشتركة يشير إلى أن بكين تبحث عن حلول، مضيفًا: “هذه طريقة بكين لمحاولة إيجاد مخرج من الديون الصينية والبقاء في علاقات جيدة مع الدول النامية”.

اقتصاد عالمي مفتوح

فيما يتعلق بمواجهة التحديات الغربية، قال الباحث بارز بمعهد الاستراتيجية الوطنية بجامعة تسينجهوا في بكين، شي ماوسونج، إن حديث شي عن الاقتصاد يشير إلى أن الصين ستطور طريقتها الخاصة لمواجهة تلك التحديات.

وقال ماوسونج إن الأمر الوحيد الذي ينبغي ملاحظته من خطاب شي هو أن الصين “تعزز بناء اقتصاد عالمي مفتوح”، وتمضي نحو تأسيس مزيد من الشراكات والروابط التجارية والاستثمارية مع دول أخرى، بحسب “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.

ربما يعجبك أيضا