رغم الفقر والحصار.. مبادرة “سلالة” لإنقاذ الحيوانات الضالة في غزة

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في قطاع غزة الفقير، حيث يكافح معظم الناس من أجل تلبية احتياجاتهم وسط حصار خانق، غالبًا ما تمر معاناة الكلاب والقطط الضالة دون أن يلاحظها أحد.

في عام 2006، أسس سعيد العر، منظمة لإنقاذ الحيوانات وهي الوحيدة في القطاع، ويحاول سعيد تغيير ذلك، حيث ينقذ هو ومتطوعون آخرون الكلاب والقطط التي اصطدمت بها السيارات أو تعرضت لسوء المعاملة.

في الأسابيع الأخيرة، أطلقت المنظمة أول برنامج لتعقيم الحيوانات في غزة، حيث يُنظر إلى الكلاب والقطط الضالة على أنها وحشية، ويرى الكثيرون أن التعقيم والإخصاء محظوران في الإسلام.

يقول سعيد: “لأن المجتمع مسلم، يتحدثون عن الحلال (المسموح به) والحرام (الممنوع، ونحن نعرف ما هو الحلال وما هو الحرام، ومن المحرم بالنسبة للحيوانات أن ينتشروا في الشوارع حيث يمكن دهسهم أو إطلاق النار عليهم أو تسميمهم”.

يعلم الإسلام اللطف تجاه الحيوانات، لكن هناك انقسام حول التعقيم والإخصاء، وفي جميع أنحاء العالم العربي، يتم تجنُّب الكلاب على أنها نجسة ومن المحتمل أن تكون خطرة، وكذلك القطط.

يواجه سعيد وغيره من المدافعين عن المعاملة الإنسانية للحيوانات تحديًا إضافيًا في غزة المحاصرة، ويعاني سكانها من البطالة التي بلغ معدلها حوالي 50 % البطالة وانقطاع التيار المتكرر والقيود الشديدة على السفر.

مضيعة للوقت

في الوقت الذي يكافح فيه الكثيرون لتلبية الاحتياجات الأساسية، يُنظر إلى رعاية الحيوانات على أنها مضيعة للموارد الثمينة أو رفاهية، وتعتمد مجموعة “سلالة” لرعاية الحيوان على التبرعات الخاصة والتي قد يكون من الصعب الحصول عليها في أغلب الأحيان.

يشير مؤسس المبادرة إلى أن فريقه لم يعد بإمكانه مواكبة عدد الحيوانات المصابة التي يجدونها أو التي يتم إحضارها إلى العيادة، مضيفا “إن العدد الكبير من الإصابات اليومية يفوق طاقتنا، ولهذا السبب لجأنا إلى الإخصاء”.

ولفت إلى أن هناك عدد قليل من العيادات البيطرية ولا توجد مستشفيات للحيوانات في غزة، لذلك قاموا بإجراء العمليات في قسم من متجر للحيوانات الأليفة تم تنظيفه وتطهيره.

من جانبه يقول بشار شحادة، طبيب بيطري: “لدينا نقص في القدرات والأدوات، وخاصة تلك اللازمة لجراحة العظام، لا يوجد مكان مناسب للعمليات”.

أمضى سعيد سنوات وهو يحاول تنظيم حملة إخصاء، لكنه واجه مقاومة من السلطات المحلية والأطباء البيطريين، الذين قالوا: إن ذلك ممنوع، وفي نهاية المطاف حصل على فتوى، أو حكم ديني، مشيراً إلى أن تعقيم الحيوانات أكثر إنسانية من تعرضها لسوء المعاملة.

بمجرد إصدار الفتوى، قال سعيد: إن السلطات المحلية لم تعترض على الحملة كوسيلة لتعزيز الصحة والسلامة العامة، وقال: إن وزارتي الصحة والزراعة سمحت للأطباء البيطريين بتنفيذ عمليات وشراء إمدادات وأدوية.

وفي وقت سابق من هذا العام وفرت بلدية مدينة غزة أرضا لتصبح ملجأ للحيوانات، ويشير سعيد إلى أنه احتفظ بالحيوانات التي تم إنقاذها في منزله وعلى مساحات صغيرة من الأرض التي استأجرها.

يؤوي الملجأ الجديد حاليًا حوالي 200 كلب، كثير منهم مكفوفين، ويحملون ندوبًا من سوء المعاملة أو فقدان أطراف جراء اصطدامهم بالسيارات، وهناك قسم منفصل للقطط.

تحاول المجموعة إيجاد منازل للحيوانات، لكنها تواجه تحديات اقتصادية وثقافية، حيث إن عددا قليلا جدًا من سكان غزة سيحتفظون بالكلاب كحيوان أليف، وهناك طلب قليل على القطط، وهناك بعض الناس يتبنون الحيوانات من الخارج، ويرسلون الأموال من أجل طعامهم ورعايتهم.

أمنيات

على مدى العقد الماضي، قامت مجموعات رعاية الحيوانات الدولية بالعديد من المهمات لإخلاء الحيوانات المريضة من حدائق الحيوان المؤقتة في غزة ونقلها إلى ملاذات في الضفة الغربية والأردن وأفريقيا، ولكن لا توجد حملات مماثلة للكلاب والقطط.

 وقد تم إغلاق غزة عن الجميع باستثناء السكان العائدين منذ مارس لمنع تفشي الفيروس التاجي.

وقبل أن يختتم حديثه، رن هاتف سعيد وقال المتصل: إن كلبا أصابته سيارة، ونثم أعادها متطوعون إلى الملجأ على ظهر دراجة نارية وبدأوا في معالجتها، قائلا: “نتلقى حوالي خمس مكالمات من هذا القبيل كل يوم”.

ويأمل “سعيد”، أنّ يكون قادرا على توسيع فريقه؛ ليتمكن من التعامل مع كل الحيوانات التي تحتاج للمساعدة، ويسعى كذلك لإنشاء جمعية كبيرة تضم عددا من المحميات الطبيعية التي تقدم خدمات الرعاية والحماية والعلاج.

ويتطلع أيضا لنشر ثقافة العناية بالحيوان بشكل واسع في كلّ فلسطين، مؤكدا أنّ ذلك يحتاج لتكاثف من الجهات المعنية والمواطنين.

ويفتقر قطاع غزّة، لوجود الجمعيات التي تهتم بشكلٍ عام بالحيوانات، كما أنّه لا تتوفر فيه المساحات الطبيعية التي تكفي للعناية بها، ومؤخرا عكفت بعض المؤسسات الدولية على نقل بعض الحيوانات للعلاج في الخارج.

ووفق مسؤول الدائرة البيطرية في وزارة الزراعة، يوجد في غزة نحو 100 طبيب بيطري منهم 20 يعملون ضمن المؤسسات الحكومية، كما يوجد بالقطاع 3 مختبرات تقدم خدمات الفحص والتشخيص للحيوانات.

للاطلاع على الموضوع على الموقع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا