رغم توتر علاقتها بإسرائيل.. أمريكا تقود حملة دبلوماسية ضد إيران

إسراء عبدالمطلب

بينما تستعد إسرائيل لهجوم إيراني ويتصاعد غضب المسؤولين الأمريكيين من نتنياهو، يظل غير واضح إلى أي مدى تستطيع واشنطن السيطرة على العنف المتصاعد.


تسابق إدارة بايدن الزمن لتجنب تصاعد العنف في الشرق الأوسط، وهي لحظة عالية المخاطر تهدد بإفشال اتفاق وقف إطلاق النار المنتظر في قطاع غزة، وتبرز حدود النفوذ الأمريكي على إسرائيل، أقرب حليف لها في المنطقة.

واجتمع الرئيس بايدن ونائبته هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، مع كبار مستشاريهم في غرفة العمليات بالبيت الأبيض يوم الاثنين 5 أغسطس 2024، لمناقشة الهجوم الإيراني المتوقع ضد إسرائيل، والهجوم الذي شنته ميليشيا عراقية مدعومة من إيران، والذي أسفر عن إصابة جنود أمريكيين، وهو الهجوم الذي تعهدت واشنطن بالرد عليه “بالطريقة والمكان الذي نختاره”.

حملة دبلوماسية

حسب صحيفة “واشنطن بوست”، سارعت الولايات المتحدة إلى نشر أصول عسكرية إضافية، بما في ذلك سرب من طائرات إف-22 ومدمرات بحرية، بالقرب من إسرائيل لدعم دفاعاتها ضد ما يعتقد المسؤولون أنه سيكون هجومًا وشيكًا من إيران ردًا على مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية الأسبوع الماضي.

ويقود وزير الخارجية أنتوني بلينكن حملة دبلوماسية للضغط غير المباشر على إيران، حيث يطلب من المسؤولين في القاهرة وبغداد وعواصم عربية أخرى حث طهران وحلفائها على ضبط النفس، وحذر بلينكن من أن هذا الانتقام قد يحدث في وقت مبكر من يوم الثلاثاء.

أمريكا تستعد لهجمات إيران

قال بلينكن للصحفيين، الثلاثاء 6 أغسطس 2024: “لا ينبغي لأحد أن يصعد هذا الصراع، لقد انخرطنا في دبلوماسية مكثفة مع الحلفاء والشركاء، ونقلنا هذه الرسالة مباشرة إلى إيران وإسرائيل”، ومع ذلك، يبقى من غير الواضح مدى قدرة حلفاء أمريكا العرب على احتواء الضربة المضادة المتوقعة، وما إذا كانت واشنطن قادرة على ثني حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن تأجيج الصراع أكثر.

وظلت المنطقة متوترة يوم الثلاثاء، حيث ألغت شركات الطيران رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت، ونصحت الحكومات الغربية رعاياها بمغادرة لبنان على الفور. ومثل إيران، تعهدت جماعة حزب الله اللبنانية بالانتقام من إسرائيل بسبب الغارة الجوية التي وقعت في 30 يوليو، والتي أسفرت عن مقتل أحد كبار نواب زعيم الجماعة، حسن نصر الله، جنوب بيروت.

حالة تأهب قصوى

حذر نصر الله في خطاب له يوم الثلاثاء: “قد نرد دفعة واحدة، أو ربما يرد كل منا في الوقت والمكان والطريقة الخاصة به”، كانت إسرائيل في حالة تأهب قصوى يوم الثلاثاء، حيث أشار القادة إلى استعدادهم لضربة محتملة، وحذر وزير الدفاع يوآف جالانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أن الجيش “عازم ومتماسك وقوي وجاهز للهجوم والدفاع”.

سيكون الهجوم الجوي المباشر من إيران بمثابة الضربة الثانية من نوعها في تاريخ إسرائيل، ولكنها ستكون الثانية خلال 4 أشهر، وخلال هجوم طهران الصاروخي والطائرات بدون طيار الكبير الذي حدث في أبريل، والذي جاء بعد غارة إسرائيلية قاتلة على قائد عسكري إيراني في دمشق، تمكنت إسرائيل من صد معظم النيران القادمة بمساعدة تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة.

ولكن هجومًا منسقًا من إيران وحزب الله، إذ يمتلك كل منهما ترسانة صاروخية ضخمة، قد يهدد بشل شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية. ومن غير المؤكد ما إذا كانت الدول العربية ستدعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بنفس المستوى كما فعلت في أبريل.

تصعيد الصراع بين إيران وإسرائيل

في إشارة إلى استمرار واشنطن في الاستثمار في أمن إسرائيل، تحدث جالانت مع وزير الدفاع لويد أوستن يوم الثلاثاء، في خامس مكالمة بينهما منذ الهجوم الصاروخي في 28 يوليو والذي أسفر عن مقتل مجموعة من الأطفال في مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل وأدى إلى تصاعد المواجهة، وحملت إسرائيل والولايات المتحدة حزب الله مسؤولية هذا الهجوم، وهو ما نفته الجماعة.

وكان رئيس القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريللا، في إسرائيل يوم الاثنين لإجراء محادثات مع القادة العسكريين، وهي الزيارة التي أشاد بها جالانت باعتبارها “ترجمة مباشرة لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل إلى أفعال”.

الاحتكاك بين واشنطن وتل أبيب

يوجد احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل واستجاب مسؤولو البيت الأبيض بمفاجأة وغضب لاغتيال هنية في 31 يوليو، الذي اعتبروه انتكاسة لجهودهم التي استمرت أشهرًا لتأمين وقف إطلاق النار في غزة، وهي عملية كانت تحقق تقدمًا وفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين على تفكير البيت الأبيض.

ورغم أن إسرائيل لم تعلق على مقتل هنية، إلا أنها أبلغت المسؤولين الأمريكيين على الفور بأنها مسؤولة عن ذلك. وفي يوم الثلاثاء، أعلنت حماس أن يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة والمهندس وراء هجوم 7 أكتوبر، سيحل محل هنية كرئيس للمكتب السياسي للحركة.

احتواء الحريق الإقليمي

أشار المحللون إلى أن اختيار نتنياهو لهذا التوقيت الهش لشن هجومه على هنية يثير التساؤلات، حيث أن السنوار يُعتقد أنه يختبئ في شبكة أنفاق تحت غزة، بينما هنية كان يقيم في قطر ويسافر للخارج، وقال المبعوث الأمريكي السابق إلى إسرائيل، دينيس روس: “إذا كان هدفكم هو إتمام الصفقة، فلماذا تفعلون ذلك الآن مع هنية وتفعلون ذلك بطريقة تجبر الإيرانيين على الرد؟”.

وأصبح العديد من المسؤولين الأمريكيين يرون أن نتنياهو، وليس إيران، هو العقبة الرئيسة في احتواء الحريق الإقليمي، حيث شنت إسرائيل مرارًا ضربات على حزب الله والقادة الإيرانيين دون إبلاغ الولايات المتحدة، مما أثار غضب مسؤولي بايدن.

ربما يعجبك أيضا