ملهمات عربيات «٢٣»| منى واصف سفيرة الفن السوري في الدراما العربية

تعد الفنانة القديرة منى واصف من أشهر نجوم الفن السوري، وتمتلك مسيرة فنية طويلة تنوعت بين السينما والمسرح والتلفزيون، مثل دور هند بنت عتبة في فيلم “الرسالة” عام 1976 ذروة أعمالها السينمائية.

بدأت منى واصف أولى خطواتها مع الفن من بوابة عروض الأزياء في نهاية خمسينيات القرن العشرين، وسرعان ما خطفها بريق الفن الذي رفضت عائلتها عملها به، لكن الابنة ذات العزيمة القوية والنزعة المتمردة قررت تحقيق شغفها والاستمرار بعالم الفن الذي بدأت فيه منذ عام 1960 وحتى اليوم دون توقف.

البدايات

ولدت منى جليمران مصطفى يوم 1 فبراير عام 1942، في دمشق بسوريا لأب كردي مسلم وأم مسيحية، ودخلت مجال التمثيل بعد انضمامها إلى المركز الثقافي العربي في دمشق على غير رغبة من والدتها التي عارضتها بشدة، وتركت واصف التعليم وهو القرار الذي لا تزال نادمة عليه حتى الآن.

انضمت واصف إلى مسرح القوات المسلحة عام 1960، وكان أول أعمالها المسرحية “العطر الأخضر”، وتتابعت أعمالها بعد ذلك لكبار الكتاب العرب والعالميين مثل مسرحية “طرطوف” عام 1966.

قدوة الأجيال

في عام 1961، قدمت أولى أعمالها التلفزيونية “ميلاد ظل”، ومسلسل “أسود وابيض” عام 1964، وهو العام نفسه الذي انضمت فيه إلى فرقة الفنون الدرامية التابعة لوزارة الإعلام السورية عام 1964، وأصبحت عضوة في نقابة الفنانين السوريين عام 1968.

أسهمت منى واصف في إثراء مكتبة الدراما السورية بعديد من الأعمال، وأصبحت قدوة للأجيال المتعاقبة من الفنانين السوريين، ومن أبرز أعمالها في التلفزيون دور الملكة الجليلة في مسلسل “الزير سالم” عام 1971، ولها في السينما 30 فيلمًا أبرزها فيلم “ذكرى ليلة حب” عام 1971، و”اللص الظريف” و”الشمس في يوم غائم”.

فيلم الرسالة

خطفت الأنظار بدور هند بنت عتبة في فيلم المخرج مصطفى العقاد الشهير “الرسالة” عام 1976، وهو الدور الذي أدته في النسخة الإنجليزية النجمة اليونانية إيرين باباس، وقدمت في العام التالي دور الشاعرة العربية الخنساء في مسلسل بالاسم نفسه.

مع مخرج فيلم الرسالة وأبطاله

سافر المخرج مصطفى العقاد إلى دمشق خصيصًا لمشاهدة منى واصف على المسرح بعدما سمع عنها في مصر من المهتمين بالمسرح، وقابلها لضمها لطاقم فيلم “الرسالة”، بعد مشاهدة عملين لها، وقال عنها العقاد بعد ذلك: “عندما تنهي الممثلات في الغرب جملهن تنتهي، ومنى عندما تنتهي جملتها تبدأ”.

منى واصف ترفض العالمية

مع المخرج مصطفى العقاد والنجمة إيرين باباس

خلال عملها بفيلم الرسالة تلقت عرضًا من الممثل مارتن تيلسون الذي جسد شخصية أبو جهل في النسخة الإنجليزية من الفيلم بالذهاب إلى بريطانيا وتقوية لغتها الإنجليزية في المعهد الذي يمتلكه، وبعدما شعرت بالحماسة للأمر، خافت من ترك أسرتها وراءها وكذلك شهرتها في بلادها.

وتقول واصف عن تلك اللحظة في حوار مع صحيفة الجريدة الكويتية: “ربما لو لم أكن متزوجة ولدي أولاد كنت ذهبت، كما أنها تربطني بالشام علاقة خاصة جدًّا”. لذا رفضت ترك بلادها وأسرتها من أجل العالمية.

أبرز الأعمال

من أبرز أعمال النجمة السورية في الألفية الثالثة أدوارها في “ليالي الصالحية” عام 2004، و”أبو الطيب المتنبي”، وفي العام نفسه قدمت “حاجز الصمت”، وشاركت في دراما الأجزاء المستوحاة من البيئة الشامية “باب الحارة” في جزئها الثاني عام 2007، وجزئها السابع عام 2014، وفي عام 2008 قدمت “أهل الراية”.

وقدمت دورًا مميزًا في مسلسلات “زمن العار” عام 2009، و”قاع المدينة” ومسلسل “وراء الشمس” عام 2010، بالإضافة إلى دورها الشهير أم جابر في “ولادة من الخاصرة” عام 2011، وشاركت في مسلسل “الهيبة” بأجزائه الخمسة مع النجم تيم حسن.

زواج منى واصف

تزوجت النجمة السورية في عام 1963 من المخرج محمد شاهين، وأنجبت منه ابنها الوحيد عمار، ورفضت الزواج بعد وفاة زوجها عام 2004، الذي عدته رفيق الدرب الذي جمعتها به قصة حب مميزة استمرت أكثر من 40 عامًا.

ورفضت واصف مغادرة سوريا والإقامة مع ابنها وأسرته في أمريكا حيث يعيش، حتى بعدما وصل عمرها إلى الثمانين، لأنها لا تستطيع الابتعاد عن وطنها الحبيب الذي ألفت كل شبر فيه.

تكريمات

خلال تكريمها في موريكس دور

أصبحت منى واصف سفيرة النوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة عام 2002، وشاركت في عضوية لجان تحكيم عديد من المهرجانات الفنية منها: مهرجان قرطاج المسرحي، ومهرجان الشارقة للمسرح،  وكرمها مهرجان دمشق السينمائي الرابع عشر، وتلقت تكريمًا من مهرجان الإسكندرية السينمائي في مصر، ومهرجان جميلة بعلبك في لبنان، مهرجان وهران السينمائي في الجزائر.

مع بان كي مون

حصدت منى واصف عديدًا من الجوائز منها: جائزة غسان وجائزة اتحاد المرأة عن دورها في فيلم “شيء ما يحترق”، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2009، وجائزة أفضل ممثلة عربية في لبنان في عام 2010، وتكريم عن مجمل مسيرتها الفنية في حفل توزيع جوائز “موريكس دور” عام 2018 في لبنان.