روسيا تستغل أزمة القرية القبرصية.. هل تنجح في الوقيعة بين تركيا والغرب؟

إسراء عبدالمطلب

تأمل روسيا في استغلال هذا الحدث لنسف ميل أنقرة المزعوم نحو الغرب في أعقاب قمة الناتو المنعقدة خلال يونيو الماضي.


يجتمع مجلس الأمن اجتماعًا، اليوم الثلاثاء 22 أغسطس 2023، لمناقشة تطورات أزمة قرية بيلا الواقعة في المنطقة العازلة بين شطري قبرص.

وتعرضت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، للاعتداء من قوات الأمن القبرصية التركية، في القرية المختلطة عرقيًّا، يوم الجمعة 18 أغسطس، عندما كان القبارصة الأتراك يبنون طريقًا غير مرخص بالجزيرة الخاضعة للسيطرة الأممية، وفق المونيتور الأمريكية. 

هدوء حذر في قبرص بعد تنديد الأمم المتّحدة بالاعتداء على عناصرها | النهار

تساؤلات بشأن مصداقية تركيا

من المتوقع أن يعرض الممثل الخاص للأمم المتحدة في قبرص، كولن ستيوارت، آخر التطورات، على مجلس الأمن، عبر رابط فيديو قبل اجتماعه في نيويورك وسط مخاوف متزايدة من التصعيد.

ومن غير المرجح أن تتصرف قوات الأمن دون مباركة تركيا، ما يثير تساؤلات عن مدى صدق أنقرة بشأن تخفيف التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وإعادة ضبط العلاقات مع منافستها اليونان منذ فترة طويلة.

جريمة دولية خطيرة

أثار الاعتداء على قوات حفظ السلام، توبيخات سريعة وحادة من الأمم المتحدة. وفي بيان مشترك، قال حلفاء تركيا في الناتو، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إن التهديدات الموجهة لموظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها تشكل “جريمة خطيرة بموجب القانون الدولي”. وعبرت بريطانيا عن فزعها خاصة لأن المشاجرات وقعت بالقرب من إحدى قواعدها العسكرية السيادية في الجزيرة.

وقال الباحث البريطاني الذي يتابع من كثب ويقدم المشورة للحكومة البريطانية بشأن الشؤون القبرصية، جيمس كير ليندسي: “إن عدم الاستقرار في قبرص ليس جيدًا لاستقرار القواعد”.

 تعنت تركيا

لا تظهر تركيا أي علامات على التراجع، وقالت وزارة الخارجية في بيان إنها تدعم بالكامل رئيس الوزراء المتشدد لجمهورية شمال قبرص التركية الانفصالية التي تعترف بها أنقرة وحدها، إرسين تتار، والذي أعلن أن البناء سيمضي قدمًا على الطريق الذي يربط بيلا بقرية أخرى وهي أرسوز، على طول “المنطقة الخضراء” التي تراقبها الأمم المتحدة.

وجاء بيان وزارة الخارجية التركية كالتالي: “من غير المفهوم أنه على الرغم من ذلك، تغض الأمم المتحدة الطرف لسنوات عن الأمر الواقع الذي تمارسه الإدارة القبرصية اليونانية في المنطقة العازلة بينما تمنع القبارصة الأتراك من تلبية احتياجاتهم الإنسانية المبررة”.

اقرأ أيضًا: العراق يبحث مع تركيا العلاقات الثنائية في قطاع النفط والطاقة

 روسيا تستغل الموقف

تأمل روسيا في استغلال هذا الحدث لنسف ميل أنقرة المزعوم نحو الغرب في أعقاب قمة الناتو المنعقدة خلال يونيو الماضي في فيلنيوس، عندما أعطى أردوغان الضوء الأخضر لعضوية السويد في التحالف. وبحسب تقرير المونيتور، أحبط الكرملين إصدار بيان إدانة من مجلس الأمن صاغته بريطانيا ووافقت عليه واشنطن وباريس.

وقال كير ليندسي لـ “المونيتور” “إن التغطية على أنقرة في مجلس الأمن ستعطي وزنًا كبيرًا لفكرة أن روسيا تحاول كسب تركيا ومنح القبارصة اليونانيين وقفة للتفكير بشأن موقف روسيا الآن”.

تحد للقانون الدولي

أعلنت روسيا في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستقدم خدمات قنصلية لعشرات الآلاف من الروس الذين تدفقوا إلى الشمال التركي منذ الغزو، وألمحت إلى أنها قد تبدأ رحلات جوية مباشرة إلى شمال قبرص في تحد للقانون الدولي.

وتكهن البعض بأن تصرفات أنقرة تهدف إلى دفع القبارصة اليونانيين إلى إحياء محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة لإعادة توحيد الجزيرة. وظلت قبرص مقسمة منذ عام 1974، عندما غزت القوات التركية الثلث الشمالي لمنع قادتها اليونانيين من ضم قبرص إلى اليونان.

وفي عام 2004، حظي الاستفتاء الذي رعته الأمم المتحدة لإعادة توحيد الجزيرة بدعم القبارصة الأتراك ورفضه اليونانيون، وتعد بيلا هي القرية الوحيدة المتبقية في الجزيرة حيث يعيش اليونانيون والأتراك جنبًا إلى جنب، وحذر كير ليندسي من أنه إذا سمح للأمر بالتصعيد، فإن الآثار غير المباشرة للمواجهة يمكن أن تعطل التوازن الدقيق هناك.

اقرأ أيضًا: نتنياهو يرجئ زيارة لقبرص وتركيا بعد زراعة منظم لضربات القلب

اندلاع القتال في بيلا

نقلت المونيتور عن الباحث في الدراسات التركية والشرق أوسطية في جامعة قبرص، لزينوناس تزياراس، إنه يبدو أن اندلاع القتال في بيلا أشبه بمحاولة لتأمين المزيد من المزايا الاستراتيجية على الأرض.

وأضاف أن “ما يريدون فعله هو إنشاء طريق جديد يلتف حول منطقة القاعدة السيادية البريطانية ويكون قادرًا على الحركة بقدر أفضل وكذلك نقل المعدات العسكرية دون الخضوع لأي سيطرة”.

وخلص تزياراس إلى أن “الجهد يهدف إلى توسيع سيطرة الإدارة القبرصية التركية، والتشكيك في سيادة جمهورية قبرص وتهيئة الظروف لمزيد من الفوائد الإقليمية والاقتصادية والعسكرية للقبارصة الأتراك”.

ربما يعجبك أيضا