موسكو وواشنطن.. اتهامات متبادلة بالتجسس تزيد التوتر بين البلدين

محمد النحاس

ما تداعيات اعتقال الصحفي الأمريكي على العلاقات الروسية الأمريكية؟


اعتقلت السلطات الروسية مراسل صحفي أمريكي، يعمل داخل روسيا متهمةً إياه بالتجسس في خطوة غير مسبوقة منذ عقود.

ويعمل الصحفي الأمريكي مراسلاً لدى صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في روسيا، وأدانت الصحيفة الأمريكية اعتقال إيفان غيرشكوفيتش، ومن شأن هذه الأزمة أن تزيد من حدة التوترات في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا. 

الحصول على معلومات سرية

قال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، إن اعتقال الصحفي الأمريكي، إيفان غيرشكوفيتش، من صحيفة “وول ستريت جورنال” جاء على خلفية الاشتباه في عملية تجسس تورط فيها، وذلك حسب تقرير لوكالة الأنباء الروسية “ريا نوفوستي”.

IMG 4705

زعمت السلطات الروسية أن الصحفي الأمريكي، جرى اعتقاله بينما يحاول الحصول على معلومات سرية” تتعلق بنشاط شركة تابعة للمجمع الصناعي العسكري الروسي”، في منطقة يكاترينبورغ، على الجانب الشرقي من جبال الأورال.

ردود أمريكية

صحيفة “وول ستريت جورنال”، نفت هذه المزاعم، وطالبت بالإفراج الفوري عن المراسل “المهني والمتفاني”. وقال البيت الأبيض إن وزارة الخارجية على اتصال مباشر مع الحكومة الروسية وتتابع قضية اعتقاله، وحث المواطنين الأمريكيين في روسيا على المغادرة فورًا.

من جانبها، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، في إفادتها إن “اتهامات التجسس سخيفة”، رافضةً ما أسمته استهداف المواطنين الأمريكيين من قبل الحكومة الروسية، وفقًا لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية. 

الصحفي الأمريكي هاجر أبواه من الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان يجيد اللغة الروسية، وقد عمل سابقًا في وكالة الأنباء الفرنسية، و”موسكو تايمز”، و”نيويورك تايمز”، بحسب “وول ستريت جورنال”، ونقلت عن أصدقائه قولهم إنه رغم كونه أمريكيًا يشعر حين يكون في روسيا أنه في موطنه.

عملية انتقامية؟ 

بعد اعتقال المراسل الأمريكي، نقلته السلطات إلى موسكو، وقد أمرت المحكمة في جلسة مغلقة باحتجازه قبل المحاكمة حتى 29 مايو، ولم يسمح الأمن الروسي للمحامي الموكل للدفاع عن المراسل، بالدخول إلى قاعة المحكمة، كما أنه لم يتمكن من الإطلاع على لائحة الاتهام حتى اللحظة.

 تأتي عملية اعتقال المراسل، بعد أسبوع من قبض السلطات الأمريكية على سيرجي فلاديميروفيتش تشيركاسوف، الذي اتهمته بأنه جاسوس روسي ووجهت إليه اتهامات بهذا الصدد. 

وفي مؤتمر صحفي يوم أمس الخميس سأل مراسل “سي إن إن”، المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إذا ما كان اعتقال المراسل “إجراءًا انتقاميًا” بعد أن اعتقلت الولايات المتحدة مواطنًا روسيًا بتهمة التجسس الأسبوع الماضي؟ وقال بيسكوف “ليس لدي ما أقوله في هذا الموضوع”.

تجنب السفر إلى روسيا

من جانبه، رفض منسق اتصالات مجلس الأمن القومي، جون كيربي، بالبيت الأبيض، التعليق على التقارير التي ترجح أن يكون اعتقال غيرشكوفيتش خطوة انتقامية.

 وقال جون كيربي: “لا يغير هذا قلقنا العميق بشأن وجود الأمريكيين في روسيا، مكررًا التحذير للأمريكيين بضرورة “تجنب السفر إلى روسيا”، بحسب ما نقلت وول ستريت جورنال.

روسيا تعلق

في المقابل، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن روسيا ستمنح القنصلية الأمريكية حق الوصول إلى غيرشكوفيتش، مضيفةً أن القضية المرفوعة ضده ستعلن تفاصيلها خلال الفترة القادمة. 

وفي غضون ذلك، قال نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، إنه من السابق لأوانه الحديث عن أي تبادل للسجناء مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن مثل هذه الصفقات لا يجري ترتيبها عادة إلا بعد إدانة السجين.

قضايا أخرى

 كانت روسيا قد أطلقت سراح لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني جرينر، التي اعتقلتها في فبراير 2022، فيما وصفته الولايات المتحدة بـ “التهم الملفقة”، بتهريب المخدرات، وفي ديسمبر الماضي، خرجت من السجن بعد إبدالها بتاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت، بحسب “سي إن إن”. 

لكن هناك قضية أخرى لم تحسم بعد، فقد اعتقلت روسيا المواطن الأمريكي، متعدد الجنسيات، وجندي البحرية السابق، بول ويلان، في موسكو ديسمبر 2018 بزعم تورطه في عملية تجسس، وحكمت عليه بالسجن 16 عامًا، بعد محاكمة وصفها مسؤولون أمريكيون بـ أنها “غير عادلة”. 

ما تداعيات اعتقال المراسل الأمريكي؟

ووفق وكالة أنباء رويترز، فقد حظرت موسكو فعليًا جميع وسائل الإعلام الروسية المستقلة منذ بداية الحرب، لكنها سمحت لبعض المراسلين الأجانب بالعمل داخل روسيا، ومن جهة أخرى عملت السلطات على تقييد حرية الصحافة، وبحسب رويترز، فمن شأن اعتقال مراسل “وول ستريت جورنال”، أن يخيف الصحفيين الأجانب القلائل الذين ما زالوا يعملون هناك. 

ومن ثمّ يسهم ذلك في زيادة عزلة روسيا الدولية، بالإضافة لذلك من شأن هذه القضية أن تزيد التوترات في العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والتي بلغت أسوأ مستوياتها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت فبراير من العام الماضي. 

ربما يعجبك أيضا