«رويترز»: بوتين رفض «صفقة سلام» مع أوكرانيا قبل بدء الحرب

أحمد ليثي

المناقشات بين موسكو وكييف انهارت في أوائل مارس 2022، عندما أدرك المسؤولون الأوكرانيون أن بوتين ملتزم بالمضي قدمًا في حرب واسعة النطاق.


قال كبير مبعوثي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أوكرانيا، إنه رفض عرضًا بإبرام صفقة من شأنها تلبية مطالب موسكو ببقاء كييف خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو.)

وذكرت وكالة رويترز الإخبارية، في تقرير لها، اليوم الأربعاء 14 سبتمبر 2022، أن بوتين رفض العرض المقدم من أوكرانيا، وفقًا لـ 3 أشخاص مقربين من القيادة الروسية، ومضى قدمًا في حملته العسكرية، بزعم أن حلف شمال الأطلسي وبنيته العسكرية كانا يزحفان قرب حدود موسكو.

بوتين مجبر على الرد

قال أحد المصادر التي توصلت إليها رويترز، إن المبعوث الروسي الأوكراني المولد، دميتري كوزاك، كان يعتقد أن هذه الصفقة يمكن أن تجعل الرئيس بوتين يعدل عن قراره بشن الحرب على أوكرانيا، وكانت تشمل معظم البنود التي طلبها.

ومن جهة أخرى، أشار بوتين مرارًا وتكرارًا، قبل الحرب، إلى أن الناتو وبنيته التحتية العسكرية كانا يزحفان بالقرب من حدود روسيا، من خلال قبول أعضاء جدد من أوروبا الشرقية، وأن الحلف يبذل جهوده لضم أوكرانيا، مدعيًا أن ذلك يمثل تهديدًا وجوديًّا لبلاده، ما أجبره على الرد.

تنازلات غير كافية

أوضح بوتين عندما استقبل الصفقة، أن التنازلات التي قدمتها أوكرانيا لم تكن كافية لأهدافه، مدعيًا أن أهدافه توسعت لتشمل ضم مساحات من الأراضي الأوكرانية، قبل بدء الحرب التي اندلعت، فجر الخميس 24 فبراير الماضي 2022، بحسب مصادر لم تسمِّها رويترز.

وقال مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولاك، إن روسيا استخدمت المفاوضات ستار دخان للتحضير للحرب. ومن جهته، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن تلك الادعاءات لا علاقة لها بالواقع، مصرحًا بأن تلك المعلومات غير صحيحة على الإطلاق، في حين لم يرد كوزاك على طلبات للتعليق على ادعاءات الكرملين.

صدمة أوكرانية

بحسب رويترز، لم يرد مستشار الرئيس الأوكراني، بودولاك، على الأسئلة التي طرحتها عليه الوكالة بشأن جوهر المحادثات، ولم يقر التوصل إلى اتفاق أولي بشأن الصفقة، في حين أشار في حديثه لرويترز، إلى أنه فهم بوضوح بعد ذلك التسريب، أن روسيا لم يكن لديها النية للتوصل إلى تسوية سلمية.

ومن جهة أخرى، قال اثنان من المصادر الثلاثة التي توصلت إليها “رويترز” إن المسعى لإنجاز الاتفاق حدث فور بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير، وادعيا أن كوزاك كان يعتقد أنه سيحصل على موافقة بوتين على الصفقة، بعد أن وافقت أوكرانيا على الشروط الرئيسة التي يسعى إليها بوتين.

مصادر متضاربة

بحسب تقرير رويترز، قال أحد المصادر المقربة من القيادة الروسية، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن المسؤولين الأوكرانيين منحوا كوزاك الضوء الأخضر، بعد أن علموا أن بوتين وافق على الصفقة، قبل أن يطلب منه الجانب الروسي التخلي عنها، لأن بوتين غيّر الخطة وسيمضي قدمًا في الحرب.

وجاءت شهادة المصدر الثالث مختلفة، بعد أن أُطلع على المناقشات التي جرت بين كوزاك وبوتين، موضحًا أن كوزاك عرض الصفقة على بوتين قبل الحرب مباشرة، ورفضها لعدم كفاية الوقت. وهو الأمر الذي يشير إلى أن الرئيس الروسي كان عازمًا على الحرب، كونها ستلبي له أطماعًا أوسع مما كان معروضًا عليه.

هل الحكومة الأوكرانية ملتزمة بالاتفاق؟

وفقًا لرويترز، لم يكن من المؤكد أن الحرب ستنتهي لو أن بوتين وافق على خطة كوزاك، فبحسب التقرير، لم تتحقق رويترز من مصادرها في الحكومة الأوكرانية من التزام الرئيس فلاديمير زيلينسكي أو كبار المسؤولين في حكومته، بالصفقة، ما يعني أن الأمر لم يكن محسومًا تمامًا يشأن منع الحرب، أو إنهاءها.

ويعد كوزاك أفضل من يجيد التفاوض، فمنذ عام 2020، كلفه بوتين بإجراء محادثات مع نظرائه الأوكرانيين بشأن منطقة الدونباس في شرق أوكرانيا، التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا في أعقاب انتفاضة عام 2014، وكان أحد الحاضرين لاجتماعات مجلس الأمن الروسي الذي يجمع قادة الجيش.

أين كوزاك؟

بعد نهاية اجتماع مجلس الأمن الروسي، خرج كوزاك على الصحفيين ليصرّح بأنه ضد اتخاذ أي خطوات تصعيدية ضد أوكرانيا من الجانب الروسي، وقال أحد المصادر الذي شارك في محادثات ما بعد الحرب، إن المناقشات انهارت في أوائل مارس، عندما أدرك المسؤولون الأوكرانيون أن بوتين ملتزم بالمضي قدمًا في حرب واسعة النطاق.

وبعد 6 أشهر من بدء الحرب، لا يزال كوزاك في منصبه نائبًا لرئيس أركان الكرملين، ولكن أحد المصادر التي تحدثت لـ”رويترز” قال إنه لم يعد يتعامل مع الملف الأوكراني، ولا يمكن رؤيته في أي مكان، ما يجعل التكهنات تذهب إلى فرضية إقصائه من المشهد السياسي الراهن الخاص بالحرب الروسية الأوكرانية، والعسكري على الأقل حاليًّا.

ربما يعجبك أيضا