«ريسبونسيبل ستيتكرافت»: لسنا في حرب عالمية ثالثة.. ولهذا علينا أن نخشاها

أحمد ليثي

إذا ما انتهى المطاف بالحرب الروسية الأوكرانية إلى تبادل القصف النووي، فإن الوضع سيكون أسوأ بكثير من الحرب العالمية.. لماذا؟


انتقد مدير برنامج أوراسيا في معهد :كوينسي”، أناتول ليفين، ما قال إنه ادعاءات بأن الولايات المتحدة تخوض حربًا عالمية ثالثة مع روسيا.

وكان ليفين، في مقاله المنشور بموقع ريسبونسيبل ستيتكرافت، في 3 أكتوبر 2022، يشير إلى تصريحات فيونا هيل، عضو مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لصحيفة “نيويوركر”.

حرب بالوكالة

أوضح ليفين، في مقاله، أن أمريكا تخوض بالفعل حربًا بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا، كما فعل الاتحاد السوفيتي من قبل في فيتنام، وأمريكا في أفغانستان، مشددًا على أن سيناريو الحرب المباشرة سيكون أسوأ مما يمكن تخيله.

وأوضح أن القادة السوفييت والأمريكان كانوا حريصين للغاية خلال الحرب الباردة على ألا تتحول كل هذا إلى حرب مباشرة، أو إلى تهديد وشيك بالفناء النووي المتبادل، وفعلوا ذلك عن طريق تجنب الحرب بالوكالة في قارة أوروبا، التي تضم المصالح الحيوية للقوى الكبرى.

استخدام الأسلحة النووية

أشار ليفين إلى مناسبتين اقتربت فيهما واشنطن من استخدام الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة، الأولى في كوريا، عندما بدا أن الجيش الأمريكي يواجه هزيمة أمام الصين، فطلب الجنرال ماك آرثر استخدام السلاح النووي، لكنه واجه رفضًا شديدًا من الرئيس هاري ترومان.

وكانت ثاني المناسبات خلال أزمة الصواريخ الكوبية، التي وقعت بالقرب من شواطئ البر الأمريكي الرئيس، وتفاداها مسؤولو البيت الأبيض بدبلوماسية الربع ساعة الأخيرة، حين التقطت طائرة تجسس أمريكية تحلق فوق كوبا مواقع إطلاق الصواريخ السوفييتية، بعد قرار موسكو مساعدة هافانا عسكريًّا.

فارق كبير

أوضح مقال ليفين وجود اختلافات كبيرة بين الحروب بالوكالة في الماضي والحرب المباشرة، لافتًا إلى تحليل المدير السابق لمركز كارنيجي للسلام، ديمتري ترينين، أسباب المواجهتين، التي أحالها إلى انعدام الأمن الذي نتج عن توسع نفوذ الاتحاد السوفييتي، ووجوده في حديقتك الخلفية.

ويشدد المقال على أن هذا التشابه هو السمة البارزة للأزمة في أوكرانيا، التي قال أنها تمثل قضية وجودية بالمعنى الحرفي للكلمة بالنسبة لروسيا، كما كانت أزمة الصواريخ الكوبية بالنسبة للولايات المتحدة.

أسوأ من الحرب العالمية

حذر ليفين من أنه إذا انتهى المطاف بتبادل القصف النووي، فإن الوضع سيكون أسوأ بكثير من الحرب العالمية، مشيرًا إلى أن هذا قد يحدث بالفعل لعدم وضوح الخط الفاصل بين الحرب بالوكالة والمباشرة، الذي قال إن صانعي السياسة في الولايات المتحدة كادوا يتجاوزوه.

ويرى الكاتب أن إدارة الرئيس جو بايدن تتفهم الموقف “لحسن الحظ”، وتحلت بقدر كبير من العناية لتجنب الاشتباكات المباشرة مع روسيا، ولكنه يعيب عليها أن قدمت دعمًا هائلًا لأوكرانيا، دون أن تضع أي أهداف أو قيود على المدى الذي يجب أن تذهب إليه في هزيمة روسيا.

استقالة بوتين

نوه الكاتب بأن استمرار أوكرانيا في تحقيق الانتصارات، واستعادة المزيد من الأراضي، قد يدفع بوتين إلى الاستسلام، ولكنه حذر من أن مواصلة المحاولاة لاستعادة شبه جزيرة القرم، التي يراها غالبية الروس أراضٍ روسية، يجعل فرص التصعيد للحرب النووية عالية للغاية.

وقال إن الولايات المتحدة لم تنتصر في حرب واحدة منذ عام 1945، ما أدى إلى تعادلات أو تنازلات أو حروب أهلية طويلة أو هزيمة صريحة في نهاية المطاف، ولهذا، جادل بأن البحث عن نصر مطلق في أوكرانيا يشير إما إلى حرب لا نهائية، أو  رد روسي نووي.

طموحات ومخاوف

بحسب ليفين، فإن السمة المركزية للحربين العالميتين، هي أن كل قوة عظمى في العالم انجذبت في النهاية إلى جانب أو آخر، استجابة لطموحاتها أو مخاوفها، ما يجبر على قراءة الحرب العالمية الثالثة ليس فقط  في إطار مصالح الولايات المتحدة وروسيا، بل الصين أيضًا.

وأشار إلى أنه إذا أصبحت الحكومة الصينية مقتنعة بأن أمريكا تشن حربًا من أجل هزيمة كاملة لروسيا، فمن المرجح أن يدفعها ذلك إلى دعم مادي وعسكري هائل لموسكو، يعادل الدعم الذي تقدمه واشنطن إلى كييف، خوفًا من التأثير في مصالح بكين الحيوية.

ربما يعجبك أيضا