زلزال سياسي.. اليمين المتطرف يغير قواعد اللعبة في فرنسا

اليمين المتطرف في فرنسا.. مخاوف محلية وأوروبية متزايدة

أحمد الحفيظ
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

يشهد العالم خلال السنوات الأخيرة صعودًا لافتًا لليمين المتطرف في عدة دول، من بينها فرنسا، ويعزي هذا الصعود إلى عدة عوامل اجتماعية، واقتصادية، وسياسية أثرت في المشهد السياسي الفرنسي بشكل جذري.

وأثارت الظاهرة قلقًا واسعًا على المستويات المحلية والأوروبية والدولية، خصوصًا فيما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة وتأثيراتها المحتملة على التحالفات العسكرية كحلف الناتو، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، اليوم الاثنين 1 يوليو 2024.

صعود اليمين

منذ الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017، شهدت فرنسا صعودًا ملحوظًا لحزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان، الذي جذب دعمًا شعبيًا متزايدًا بسبب مواقفه المتشددة تجاه الهجرة، والإسلام، والسياسات الأوروبية.

ونجح التجمع الوطني في حصد نسبة كبيرة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية والمحلية، مما أكسبه نفوذًا سياسيًا متزايدًا على الساحة الفرنسية.

ويعتبر ملف الهجرة من أكثر الملفات حساسية في النقاش العام الفرنسي وهناك مخاوف كبيرة من دخول الأجانب بسبب حوادث وعمليات الإرهاب مؤخرا.

واستطاع اليمين المتطرف إثارة مخاوف واسعة النطاق من تأثير الهجرة على الثقافة الفرنسية وسوق العمل والأمن الداخلي، واستغل هذه المخاوف لترويج سياسات صارمة ضد الهجرة، مما يؤدي إلى تصاعد التوترات الاجتماعية والعرقية.

الأمن الداخلي

مع تزايد الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة، زاد الشعور بعدم الأمان بين المواطنين خاصة أن فرنسا كانت أكثر الدول الأوروبية التي استهدفها الإرهاب.

اليمين المتطرف استخدم هذا الشعور لتقديم نفسه كحامي للأمن والنظام، واستطاع دعم شعبيته وجذب العديد من الناخبين الذين يبحثون عن حلول فورية لمخاوفهم الأمنية.

وحدة الاتحاد الأوروبي

صعود اليمين المتطرف في فرنسا يُثير مخاوف من تفكك الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن مواقف هذه الأحزاب المعادية للاتحاد الأوروبي قد تشجع دولًا أخرى على انتهاج سياسات انعزالية مما يهدد الوحدة الأوروبية.

وسيؤثر صعود اليمين المتطرف على سياسات التعاون الأمني الأوروبي، حيث تميل هذه الأحزاب إلى تبني سياسات وطنية على حساب التعاون الدولي، وقد يعرقل هذا الوضع  جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على مستوى القارة.

التضامن الاقتصادي

تواجه أوروبا تحديات اقتصادية تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الدول الأعضاء، إلا أن الأحزاب اليمينية المتطرفة غالبًا ما تعارض السياسات الاقتصادية التضامنية مما قد يعقد جهود التعافي الاقتصادي المشترك.

وحذر مراقبون من أن السياسات الاقتصادية الانعزالية التي يتبناها اليمين المتطرف تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية بدلاً من حلها.

تأثير مخيف على الناتو

تؤثر سياسات اليمين المتطرف على التزامات فرنسا تجاه حلف الناتو ويمكن أن يؤدي تبني سياسات انعزالية إلى تقليص التعاون العسكري الفرنسي مع الدول الأعضاء في الناتو.

كما أن عدم الاستقرار السياسي في دولة محورية مثل فرنسا قد يؤثر على استقرار المنطقة الأوروبية بأكملها، مما يشكل تحديات جديدة لحلف الناتو.

وقد تؤدي الاضطرابات السياسية إلى زيادة التوترات بين الدول الأعضاء وتعرقل الجهود المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي.

العلاقات مع الولايات المتحدة

التغيرات السياسية في فرنسا قد تؤثر على علاقاتها مع الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي في حلف الناتو، مما يضعف التحالف بشكل عام.

التباينات السياسية بين الحكومات قد تؤدي إلى تضارب في السياسات الاستراتيجية والدفاعية.

تحديات كبيرة

يمثل صعود اليمين المتطرف في فرنسا تحديًا كبيرًا على المستويين المحلي والأوروبي، ويثير مخاوف بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي واستقرار حلف الناتو.

يتطلب هذا الوضع استجابة شاملة من كافة القوى السياسية والمجتمع المدني للعمل على معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة وتقديم بدائل تسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار.

تحقيق هذا الهدف يتطلب تضافر الجهود لتعزيز التماسك الاجتماعي، وتعزيز التعاون الأوروبي، ودعم سياسات اقتصادية واجتماعية شاملة تعالج المخاوف الأساسية للمواطنين.

ربما يعجبك أيضا