زيادة استثمارات الطاقة الخضراء.. كيف تغذي مخاطر التضخم؟

ولاء عدلان

"أوبك": سيظل العالم متعطشًا للنفط في المستقبل المنظور، بفعل نقص الاستثمارات المتدفقة في الصناعة وسط تركيز الدول على سياسات المناخ.


ارتفع إنفاق حكومات العالم والشركات على التحوّل إلى الطاقة الخضراء أو منخفضة الكربون خلال العام الماضي 2021 إلى 755 مليار دولار، بزيادة 27% عن العام 2020.

في المقابل، تراجع حجم الاستثمارات في قطاع المنبع “التنقيب والاستكشاف” في صناعة التفط والغاز في 2021 إلى نحو 341 مليار دولار، أي أقل بـ23% من مستويات ما قبل جائحة كورونا “525 مليار دولار”، ما عزز مخاوف “التضخم الأخضر” وتداعياته على سوق النفط واقتصادات العالم.

إشكالية زيادة استثمارات الطاقة الخضراء

قالت بلومبرج في تقرير نشرته في يناير الماضي، إنه للوصول بصافي الانبعاثات الكبرونية إلى “الصفر” بحلول منتصف القرن الحالي، يجب زيادة الاستثمارات في مشاريع تحول الطاقة والوصول بها إلى 2.1 تريليون دولار خلال الفترة من 2022 إلى 2025، مضيفة أن الطاقة المتجدّدة تحتاج إلى النمو سريعًا، لتوفير طاقة نظيفة كافية للاستبدال بالوقود الأحفوري.

لكن منتدى الطاقة الدولي في تقرير مشترك مع مؤسسة “آي أتش إس ماركت” للخدمات المالية، يقول إن زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة الخضراء حاليًا مع تراجع الاستثمارات في صناعة النفط والغاز، قبل أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة جاهزة لتلبية الطلب على الطاقة، عوامل يمكن أن تؤدي إلى استمرار أزمة ارتفاع أسعار الطاقة لفترة أطول، وندرة في مصادر الطاقة التقليدية.

زيادة استثمارات النفط والغاز ضرورة

الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية، أكبر شركة للنفط في العالم، أمين الناصر أوضح أنه مع تعافي الاقتصاد العالمي، انتعش الطلب على النفط والغاز، لكن نظرًا لأن الاستثمار في هذا القطاع يتراجع، تتباطأ الإمدادات ويحدث شح المعروض، مضيفُا أن الاستثمار في النفط والغاز مطلوب جنبًا إلى جنب مع الاستثمارات في الطاقة الجديدة حتى تتمكن الأخيرة من تلبية الاستهلاك المتزايد بواقعية.

ويرى أمين عام منظمة أوبك محمد باركيندو، بحسب حديثه خلال مؤتمر للطاقة في القاهرة في 14 فبراير الجاري، أنه في حال استمر الطلب على النفط والغاز في النمو وفقًا لتوقعات أوبك، سيظل العالم متعطشًا للنفط في المستقبل المنظور، بفعل نقص الاستثمارات المتدفقة في الصناعة وسط تركيز الدول على سياسات المناخ.

التضخم الأخضر

حذرت عضو المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل في يناير الماضي، من أن مساعي القارة لتحقيق صافي صفري للانبعاثات الكربونية بحلول 2050، قد تؤدي إلى استمرار ارتفاع التضخم لفترة أطول أعلى سقف مستهدف “المركزي” عند 3.2% هذا العام و1.8% في 2023، لافتة إلى أن التحول الأخضر سيقود إلى رفع أسعار الطاقة والتضخم بالتبعية.

المدير التنفيذي لصندوق البنك الدولي د.محمود محيي الدين اعتبر في مقال نشر في فبراير، أن سوء الإدارة الاقتصادية في التعامل مع تغيرات المناخ تسبب فيما يمكن أن نطلق عليه التضخم الأخضر، عبر الانسحاب المرتجل من الاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية والهرولة إلى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة، وزيادة نسبة إسهامها في التضخم عالميًا.

التوازن المطلوب

أوضح الدكتور محمود محيي الدين أن الإجراءات الحيوية اللازمة للتصدي لتغيرات المناخ رفعت، وسترفع تكلفة الحصول على مزيج الوقود من المصادر التقليدية، وتكلفة مصادر الطاقة البديلة، وهي عوامل لا يمكن تجاهلها عند حساب معدلات التضخم، ما يعني أن العالم في حاجة إلى وضع الإجراءات اللازمة لمعالجة تغيرات المناخ في إطارها المطلوب للإدارة الحصيفة للتحول نحو الحياد الكربوني.

الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي قال جوزيف ماكمونيجل قال في  تقرير: إن عامين متتاليين من نقص الاستثمار في قطاع النفط والغاز هما وصفة لارتفاع الأسعار والتقلبات خلال العقد الحالي، وهذا سيضعف آفاق الانتعاش الاقتصادي الشامل والمستدام الذي يريده المنتجون والمستهلكون والحكومات، كما أنه سيعيق خيارات الانتقال السلس للطاقة الخضراء.

ربما يعجبك أيضا